انتابتني فكرة غريبة أفقدتني ثقتي بنفسي وتكاد تدمر مستقبلي، فما الحل؟
2015-11-11 03:53:17 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم..
أنا فتاة أبلغ من العمر 23 سنة، بدأت معاناتي عند مشاهدتي لإحدى الحلقات لبرنامج ما يتحدث عن امرأة اكتشفت بعد 40 سنة بأنها رجل، ورغم أنني فتاة طبيعية؛ إلا أن الهواجس بدأت تطاردني، على الرغم من سلامة جسمي، ونزول الدورة الشهرية، وأعيش حياة طبيعية كأي فتاة، سوى كنت أعاني من وسواس الطهارة وقلة الثقة في النفس، ومن وسواس فقدان غشاء البكارة، وبدأت أتساءل ماذا لو اكتشفت نفسي بأني لست فتاة؟
أصبحت بعد ذلك أعيش في دوامة، أعرف بأنها أفكار لاعقلانية، وما زاد الطين بلة هو أنه في الآونة الأخيرة تقدم شاب خلوق لخطبتي، وأنا موافقة عليه، إلا أنني أخشى من أن تؤثر هذه الأفكار علي بعد زواجي، فأرجو منكم المساعدة.
أصبحت أعيش في كآبة لا تطاق، وأشعر بأني لا أستحق هذا الرجل، أرجوكم ساعدوني، فقد كنت فتاة طبيعية قبل هذه الأفكار، أريد أن أتخلص منها وأعود طبيعية كما كنت، كما أنه ليس لدي مال لأذهب إلى اختصاصي ليكشف علي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ salma حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في استشارات إسلام ويب.
لا شك أن مخاوفك مخاوف وسواسية، هذا أمرٌ لا جدال حوله أبدًا، وهذا النوع من الوسواس لا يُعالج حتى عن طريق المقاومة، إنما عن طريق التحقير، حين تلوح لك الفكرة خاطبي الفكرة مباشرة قائلة: (أنت فكرة حقيرة، لن أهتمَّ بك أبدًا)، وأنصحك تمامًا ألا تدخلي في حواراتٍ أو إثباتاتٍ أو مناقشاتٍ، أو تبحثي عن طُرقٍ لتُثبتي أنوثتك، لا، أنت أنثى، والأمر قد انتهى، والأمر كله وسوسة وليس أكثر من ذلك.
وموضوع المرأة التي اكتشفت بعد أربعين عامًا أنها رجل، هذه الحالات موجودة ولكنها نادرة جدًّا، وهذه القِصص تُثير الفضول عند الناس، وأنا على ثقة تامة أن هذه الحالة -أي حالة هذه المرأة التي اكتشفتْ بعد أربعين عامًا أنها رجل- لا بد أنه كان لديها شيئا من علامات الذكورية، وهذا أمرٌ مفروغ منه.
فيا أيتها الفاضلة الكريمة: لا تبحثي عن أي نوع من الإقناع المنطقي لنفسك حول وساوسك، حقِّريها، ولا بد أن تتناولي دواءً مضادًا للوسواس، من الواضح أنك كنت عُرضة لوساوس سابقة، من الواضح أنك ربما تكوني عُرضةً لوساوس مستقبلية، لذا تناول الدواء في حالتك أعتبره واجبًا طبِّيًا، ومن واجبي أن أنصحك حقيقةً بالإسراع في ذلك، ولا تتعايشي مع الوسواس، من أخطر الأشياء أن يتعايش الإنسان مع وساوسه، لا، هذا لا أريده لك أبدًا، ووساوسك هي وساوس أفكار، ووساوس مخاوف، ووساوس قلق افتراضي، وهذا النوع من الوساوس يستجيب للعلاج الدوائي بصورة ممتازة جدًّا.
مضادات الوساوس مثل الـ (زولفت Zoloft) أو الـ (زيروكسات Seroxat) أو الـ (سبرالكس Cipralex) أو الـ (بروزاك Prozac) كلها أدوية رائعة ورائعة جدًّا، لكن يجب أن تلتزمي بجرعتها وتتبعي الإرشادات الطبية التي سوف يعرضها عليك الأخ الطبيب النفسي، فاذهبي ولا تتأخري أبدًا، وإن شاء الله تعالى في خلال أربع إلى ست أسابيع من بداية العلاج سوف تحسِّين بتحسُّنٍ كبير، كبير جدًّا، وهذا -إن شاء الله تعالى- يُخلِّصك من هذه الوساوس القبيحة.
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
________________________________________________
انتهت إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم -استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان-.
وتليها إجابة الدكتورة/ رغدة عكاشة -استشارية أمراض النساء والولادة وأمراض العقم-.
______________________________________________
من الواضح -يا ابنتي- بأنك إنسانة ذكية وفطنة، فأنت مدركة بأن الحالة عندك هي حالة إلحاحية، وقادرة على تحديد سببها وتوقيت بدئها، لذلك أرجو منك أن تطبقي كل ما أفادك به مستشارنا الفاضل الدكتور/ محمد عبد العليم -حفظه الله-، ففي إجابته لك ستجدين كل الفائدة -إن شاء الله تعالى-.
وأحب أن أقول لك حقيقة علمية وطبية هي:
أن مجرد نزول الدورة الشهرية عندك يعني حتما بأن لديك رحما ومبيضين، وأنهما يعملان بشكل طبيعي، أي أنك أنثى حقيقية، وأن صبغيات الأنثى موجودة في داخل كل خلية من خلايا جسمك (نوع الصبغيات هو الذي يحدد جنس الإنسان )، وأن نزول الدورة عندك وحده كاف لينفي أن تكوني من ضمن الحالات التي سمعت عنها في التلفاز، فمثل تلك الحالات تعتبر نادرة جدا جدا، وهؤلاء النساء لا يحضن إطلاقا، والسبب ببساطة هو أنه ليس لديهم رحم ولا مبيضين، وهن لسن نساء حقيقيات.
إن الحالة التي سمعت عنها في التلفاز هي في الأصل حالة ذكر، وخلايا جسمه كلها تحوي على الصبغ الذكري، لكن وبسبب وجود خلل خلقي في عمل بعض الإنزيمات في هذه الخلايا؛ فإن هرمون الذكورة في جسمه لا يعمل بشكل صحيح، مما يؤدي إلى عدم تطور أعضائه الجنسية الذكرية، فيبقى جسمه على حالة شبه محايدة تميل بالشكل الظاهر إلى الأنوثة، ولكن من الباطن لا تحوي على رحم ولا مبيضين، ومثل هذه الحالة نسميها بلغتنا العربية الجميلة ( متلازمة التأنث الخصوي )، أي أن الحالة ذكر ولديه خصيتن، ولكن لا تعملان، فبقي شكله الخارجي فقط كالأنثى، لأن كل المضغ هي بالأصل مؤهلة جنينيا لأن تكون أنثى من الخارج.
والمشكلة في بعض وسائل الإعلام هي: أنها تقدم مثل هذه الأخبار ولكن بشكل منقوص وغير كامل، يفتقد إلى التوضيح العلمي والطبي، مما يجعل المشاهد ينظر إليها على أنها حوادث مثيرة أو مخيفة، أو أنها شائعة، وقد تحدث له في أي لحظة.
أكرر لك -يا ابنتي- بأن مجرد نزول الدورة الشهرية عند أي فتاة فإنه يعني حتما بأنها أنثى، ولا يوجد أي احتمال لأن تتحول إلى ذكر فيما بعد، فاطمئني تماما من هذه الناحية.
أسأل الله عز وجل أن يديم عليك ثوب الصحة والعافية دائما.