أعاني من الخوف عند المشاجرة أو المشادة الكلامية، فما العلاج؟
2017-02-16 02:04:33 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب 29 سنة، أعاني من الخوف من الشجار على النحو الآتي:
لو أحسست أن الشخص الذي أكلمه سيتشاجر معي تزيد ضربات قلبي، وجسمي يرتعش، وأحس أني تائه لا أدرك أي شيء حولي، فما بالك إذا حصلت مشادة بيني وبين آخر في الكلام أو رفع صوته علي! تحدث معي نفس الأعراض، لكن بزيادة أكثر، لهذا أتنازل كثيرا وأتجنب المشاكل تماما وأتنازل عن حقي في أشياء كثيرة، ولا أعرف آخذ حقي أو بمعنى أدق أخاف أطالب به حتى لا تحصل مشكلة.
عندما كان عمري 18 سنة، تشاجرت مع شخص أكبر وأضخم مني، اجتمع هو وثلاثة آخرون علي وضربوني، وآسف! تبولت من شدة الخوف، ما يتعبني أن إخوتي الأصغر مني يرونني مثلا أعلى وشجاعا ومقداما، لكنهم لا يعرفون أي شيء مما أكتبه الآن! هم يرونني وأنا أتكلم بشكل عادي مع أي حد بجراءة أمامهم، فرسموا لي الصورة هذه في خيالهم.
آسف للإطالة، لكن أنا تعبت كثيرا لدرجة أني أصبحت أتجنب أن أخرج مع زوجتي خوفا من حدوث مشكلة أو أن يعاكسها أحد وأنا لا أقدر على حمايتها أو أن أتصدى للمشكلة وأسقط من نظرها.
أرجوكم ساعدوني، لو بأدوية أو أي شيء فأنا مستعد.
وشكرا لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكرك أخي على تواصلك مع إسلام ويب.
قطعًا – أخي الكريم – الواحد ليس محتاجًا أصلاً لأن يتشاجر مع الناس أو أن يُقاتل الناس، هذا يجب ألا يكون منهجنا أبدًا في التعامل مع البشر. التعامل بمكارم الأخلاق، بحسن الخلق، بفرض الذات من خلال أن نكون في أحسن الأخلاق هو المبدأ الأفضل أخي الكريم.
أبشرك بأنك لست جبانًا، هذا أمرٌ أؤكده لك، وخوفك هو خوف ظرفي، فيه شيء من الرهاب الاجتماعي، والخوف أمره عجيب جدًّا، فالتجارب السلبية المكتسبة دائمًا هي التي تبني الخوف عند بعض الناس. خوفك هذا نعتبره من المخاوف البسيطة ذات الطابع الخاص، وسببه قطعًا التجربة التي مررت بها حين اعتدى عليك ذاك الشخص الضخم ومعه ثلاثة وقاموا بضربك، هذا نوع من التنمُّر السخيف جدًّا، والذي أدَّى إلى تكوين منظومة من الخوف من المواجهات لديك.
أخي الفاضل: هذه حادثة قد انتهتْ، أنا أؤكد لك أنك لست بجبان أبدًا، والخوف له منظوره الخاص، فالإنسان يمكن أن يكون مروّضًا للأسود لكنّه يخاف من القط. هذه حقيقة، وأنت بفضلٍ من الله تعالى يُثني عليك أخوتك الأصغر منك، ويرون مثالاً للشجاعة والقوة. هذا أمرٌ جميل وأمرٌ عظيم، فهو دليل أن مظهرك ليس مظهر شخصٍ ضعيفٍ أو مُرتعدٍ أو خائفٍ، نعم نُقدِّر مشاعرك الداخلية، لكنّها مشاعر خاصّة بك وليست مكشوفة للآخرين.
فيا أخي الكريم: ما دام المظهر طيبا، هذا في حدِّ ذاته يجب أن يكون دافعًا علاجيًا بالنسبة لك، وأنصحك أن تتعرَّف على الصالحين من الناس، أن تكون معهم، أن تكون حولهم، اجعل نسيجك الاجتماعي من هؤلاء، لا شِجار، لا قتال، لا سخفٍ، إنما حُسن الخلق وطيب التعامل، فليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب.
ويا أخي الكريم: كن شخصًا مِقْدامًا في المناسبات، شخصًا فعّالاً، تُلبِّي الدعوات، تذهب للأفراح، تمشي في الجنائز، تزور المرضى، تمارس رياضة جماعية مع بعض أصدقائك مثل رياضة المشي أو الجري مثلاً،... هكذا – أخي الكريم – تستطيع أن تُقلِّص هذه المشاعر التي تأتيك من خوف ظرفي يؤدي زيادة في ضربات القلب وما يصحبها.
وأنا أقول لك: أن النظرية الفسيولوجية تقول أن الإنسان مثلاً إذا واجهه الأسد فالخيار واحد من اثنين: إمَّا أن يقاتل الأسد أو يهرب منه، وكلاهما يحتاج لإفراز كميات كبيرة جدًّا من مادة الأدرينالين، هي التي تؤدي إلى تسارع ضربات القلب، لأن القلب محتاج أن يضخ كميات أكبر من الدم ليزداد نسبة الأكسجين في العضلات، ليساعدنا إمَّا على القتال أو على الهرب. لكن هذا في حدِّ ذاته يزيد من الخوف بصورة سلبية جدًّا، ويجعل الإنسان في حالة من الغشاوة التي قد تُفقده تركيزه، وهذا هو الذي حدث لك.
أتمنى أن تكون قد استدركتَ - أخي الكريم – هذه المعاني التي ذكرتُها لك، وأرجو أن تطمئن، والحمد لله أنت رجلٌ مستقر، ومتزوج، وأحسبُ أن لديك عملاً، فحسِّن تواصلك الاجتماعي، وحقِّر هذا الفكر.
أما الدواء: فأصفُ لك دواءً بسيطًا جدًّا، وهو الـ (ديروكسات CR)، تناوله بجرعة 12.5 مليجرام يوميًا لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها 12.5 مليجراما يومًا بعد يومٍ لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله. دواء رائع جدًّا، ليس له آثار سلبية، فقط قد يؤخّر القذف المنوي قليلاً عند الجماع، لكنه سليم وممتاز.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.