الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
التفكير بالزواج بعاطفة وإهمال العقل، وعدم النظر في توفر الشروط المطلوب توفرها في الزوجة سبب رئيسي لكثير من المشاكل الزوجية، فكثير من الشباب بل والأسر ينظرون إلى الصفات الجانبية والثانوية في الزوج أو الزوجة، فينظرون في الزوجة إلى نسبها وجمالها، وربما مالها، ويهملون ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: (تنكح المرأة لأربع لدينها وجمالها ومالها وحسبها فاظفر بذات الدين تربت يداك).
متانة الدين عند المرأة تثمر أخلاقاً حميدة، وهاتان الصفتان -الدين والخلق الحسن- هما الباقيتان مع المرأة بخلاف بقية الصفات فإنها قد تزول، فبعد الجمال قبح وبعد الغنى فقر، والدين والخلق مجتمعان هما صماما أمان للحياة الزوجية السعيدة الهادئة والمطمئنة.
إنك لم تخبرنا ما الأسباب التي أدت إلى المشاكل بينك وبين زوجتك وبهذه السرعة؟! هل السبب كونك أسكنتها في بيت أهلك أم أن ثمت أسباباً أخرى؟
إنني هنا أذكرك بالله تعالى، وأطلب منك الجلوس مع نفسك جلسة مصارحة ومحاسبة، هل كانت أسباب المشاكل أو بعضها بسبب والدتك أو بسبب تعاملك معها؟ وإن كنت هنا لا أتهمك ولا أتهم والدتك، ولكن من باب الإنصاف من النفس، فكثير من الناس في حال الشكوى ينظر إلى صفات المشتكى به ويضخمها، ولا ينظر إلى صفاته ولا يعترف بأخطائه، وإن نظر إلى بعضها هونها.
إن رأيت أنك سبب في تلك المشاكل فلا عيب أن تعترف بخطئك وتعتذر لزوجتك، وتصفيا قلوبكما وتبدءا حياة جديدة، فالطلاق ليس بحل إلا في حال أنك بذلت كل أسباب الإصلاح ولم تصل معها إلى حل؛ لأنه قد صار بينكما ولد وهو من سيكون الضحية بينكما، ومن جملة الحلول إن كان السبب السكن مع أهلك أن تعتذر لأهلك بأسلوب حسن، وتطلب منهم أن يأذنوا لك في الانتقال إلى بيت مستقل، وذلك صائر اليوم أو غداً، خاصة مع كثرة الأبناء.
إننا -أيها الأخ الكريم- لا نقر هذه الفتاة على التجرؤ على ضرب والدتك، ولا على البصق في وجهك، فهذا ليس من الأدب، ولعل هذه الأخت صاحبة أعصاب محترقة، سرعان ما تغضب غضباً شديداً، يجعلها تفعل مثل هذه الأمور.
نصيحتي لك ألا تتعجل في الطلاق، واترك فترة الحمل للتفكير من قبلك، ومن قبلها، فلعل المولود يكون سبباً في رجوعكما، وابذل كل الأسباب الممكنة لرأب الصدع، ولأنك لو طلقتها في حال حملها ستبقى زوجة لك حتى تضع حملها؛ لأن عدة الحامل بوضع الحمل، فلو أردت أن تراجعها بعد الوضع ستحتاج لعقد جديد ومهر جديد، بخلاف ما لو طلقتها بعد أن تلد فسيكون الطلاق عن اقتناع من الطرفين، وستبقى لك مدة للمراجعة إن قدر الله لكما الرجعة.
إن لم يحصل الوفاق بينكما وانتهت عدتها فالأم أحق بحضانة الولد منك شرعاً، وعليك النفقة، قال تعالى بعد أن ذكر الطلاق: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ۚ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ ۚ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَٰلِكَ ۗ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ۗ وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).
أما حقوقها الآن فالنفقة عليها كونها لا تزال زوجة لك، وأما بعد الطلاق فمؤخر المهر إن كان باقياً في ذمتك، والنفقة والكسوة والمسكن أثناء العدة كون الطلاق هو الطلقة الأولى، والمتعة، وهي مال يعطيه الزوج لزوجته المطلقة، واختلف العلماء في حكمها فمن قائل بالوجوب ومن قائل بالاستحباب، وراجع الفتوى رقم (
140512) في موقع إسلام ويب، وإن كان أثاث البيت هي من قام بشرائه من مالها فهو ملكها، ما لم تتنازل عنه، وراجع الفتوى رقم (
120278) في نفس الموقع.
أسأل الله أن يصلح ذات بينكما إنه سميع مجيب.