هل فعلاً أعاني من الفصام؟
2016-10-17 06:35:15 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا شاب خريج إدارة أعمال، مررت في المرحلة الجامعية بعلاقة حب لمدة سنتين مع فتاة عبر الأنترنت، كنت متفوقا في الدراسة في بداية حياتي، حتى في الجامعة، نعم كنت بعيدا عن الله، ولكني لم أكن أرتكب الكبائر، وكنت أريد تحسين حالتي؛ لكي أكمل دراستي سريعا.
ذهبت إلى طبيب نفسي في البلد الذي كنت أدرس فيه، فأعطاني سيركوسات للاكتئاب، حيث اعتدل مزاجي، لكن كنت أميل إلى النوم كثيرا بسببه، ولم يعجبني حالي، رجعت لبلدي، وذهبت إلى طبيب آخر، فوصف لي عقار رسبردال، وأخبرني أني مصاب بمرض الفصام، لأن خالي مصاب بنفس المرض.
أخذت الدواء، فأحسست أني عديم الفائدة، وبعد مرور سنة، ذهبت إلى طبيب آخر، فأعطاني الإبليفاي 15 ملم، استمررت في أخذه، وكانت حياتي مملة، فقدت أصدقائي وجامعتي وكل شيء من هذه الأدوية، بحجة أن لي خالاً يعاني مرض الفصام.
بعدها أكملت الجامعة، وذهبت إلى الطبيب فخفف الجرعة إلى 5 ملم، أصبحت أفضل، وبدأت أقرأ في كتب النفس والتنمية البشرية، وعن مرض الفصام، وعن الأدوية التي تأخذ له، حيث أخبروني أن مدة العلاج سنة، ثم تحولت خمس سنوات، والآن لي عشر سنوات على نفس الحالة.
عندما قرأت عن الفصام لم أجد في نفسي أي عرض من الأعراض التي تذكر عن مرض الفصام، أحس أني ظلمت، وقرأت أن أدوية الفصام لا يمكن الاستغناء عنها مدى الحياة، وتسبب الإدمان، فقررت التوقف عن هذا الدواء تدريجيا.
صار تركيزي جيدا، وصرت أفتخر باعتمادي على نفسي، كنت أقيم الليل، وأقرأ البقرة، وتغيرت إرادتي، لكنني أصبحت عصبيا جدا، مما اضطرني للرجوع إلى أخذ الدواء، والذي يصيبني بنوع من البله.
أريد حلا لمشكلتي، بحيث لا أكون عصبيا عندما أترك الدواء، وانطلق بحياتي، وأفتخر بنفسي، أرجوكم، انصحوني نصيحة تشفي ما في قلبي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Sam حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أيها الفاضل الكريم: عدم الاتفاق حول تشخيص الأمراض النفسية ظاهرة معروفة، وهو يُشكل إشكالية كبيرة، نسبة الاتفاق في التشخيص بين الأطباء النفسيين لنفس المريض لا تتعدى أربعين إلى خمسين بالمائة.
إذًا أمر التشخيص هو أمرٌ معقد، أمرٌ واهٍ، والذي كنت أرجوه أن الطبيب حين ذكر لك أنك تعاني من مرض الفصام يجب أن يُوضِّح لك المعايير التشخيصية التي اعتمد عليها في ذلك؛ لأن المريض من حقه أن يعرف، وأنا لا ألوم أحدًا.
ملاحظاتي العامة – أيها الفاضل الكريم – هو أن أداءك من خلال هذه الرسالة أداء جيد، أفكار منظمة، تعبير عن الشعور حقيقي، لا أشاهد أي نوع من الاضطراب، لا في الفكر، ولا في المسلك هنا أو هناك، والأمر من وجهة نظري مُشجع، وقد أتفق معك لدرجة كبيرة أنك ربما تكون مررتَ بحالة ذهانية خفيفة، أو حالة وجدانية خفيفة، كان فيها شيء ممَّا يشبه أعراض الفصام، ولم يكن فصامًا حقيقيًا، والحمد لله تعالى أنت قد تجاوزت هذه المرحلة.
كلامي هذا – يا أخي الكريم – ليس من أجل أن أسرَّك وأضرَّك في نهاية الأمر، كلامي هذا نافذة علمية يجب أن تُعتبر، ويا حبذا لو تم تقييم حالتك من جديد، قطعًا أنا من خلال هذه المراسلات الالكترونية لا أستطيع أن أعطي تقييمًا كاملاً لحالتك، لا بد أن يكون هنالك حوار، لا بد أن يكون هنالك تاريخ تفصيلي للحالة، لا بد أن يكون هنالك تحليل للشخصية، والبحث عمَّا نُسميه بالمعايير الإكلينيكية للتشخيص. فأنا متفائل في حالتك حقيقة.
بالنسبة لعقار (إرببرازول) بجرعة خمسة مليجرام: هذه ليست جرعة علاجية، هذه جرعة وقائية، وإن كنتَ ترى فيها نفعًا، فليس هنالك ما يمنع أن تستمر عليها لمدة عامٍ مثلاً، وأن تكون في حالة مراجعة لطبيبك.
أيها الفاضل الكريم: أنت محتاج لأن تُحرِّك في نفسك ووجدانك وحياتك الآليات التأهيلية التفعلية والتفاعلية – كما أُسمِّيها – وهذه تعني: ممارسة الرياضة بكثافة، وحسن تنظيم الوقت، وحسن التواصل الاجتماعي، والتوازن الغذائي، والنوم الليلي المبكر، والحرص على الصلاة في وقتها في المسجد، والمشاركات الأسرية، أن تُرفِّه عن نفسك بما هو طيب وجميل، وأن تكون لك أهداف من حيث التحصيل العلمي، أو الولوج في سوق العمل.
هذا هو الذي أراه – أخي الكريم – سوف يفيدك، بغض النظر عن المسميات التشخيصية التي ذُكرتْ، أنت لست رجلاً مُعاقًا، أنت لست رجلاً متعطِّلا، نعم قد يكون هنالك شيء من ضعف الاستيعاب والتركيز، لكن هذا يتم تخطّيه من خلال ما ذكرته لك.
هذه هي رؤياي، والتي أسأل الله تعالى أن ينفعك بها، وأشكرك كثيرًا على تقديرك للشبكة الإسلامية وثقتك فيها.
حول الماضي وعشق تلك الفتاة: هذا أمرٌ قد انتهى، ورحمة الله واسعة، انظر للمستقبل بقوة وإدراك وأملٍ ورجاءٍ.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.