لماذا يتفاوت الناس في أعراض ممارسة العادة السرية؟
2016-10-17 03:26:17 | إسلام ويب
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم
أود عرض مشكلتي التي تتعلق بالإدمان على المواقع الإباحية والعادة السرية، وأنا أقلعت عنها قرابة ستة أشهر بعدما تأذيت منها نفسيا وجسديا، ولكني عدت لها في ظروف معينة، ولكن بمعدل أقل فتأذيت مرة أخرى بصورة أقل، والآن أود تركها نهائيا، وقد أقلعت عنها منذ زمن قريب، ولكن أود أن أسال بعض الأسئلة، وأرجو الرد، وعدم الإحالة لأي استشارة سابقة أرجوكم.
1- أحس باللامبالاة وأنه ما المشكلة إذا استمررت في ذلك! ومع أني أعلم أنها حرام ومضرة، ولكن هناك صوت بداخلي يدعوني للاستمرار مع تخفيف المعدل، والحقيقة أني سابقا كنت أدافع هذه الأفكار بشدة دائمًا وصرامة، أما الآن فأظل أفكر فيها وآخذ وأعطي كما يقال، وأكاد أقتنع، أقصد أني لا أقاومها بالشدة المعهودة، وكأني تغيرت أو ضعفت، فأرجو الرد.
2- ما السبب في أن الأشخاص متفاوتون في أعراض ممارسة العادة السرية، يعني شخص يتأثر بشدة، والآخر لا يتأثر بشيء نهائيا دراسيًا وذهنيا، فهذه شبهة قد تجعل الأشخاص يتساهلون مع هذا الذنب، وأرجو إيضاح السبب والرد على الشبهة تلك.
3- أنا لا أعمل إلا تحت ضغط شديد صاحب اللحظة الأخيرة، وكانت لدي ظروف دراسة دفعتني للتخلص من هذه الأمور، فلما قل الضغط عدت لها فما هو العلاج لهذا الخلل؟
4- أريد أن أجعل توبتي لله، وأن أتوب نهائيا عن هذه الأمور التي تأذيت منها كثيرا، وأنا أعرف أضرارها وأريد تركها للأبد، والله يعلم ذلك فساعدونا ولكم الأجر عند الله.
5- من خلال انتشارها أحس أحيانا أنها ليست بهذا السوء، يعنى من كثرة قراءاتي عنها وأعداد ممارسيها قل كرهها والاشمئزاز منها، فأرجو تفسير ذلك.
ونشكر لكم وجزاكم الله خيرا، وأرجو أن يرد على الدكتور محمد عبد العليم جزاه الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abdo saber حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أخي الكريم: لن أخوض كثيرًا في موضوع العادة السرية وممارستك لها وتهاونك في هذا الأمر، سوف أُجيب على أسئلتك إجابة مباشرة.
أخي الكريم: شعورك باللامبالاة حيال العادة السرية هو نوع من النكران النفسي، يعني أنك لم تُعظِّم أو تُقبِّح أو تأخذ بغلظة أمرها، وهذا هو الذي يجعلك غير مبال، واللامبالاة تُعالج من خلال العلاج التنفيري، وأفضل علاج تنفيري هو أن تذهب وتتابع الجنائز، تجعل ذلك أسبوعيًا، تذهب وتُصلي على الموتى، ولك أجر عظيم في ذلك -إن شاء الله-، قِيراط من الأجر، والقيراط قدر أُحد، ثم تتبع الميت حتى يُدفن، وتقف على حافة القبر وتتذكر هنا – أيها الفاضل الكريم – سكرات الموت، تسأل الله أن يُخفف ذلك عليك، ثم تتذكر ضمَّة القبر وسؤال الملكين، وتسأل الله تعالى أن يثبتك بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وفي تلك اللحظات تتذكر ممارستك للعادة السرية.
أيها الفاضل الكريم: هذا ليس ترهيبًا وليس تخويفًا، إنما هو علاج علمي اربط فيه بين ممارستك هذه وهذه المواقف العظيمة المهيبة، لم أجد علاجًا ناجعًا لهذا الأمر غير هذا.
الموت لا يُقابل باللامبالاة، لكن إذا عاشه الإنسان ومشى في الجنائز، أما إذا أخذه كأمرٍ من أمور الدنيا العادية، فهنا لن يقلع الإنسان عن ممارساته وسلوكه السيئ.
بالنسبة لسؤالك الثاني: ما سبب التفاوت بين الناس في تأثرهم أو أخذهم موضوع العادة السرية بجدية والبعض يتهاون أو يتساهلون مع هذا الذنب؟
أخي الكريم: الناس يتفاوتون في كل شيء، المنظومة الضميرية الإنسانية المعرفية هي التي تفرق بين الناس في هذا الأمر، وكما ذكرتُ لك هنالك مَن يُسخِّر النكران كدفاع نفسي سلبي، أي أن هذا الأمر سيئ، لكن أنا سوف أتركه وأنا لستُ بهذا السوء، إذًا هذا هو التفكير السلبي والانحرافي الذي يجعل الناس يتفاوتون، خاصة المتهاونين، أما أصحاب الضمائر اليقظة، أصحاب المعالي، أصحاب الأيادي العالية البيضاء، فهم ليسوا هكذا.
سؤالك الثالث: أنك لا تعمل إلا عندما تكون تحت ضغط شديد وفي اللحظات الأخيرة؟
مع احترامي الشديد لك، هذا أيضًا ناتج من النكران والضعف النفسي الذاتي، وعدم وجود رؤيا واضحة حول إدارة الوقت وتحديد الأهداف، الأهداف تُقسَّم إلى أهداف آنية، تُحقق في خلال أربع وعشرين ساعة، وأهداف متوسطة المدى، تُحقق في خلال ستة أشهر، وأهداف بعيدة المدى، وهي مآلات الحياة الإيجابية.
سؤالك الرابع أمره سهل، تأخذ بشروط التوبة الأربعة: أن تُقلع عن الذنب، أن تندم على الذنب، ألا تعود للذنب، وأن تُنقي نفسك، ويا أخي الكريم: الدفع نحو الفضائل، وخاصة بر الوالدين، والصلاة في وقتها، الصلاة المرتقية، الصلاة الخاشعة تُوقف ممارسة مثل هذه الذنوب؛ ولأن الحسنات يُذهبن السيئات؛ ولأن المتناقضات لا تلتقي في حيِّزٍ إنساني معرفي واحد.
نعم تُشير بعض الدراسات أن 85% من الشباب قد مارسوا العادة السرية، لكن هنالك تفاوت وتباين كبير في درجة هذه الممارسة، فالبعض يمارسها عرضًا، والبعض قد يُدمن عليها، وهكذا... فإذًا هي منتشرة، لكن هذا لا يُبرر أبدًا أنها ليست سيئة، هي سيئة، وهذا مثبت تمامًا، ولا يمكن لنا أبدًا أن نُبرر أو نقبل فعلاً ما دام سيئًا حتى وإن كان منتشرًا، فلا تستوحش قلة السالكين طريق الطهر والعفاف، ولا يغرنك كثرة الهالكين في السيئات.
المهم - أخي الكريم – في مثل هذه الأوضاع هو أن يُصحح الإنسان مساره، أن يلتفت إلى نفسه، وأن يعرف الحقائق، وأن يكون ذا عزيمة وشكيمة، والحياة فيها أشياء طيبة وراقية يمكن حتى أن يُدمنها.
أشكرك – أخي – كثيرًا على رسالتك الرائعة هذه، وكذلك على ثقتك في الشبكة الإسلامية.