ترك الحجاب من أجل العمل
2004-12-30 05:05:02 | إسلام ويب
السؤال:
أنا فتاة أبلغ من العمر 25 سنة، من بلد عربي ومسلم، أنا ـ والحمد لله ـ متحجبة منذ سنتين، ومنذ 6 أشهر حصلت على شهادتي العليا في الهندسة، ومنذ ذاك الوقت وأنا أبحث عن عمل، وهنا تكمن المشكلة: إذ إني وجدت أن الحجاب يشكل سبباً رئيسياً في عدم حصولي على عمل إلى حد الآن!
أنا الآن حائرة جداً! هناك من يقول لي أن أزيل الحجاب عندما أدخل إلى العمل، وأضعه حين أخرج! وهناك من يقول لي أن أزيله كلياً حتى أستقر في عمل؛ لأن للضرورة أحكاماً! وهناك من يقول لي: إن الأرزاق بيد الله، وأن الله سيسهل علي بعمل دون أن أزيل الحجاب!
أنا لا أعرف ماذا أفعل؛ لأنني لا أستطيع أن أجلس دون عمل، وفي نفس الوقت لا أريد أن أغضب الله!
أرجوكم ساعدوني على اتخاذ القرار الصحيح بإرسال رأيكم في مشكلتي، وشكراً!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
ابنتي الفضلى/ ليلي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله أن يوفقك ويسدد خطاك، وأن يعننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته!
فلا خير في عمل أو وظيفة تكون على حساب الدين والأخلاق، واعلمي أن للمعاصي شؤمها: ((فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ))[النور:63]، واعلمي أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين، وإنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها؛ ولذا قال عليه صلاة الله وسلامه: (فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، فخذوا ما حل ودعوا ما حرم عليكم). ولا ينبغي أن يحملنا استبطاء الرزق على طلبه بالمعاصي.
وإذا فقد الإنسان الوظائف، فما ينبغي أن يفقد دينه وقيمه، ولا داعي للقلق! فلكل أجل كتاب، وعلى الإنسان أن يسعى، ويتخذ الأسباب، ثم يتوكل على الوهاب، وقد تحجبت بعض المسلمات فطردن من الوظائف التي يسيطر عليها السفهاء الأشرار، وفتح الله لهن أبواب الخير والرزق والتوفيق، وهكذا يدافع الله عن الذين آمنوا، وييسر أمر من يتقيه، قال تعالى: ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ))[الطلاق:2-3]، وقال سبحانه: ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا))[الطلاق:4].
فتمسكي بحجابك، وحافظي على وقارك! واعلمي أن الشيطان لا يأمر الإنسان بالمعصية مرة واحدة، ولكنه يتدرج معه بخطوات، ويزين له المخالفات؛ ولهذا نهي المسلم عن اتباع خطواته، فقال سبحانه موجهاً للمؤمنين: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ..))[النور:21]، وأخبر سبحانه أن الشيطان يزين القبيح، فقال سبحانه: ((وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ ..))[الأنفال:48] فتعوذي بالله من شياطين الإنسان والجن! واعلمي أن الله يراك، فاتق الله حيثما كنت! واعلمي أن المسلم يطيع الله في كل زمان ومكان، والغاية عندنا لا تبرر الوسيلة، فلابد أن تكون الغاية مشروعة، والوسيلة شريفة مقبولة.
وصدق وأحسن من قال لك الأرزاق بيد الله وأن الله سوف يسهل عليك دون أن تنزعي حجابك، والصواب أن العبد قد يحرم الرزق بالذنب يصيبه، وما عند الله لا ينال إلا بطاعته، وعليك بالصبر والتوكل على الله وكثرة الاستغفار: ((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ ...))[نوح:10-12].
واجتهدي في البحث عن عمل تراعى فيه ضوابط الشريعة، واختاري لنفسك مكاناً ليس فيه اختلاط بالرجال، وابحثي عن وظيفة لا تؤثر في أنوثتك، ورسالتك الأصلية في الحياة! ولن تكون الوظائف والشهادات بديلاً عن الأمومة، ولن تسعد المرأة إلا في مملكتها وبيتها، وها هي المرأة الغربية تفكر في العودة إلى بيتها، ولكن هيهات وهيهات! وقد صرح الكثيرات منهن بأنهن يتمنين عشر ما تنعم به المرأة المسلمة!
وأرجو أن نحمد الله أن خصنا بهذا الدين الذي أكرم المرأة أماً، فجعل الجنة تحت أرجل الأمهات، وأكرمها بنتاً، فجعل الجنة مكاناً لمن أحسن للبنات والأخوات، وأكرمها زوجة، فقال خير الرجال صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي).
وقد ضمنت الشريعة للمرأة المسلمة كفالتها، وأمرت الرجال بالإنفاق على البنات، وأوجبت على الأزواج الإنفاق على الزوجات، فالمرأة المسلمة عزيزة وغالية، تبذل من أجلها الأموال، وترخص في صيانتها الأرواح، ونسأل الله أن يرزقك بزوج صالح يغنيك، ويسعدك، وأن يسهل لك الأمور، وأن يرزقنا الصلاح والثبات!
والله الموفق!