أعاهد الله تعالى على ترك المقاطع الإباحية لكني أعود لها ثانية!
2016-10-18 02:46:54 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيراً على هذا الموقع، وجعل ما تقدمونه في موازين حسناتكم.
أنا فتاة من أسرة ملتزمة -ولله الحمد-، ولكنني ابتليت بحب الصور، والمقاطع الإباحية، وفي كل مرة أُعاهد الله على عدم الرجوع والتوبة، ثم أستمر لفترة بسيطة، وبعدها يغويني الشيطان وأعود مرة أخرى، وأنا والله ما كتبت عن حالتي هذه إلا بعدما فقدت الأمل في جميع الحلول، وأنا نادمة وخائفة من عذاب ربي، فأفيدوني أفادكم الله، ولا تنسوني من دعائكم لعل منكم مُستجاب الدعوة.
جزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ السائلة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
نشكركم على تواصلكم معنا، ونسأل الله لك الهداية والصلاح، فمن المعلوم أن الإدمان إلى النظر للأفلام الإباحية يحتاج إلى الاستعانة بالله تعالى، والمعالجة الجذرية الشاملة، ويحتاج إلى القرار الشجاع، ومن الآن، والذي يمكن أن ننصح به للخلاص من النظر للأفلام الإباحية يكمن في الآتي:
_ بداية لا بد من التأكيد على معرفة الحكم الشرعي لهذا النظر، وأنه من المحرمات التي جاء النص بتحريمها في القرآن الكريم، والسنة الصحيحة، قال تعالى: "وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ، وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ، وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ، أَوْ آبَائِهِنَّ، أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ، أَوْ أَبْنَائِهِنَّ، أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ، أَوْ إِخْوَانِهِنَّ، أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ، أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ، أَوْ نِسَائِهِنَّ، أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ، أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[سورة النور اية ٣١].
وقال تعالى: {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا}، [الإسراء: 36]، وقال تعالى: {إن ربك لبالمرصاد}، [الفجر: 14]، وقال ابن عباس: يعني بحيث يرى ويسمع ويبصر ما تقول وتفعل وتهجس به العباد، وقال ابن كثير: يعني يرصد خلقه فيما يعملون، ويجازي كلا بعمله في الدنيا والأخرى، وسيعرض الخلائق كلهم عليه، فيحكم فيهم بعدله، ويقابل كلا بما يستحقه، وهو المنزه عن الظلم والجور"، ومن ذلك النظر إلى الحرام.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة: العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه)، متفق عليه، وقال ابن بطال: "أطلق على كل مما ذكر (زنى) لكونه من دواعيه".
_ وقبل الحديث عن طرق الخلاص من النظر إلى الأفلام الإباحية، لا بد من ذكر طرف من الأضرار على من أدمن على ذلك، فمن الأضرار: ضعف الإيمان، والتكاسل عن الطاعات، بل وكره الطاعة، والوقوع في عشق الصور، وتخليها دائما أمامه، مما يعطل الفكر والعقل فيصبح المدمن عضوا فاسدا في المجتمع، لا هم له سوى النظر والشهوة، فيصبح كالبهيمة التي لا تعقل، ومنها الخوف من الوقوع في الزنا لأن هذا النظر يهيج على ذلك، ومنها محاولة إفراغ الشهوة عن طريق العادة السرية، وهذا يؤدي إلى الضعف الجنسي عند الزواج أو العقم، ومنها الإكثار من المشاهدة دون توقف، فلا يحصل منها إشباع الرغبة، بل يستمر الإنسان في التمادي في ذلك، والاستمرار على ذلك خطره عظيم، ومنها الخوف من سوء الخاتمة، فنخشى أن يموت من فعل ذلك، وهو مواقع لهذا الأمر، ومنها الزهد والبعد عن الزواج؛ لأن من أدمن على ذلك زهد عن الزواج، ولا يرغب فيه، بل إذا تزوج لا يحب المعاشرة للطرف الآخر، ويظل باحثا عن النظر الحرام، ومنها أن من فعل ذلك حرم من الغيرة على المحارم، فيصبح لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر، ومنها أنه يحصل لمن وقع في هذا الإدمان الاضطراب النفسي، بسبب هذه المعصية، وقد يتطور الأمر إلى أن ينتحر ويقتل نفسه، ومنها أنه يخشى أن من أدمن على ذلك أن يصبح مجاهرا بمعصيته، داعياً إليها، ومن ثم يكون عليه وزره، ووزر من تبعه، وسار على طريقته.
_ والآن يمكن الحديث عن طرق الخلاص من الإدمان للنظر إلى الأفلام الإباحية:
1) الإقرار بالإثم والخطأ، وتصور حقيقة هذا المنكر، وأنك تريدين الخلاص، وضرورة مواجهة النفس الأمارة بالسوء، هذا جزء من المعالجة.
2) من العلاج التخطيط السليم للخلاص من الإدمان، وذلك بمعرفة أسباب الإدمان، ومنها الرفقة السيئة، ومنها عدم مراقبة الله تعالى، ومنها توفر الأجهزة الإلكترونية التي تسهل ذلك، ومنها الفراغ، ومنها التكاسل عن الطاعات، ومنها الوقوع في حبائل الشيطان، ومنها الجهل بمعرفة كيف تفرغ الشهوة بطريق مشروع، ومنها الجهل في البحث عن السعادة عن طريق التعاسة والحرام.
3) من خلال معرفة الأسباب يكون العلاج الناجع المفيد -بإذن الله تعالى- كالتالي:
* سرعة التوبة إلى الله تعالى بإخلاص وصدق، والعزم المؤكد من القلب على ترك هذا الأمر.
* الإكثار من الاستغفار والذكر وقراءة القرآن والمحافظة على الصلاة؛ والإكثار من قول لا حول ولا قوة الا بالله؛ وحسبنا الله ونعم الوكيل.
* الدعاء والتضرع إلى الله بطلب العفة، والبعد عن النظر الحرام في كل وقت، وخاصة في ساعات الاستجابة.
* السعي الجاد إلى التغيير بقرار شجاع، مع الاستعانة بالله تعالى، وذلك بتغيير العادات التي تدفع إلى مشاهدة الحرام، فلا تقفلي الغرفة على نفسك، ولا تكثري السهر، ولا تكثري الخلوة، وابتعدي عن كل ذلك، واتركي الرفقة السيئة، وأشغلي النفس بكل نافع ومفيد، ويجب إبعاد الأجهزة الإلكترونية المهيجة للحرام، وحذف جميع المقاطع التي فيها، وإذا حصل ترك النظر للأفلام الإباحية لفترة من الزمن ينبغي الحذر من الانتكاسة والعودة، وحمل النفس على الاستمرار، ومن وسائل التغيير السعي إلى طلب الزواج لما فيه من تكوين الاستقرار النفسي، وتفريغ الشهوة بطريق مباح.
* إذا لم يتيسر الزواج فينبغي الإكثار من الصيام وترك تناول الأطعمة الميجهة للشهوة.
* ومن أقوى العلاج استشعار عظمة الله ومراقبته في كل حال، وأنه مطلع عليك وسيحاسبك على نظرة الحرام، كما أوصى لقمان الحكيم ابنه، كما حكى الله عنه، قال تعالى: "يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ"، سورة لقمان اية ١٦.
وأخيراً: ترك الإدمان للنظر الحرام قرار بيدك، وأنتِ قادرة الآن على البدء في الخلاص من ذلك، فكوني الإرادة القوية، وحددي الهدف بدقة، وهو ترك الإدمان بالكلية، وكوني شجاعة وصبورة، وأبشري بخير.
كان الله في عونك.