زوجي لا يُشعرني بالثقة في قدراتي ومعلوماتي!
2024-02-05 10:29:27 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا متزوجة حديثًا، وكل بداية تكون صعبة، وأشعر أن شخصيتي ضعيفة وخجولة، ولا أملك القدرة على تغيير الخطأ، وزوجي إنسان رائع ويحبني، لكن فقداني للثقة في نفسي بدأ يزداد يومًا بعد يوم، وإن لم أكن قوية وصابرة تكون حالتي أسوأ.
مشكلتي مع زوجي أنه لا يُشعرني بالثقة في قدراتي ومعلوماتي، وكثيرًا يصارحني بذلك، ولكن لا أكترث لذلك، وهذه المشكلة قللت من ثقتي، وأصبحت لا أقدر على أن أكون شخصية فاعلة وقيادية، ولا أجيد غير البكاء.
من أين أبدأ في الإصلاح؟ أريد كسب احترام زوجي وثقته بقدراتي، أسعى إلى تغيره في ما أراه أمرًا خاطئًا، خاصة في الجانب الديني، وأنا أرفض تمامًا أن يُقلِّل من شأني أمام الناس، وهذا يحصل، ولا أريده مستقبلًا أن يُقلِّل من قدراتي أمام أولادي، فحلمي أن أكون امرأة صالحة فاعلة في بيتها، امرأة يكون لها هيبتها وقيمتها في البيت ومع زوجها وأولادها، لكنني متأكدة أني لن أتطور ما دمت على الحال نفسه.
أرجو الرد على الرسالة، والنظر إلى مشكلتي باهتمام، ساعدوني بارك الله فيكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك - ابنتنا الكريمة - في موقعك، ونشكر لك الاهتمام، وحسن العرض للسؤال، وهذا التواصل يؤكد لنا قدرتك على التغيير بحول وقوة ربنا القدير، ونسأل الله أن يعين زوجك على فهمك وحسن التعامل معك، ونود تواصله معنا، ونؤكد لك ولكل فتاة أن قوة المرأة في أنوثتها وحيائها بعد إيمانها، وهذا الطموح والتطلع إلى الأحسن يشكر لك، فتوقفي عن البكاء، واستعيني بخالق الأرض والسماء، وتوكلي على من بيده الخيرات والسعادة والهناء.
لا نوافق زوجك على التقليل منك خاصة أمام الآخرين، ولا نقبل بتأثرك الزائد، ونذكرك بأننا بشر والنقص يطاردنا والكمال محال، وفي زوجك وفينا جميعا النقص والخلل، والعاقلة مثلك إذا نبهت تنبهت، ورحم الله الفاروق القائل: (رحم الله من أهدى إلينا عيوبنا)، ونتمنى أن تظهري ما ميزك الله به، ومن المهم أن تتعرفي على نقاط القوة عندك ثم تجتهدي في تنميتها، والبناء عليها بعد شكر الوهاب، وبالشكر تنالين المزيد كما وعدنا الكريم المجيد القائل: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7].
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، وعليك بالصبر، واجعلي همك إرضاء الله، وتفاهمي مع زوجك في هدوء، واطلبي منه التعاون على البر والتقوى، وثقي بأنه اختارك وهو بلا شك يحبك، ولذلك فهو يتطلع إلى صعودك إلى سلم المعالي، وعليه أن يغير الأسلوب حتى تصلا إلى النتيجة المرجوة -بحول الله وقوته-، والزوجة الصالحة عون لزوجها ومكملة له، والزوج الصالح عون لزوجته ومكمل لها، والنساء شقائق الرجال، واعلمي أن ثقة الإنسان تزداد بزيادة إيمانه، ثم بتطويره لمهاراته، ثم بفهمه لرسالته، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد وأن ينفع بكم البلاد والعباد.
+++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة: د. أحمد الفرجابي -مستشار الشؤون الأسرية والتربوية-،
وتليها إجابة: د. أحمد المحمدي -المستشار التربوي-.
+++++++++++++++++++++++++
فنسأل الله أن يفرج الكرب، وأن ينفس ما تعسر على البشر تنفيسه، وأن ييسر بقدرته ما كان عسيراً على خلقه، وأن يلهمك طريق الصواب، وأن يرشدك إلى الحق، وأن يأخذ بناصيتك إليه.
وأمَّا بخصوص ما تفضلت به فإنا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولًا: من خلال حديثك بدا لنا أمران هامان:
1- أنت مقتنعة من داخلك -ونحن كذلك- أن لديك قدراتك الخاصة، وقد ظهر هذا في قولك (مشكلتي مع زوجي الذي لا يملك الثقة في قدراتي ومعلوماتي).
2- لديك العزيمة والإرادة الكاملة على التغيير والوصول إلى الأحسن، وقد ظهر ذلك في قولك: (من أين أبدأ في الإصلاح؟) وهاتان النقطتان هما البداية التي يجب أن ننطلق منها، والتي مفادها: أنت إنسانة لديك قدرتك، ولديك هدف نبيل تريدين الوصول إليه، ولديك واقع تحتاجين إلى تغييره بالعمل لا بالكلام أو التمني.
ثانيًا: أول ما ينبغي عليك -أختنا- القيام به حذف كلمة المستحيل من قاموس حياتك، واعلمي أنك متى ما استطعت أن تخرجي من عالم مستحيل إلى عالم ممكن، استطعت أن تجتازي تلك المرحلة وبسهولة ويسر، وما عليك إلا الإيمان بالله ثم الثقة بنفسك.
ثالثًا: الثقة بالنفس إحساس داخلي تستشعرين به فيترجم إلى مواقف ثابتة وحركات مستقيمة، فلا يهزك النقد ولا يثنيك التجاهل، ذلك أن الهدف أمامك واضح وأنت سائرة إليه متوقعة تلك العقبات ومؤمنة بأنك قادرة على تخطيها.
رابعًا: حتى تتعمق الثقة وتتجذر داخلك لا بد أن تحذري من ثلاث عقبات:
1- تهويل الأمور وتضخيم المواقف، والصواب أن ننظر إلى النقد أو التجاهل أو التقليل أو غيرها مما ذكرت بلا تهويل ولا تهوين، ندرس بهدوء هذا النقد فإن كان فيه الصواب أخذناه وإن كان خطأ رددناه، كل هذا ونحن سائرون نحو الأهداف التي وضعناها لأنفسنا.
2- احذري من اعتبار نقد زوجك أو غيره المعيار الحقيقي للصواب أو الخطأ، فهذا خلل خطير، ذلك أن المعيار الحقيقي لمعرفة الصواب من الخطأ هو الأصول والمبادئ المتعارف عليها شرعاً وليس نقد الآخرين.
3- احذري كذلك من كثرة التفكير في كل انتقاد يوجه إليك، فهذا أيضاً خطأ لأن كل إنسان له ثقافته ورؤيته، وليس كل كلام الناس صواباً، كما أن أفعالك كلها ليست صواباً، والاستسلام لكلام الناس واعتبار حديثهم أمراً مقدساً له تبعاته السلبية، فقد يتطور ويصل إلى حد احتقار الذات في الخلوة ببعض الألفاظ التي قد تدمر الشخصية، مثل: " أنا عديمة الثقة " أو " أنا فاشلة " أو غير ذلك من العبارات الفارغة والتي قد تشكل خطراً جسيماً على النفس؛ لأنها تزيد من اقتناعك بكلام غيرك، وهذا خطأ.
خامسًا: نريد أن ننصحك بعدة أمور ونرجو منك التركيز فيها:
1- أنت إنسانة طبيعية جدًا، والخلل الموجود لا يكمن في عدم قدرتك ولكن يكمن في عدم اقتناع الزوج بقدرتك، وهذا فارق هائل لا بد من التنبيه عليه.
2- التعرف على الأسباب التي تدفع الزوج إلى عدم الاقتناع بك أمر هام، لكن لا تصرفي إليه كل جهدك.
3- لا تتوقفي وأنت تعالجين الأخطاء، ولا تنظري إلى نفسك بعين غيرك.
4- اجعلي لك معياراً تقيسين عليه أفعالك، ولا يخفاك أن المعيار المقدس الوحيد كتاب الله وما صح عن رسول الله (ﷺ).
5- الخطأ ليس هو الفشل، بل الخطأ جسر طبيعي للوصول إلى النجاح.
6- اجتهدي في شغل أوقاتك في طاعة الله عز وجل، فلا تطمئن القلوب ولا تهدأ إلا بالدين.
7- التعرف على بعض الأخوات الصالحات أمر جيد، فالمرء بإخوانه.
نسأل الله أن يوفقك وأن يسعدك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، ونحن في انتظار رسائلك التي تبشرنا بصالح حالك، والله المستعان.