أعاني من وسواس النظافة والشك، فما العلاج؟
2016-11-22 04:24:35 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب متزوج، أعاني من وسواس النظافة بشكل كبير جدا، حتى كادت يدي أن تتلف من كثرة الغسيل، وأنا كثير الشك في كل شيء -وخاصة الحشرات والحمام أعزكم الله- والموضوع يتطور ويزيد، حتى أصبحت أعاني من برودة شديدة، مع خوف في بعض الفترات.
أود منكم أن تصفوا لي بعض الأدوية غير الإدمانية، وليس لها أعراض انسحابية، كما أود منكم أن تصفوا لي كيفية العلاج السلوكي.
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالعزيز حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.
هذا نوع شائع جدًّا من الوساوس، وهذا الوسواس يكونُ قائمًا على فكرة وسواسية، والفكرة هي الخوف من التلوث من الأوساخ، ومن ثمَّ يأتي الفعل الوسواسي الطقوسي، وهو كثرة الغسيل، وهذه الحالة حالة مُعلَّة جدًّا لصاحبها، ويجب أن تُعالج أيها -الفاضل الكريم-.
إن قابلت طبيبًا ليضع لك برامج سلوكية ويُتابع معك هذا أفضل، وإن لم تتمكَّن أخي من ذلك البرامج السلوكية تقوم على مبدأ: أن تُحقِّر مبدأ الخوف من التلوث، وأن تنظر إلى ما حولك من أُناس وكيفية تعاملهم مع ما يُخيفك من وسواس، واجعل نفسك جزءًا من المجموعة المُحيطة بك من الإنسانية والبشرية التي تعيش حولك وعِشْ مثلهم، فالأمر يحتاج منك لشيء من التفكير وإعادة التفكير، وعدم قبول الوسواس ورفضه من زاوية أنه متسلط ومستحوذ، لكنه غير منطقي؛ ولذا يجب أن يُحقَّر.
التطبيقات السلوكية -أخي الكريم- مُقيَّدة ومُلزمة، لكن الكثير من الناس لا يستطيعون تطبيقها وحدهم، وذلك نسبةً لسطوة الوسواس الشديدة، مثلاً: يمكن أن تُحدِّد كمية الماء التي تريد أن تغسل بها يديك، هذه وسيلة ممتازة جدًّا، لا تغسل يديك من ماء الصنبور (الحنفية) أبدًا، وذلك لمدة أسبوعين.
وأريدك أن تُطبِّق تمرين بسيط جدًّا: قُم بوضع يدك في سلة المهملات (القمامة)، وتلمَّس ما بها من أوساخ، هذا التمرين أعرف أنه صعب عليك وحدك، لكنه تمرين ممتاز، وأنا أُطبِّقه في مكتبي: أمسْكُ بيد الأخ الموسوس وأُنْزِلْها في سلة النفايات، وأكونُ ماسكًا بيده لمدة خمس دقائق على الأقل، بعد ذلك يخرج الإنسان يده، واجعله يُلامس يده بيده الثانية، ويظلَّ على هذه الحال لمدة خمس دقائق، ثم بعد ذلك أُحدد له كمية من الماء في كوبٍ يغسل يده غسلتين، وليس أكثر من ذلك، هنا يكون الإنسان منفعلاً جدًّا وقلقًا جدًّا، ويكون الفكر الاستحواذي الإلحاحي الوسواسي متسلطاعليه ليجعله يبحث عن ماءٍ أكثر ويغتسل، لكن هنا أنا أكونُ معه وأمنعه من ذلك، وأنا كثيرًا ما أُطبِّق هذا التمرين على نفسي أمام الأخ الموسوس؛ لأن النموذج العلاجي مطلوب ومهم، وهذا علاج ناجح مائة بالمائة، لكنّه يحتاج منك إلى التزام بالتطبيق، وهذه أحد أصناف وأنواع العلاجات السلوكية المبسّطة جدًّا والمتاحة.
الجوانب السلوكية الأخرى هي: أن تُحسن تنظيم الوقت، وأن تمارس الرياضة، وألا تدع مجالاً للفراغ الزمني أو الذهني؛ لأن كليهما يؤدي إلى اجتذاب الوساوس.
العلاجات المضادة للوساوس فعّالة وممتازة جدًّا، ومن أفضلها البروزاك والذي يُعرف علميًا باسم (فلوكستين) وهو غير إدماني، الجرعة هي أن تبدأ بكبسولة واحدة لمدة أسبوع، ثم تجعلها كبسولتين لمدة شهرين، ثم ثلاث كبسولات -أي ستين مليجرامًا- يوميًا، يمكن تناولها كجرعة واحدة، أو بمعدل كبسولة في الصباح وكبسولتين ليلاً، وتستمر على هذه الجرعة العلاجية لمدة أربعة أشهر، ثم تخفضها إلى كبسولتين يوميًا لمدة أربعة أشهر، ثم كبسولة واحدة يوميًا لمدة أربعة أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
وفي بعض الأحيان أُعطي عقار (رزبريادون) بجرعة صغيرة، واحد مليجرام ليلاً لمدة شهرين، كعلاج تدعيمي وليس علاجًا أساسيًا، فالعلاج الأساسي هو البروزاك، وتوجد أدوية أخرى كثيرة مُشابهة للبروزاك، منها الفافرين، وكذلك السيرترالين، والذي يُسمى زولفت تجاريًا، كما أن السبرالكس أيضًا دواء مفيد، وكذلك الزيروكسات، لكن من وجهة نظري أن البروزاك سيكون هو الأفضل بالنسبة لك، وذلك لقلة آثاره الجانبية السلبية، والالتزام بالدواء وانتظار أثره التجمُّعي هو القيمة العلاجية الحقيقية، أما عدم الانتظام وقطع الدواء من وقتٍ لآخر فهذا يؤدي إلى نتائج سلبية جدًّا.
بارك الله فيك وجزاك خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.