الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
رسالتك واضحة ومفهومة جدًّا، فالذي يُهيمن عليك هو قلق المخاوف، والذي أتصوره أنه ربما يكون لك بعض الاستعداد للقلق، أي أن التركيبة النفسية والسلوكية لشخصك الكريم في الأصل تحمل هذه السمات، وحين تأتي أي أحداث أو ظروف حياتية تكون أنت طرفًا فيها يحدث لك القلق والتوتر، فأنت مثلاً حين تعرَّضتَ للخبر المزعج بدأتْ لديك المخاوف والوسوسة بصورة جليَّةٍ جدًّا، والإنسان سلوكيًا هو نتاج تفاعل بين ما يُسمى بالأسباب المُهيئة -أي التركيبات والحوافز النفسية الداخلية- مُضافًا إليها العوامل المرسِّبة، وهي التغيرات البيئية والأحداث الحياتية التي يتعرض لها الإنسان.
أيها الفاضل الكريم: لا أريدك أن تعتبر حالتك حالة مرضية، بالرغم من تخوفك، بالرغم من هواجسك، بالرغم من معاناتك، بالرغم من أنك لديك النية أن تنتقل وتسكن بالقرب من المستشفى حتى تكون قريبًا من الإسعاف، أريدك أن تعتبر الحالة بسيطة، وأريدك أن تنطلق في الحياة، وأن تُحسن إدارة وقتك، وأن تتجاهل هذه الأعراض تمامًا.
التجاهل علاج، لكن التجاهل يتطلب الشكيمة والعزيمة والصبر والإصرار، هذه الأربعة مطلوبة لكي يتغلب الإنسان على هواجسه وعلى مخاوفه، وفي ذات الوقت لا بد أن تكون هنالك أنشطة أخرى، أنشطة مخالفة مثل: ممارسة الرياضة، الإكثار من التواصل الاجتماعي، الحرص على تطوير المهارات، إن كان في جانب العمل أو التطور الأكاديمي، هذا كله مطلوب ومطلوب جدًّا ولا شك في ذلك.
كما أنه -يا أخِي- ممارسة الرياضة تعطي الإنسان مشاعر إيجابية جدًّا، فاحرص عليها، والنوم الليلي المبكر مطلوب، والتمارين الاسترخائية وجد أنها مفيدة جدًّا كأحد مسارات العلاج السلوكي، فاحرص عليها -أخِي الكريم- يمكن أن يُدرِّبك عليها أحد المختصين، أو يمكنك أن تستعين بأحد المواقع على الإنترنت، أو ترجع لاستشارة إسلام ويب والتي هي تحت رقم (
2136015).
أخِي الكريم: ليس من الضروري أن يتخلص الإنسان من قلقه بالكلية أو من خوفه، فالقلق مطلوب كطاقة نفسية إيجابية، الذي لا يقلق لا ينجح، الذي لا يخاف لا يحمي نفسه، الذي لا يوسوس لا ينضبط، الذي لا يهتم لا شك لا يكون يقظًا ولا متحوطًا، فهذه كلها طاقات نفسية مطلوبة، لكن يجب أن نكبح جماحها إذا اشتدَّتْ ونحولها من السلبية إلى الإيجابية.
هذا -يا أخِي الكريم- هي المبادئ الأساسية التي يجب أن نعتمد عليها.
أريدك أيضًا أن تقرأ بعض الكتب المفيدة، ومنها كتاب ديل كارنيجي (كيفية التخلص من القلق) واسم الكتاب على وجه التحديد (كيف تتخلص من القلق وتبدأ حياتك)، كتاب الشيخ عائض القرني (لا تحزن) أيضًا من الكتب المهمة والمفيدة، وفيه الكثير من الإرشادات السلوكية الرفيعة جدًّا وفي صياغ إسلامي، فحاول أن تقرأ هذين الكتابين وتُطبق ما بهما، أعتقد أن ذلك سوف يكون مفيدًا جدًّا بالنسبة لك.
أيها الفاضل الكريم: احذر تمامًا من التردد على الأطباء، هذا لا يعني أننا نريد أن نحرمك من التأكد من صحتك، لا، القصد هو أن تذهب إلى طبيبٍ واحدٍ في فترات متباعدة من أجل الفحص الدوري، يعني مثلاً: مرة كل ثلاثة إلى أربعة أشهرٍ، هذا وجد من أفضل الطرق التي تُقلل كثيرًا من المخاوف المرضية، فاجعل هذا هو نهجك، وإن شاء الله تعالى تجد أن مخاوفك وتوتراتك ووساوسك حول الأمراض قد قلَّتْ تمامًا إلى أن تذهب وتنتهي بالكلية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.