الوسواس أخجلني من نفسي ومن الله، فماذا أفعل؟
2017-04-17 02:54:57 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة، أبلغ من العمر 26 سنة، أعاني من الوسواس في سب الله -تبارك وتعالى- منذ 3 أشهر، وهذا الوسواس أتعبني كثيرا، ودمر حياتي، سئمت كثيرا ولم أعد أطيق العيش حتى أني فكرت في الانتحار، ولكن كلما أقرأ فتوى في موقعكم أرتاح وأتفاءل، ولكن عبارات الشتم تطاردني ولا تتركني.
دعوت الله -تبارك وتعالى- كثيرا، ورجوته أن يخرجني من هذه المصيبة، وأحاول جاهدة مجاهدة الأفكار وعبارات الشتم والسب فأوجهها إلى الشيطان، مرات أنجح في ذلك، ومرات تسيطر وتلح علي؛ فأقوم بإرادتي بتوجيهها إلى الله تبارك وتعالى، بعدها أشعر بألم وضيق، وأؤنب نفسي لأني رضيت بأن أقول مثل هذا الكلام على الله تبارك وتعالى ولم أقاومه، وأنطق الشهادتين، ومرات أغتسل لأعود للإسلام من جديد، ولكن أعود وأجد نفسي في الموقف ذاته.
أخجل من الله ومن نفسي كثيرا، فأنا لم أستطع حتى أن أتوب توبة نصوح، لم أنقطع عن صلاتي ولكن أشعر أن ما أفعله نفاق، وأن الله غير راض عني، فكيف لي أن أصلي لله وأدعوه وأنا أشتمه؟
أرجو مساعدتي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Cyrin حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن الوسواس لا يأتي إلا للمؤمنين، أما المنافقون والكفار فقد فرغ منهم فصاروا من جنوده، فأنت لست منافقة، بل أنت مسلمة، فلا زلت تصلين وتستغفرين الله.
احذري من أن يوسوس لك الشيطان بالانتحار؛ فإنه يريد أن ينقلك إلى عذاب لا تطيقينه، فقاتل نفسه في النار -عياذا بالله-، والشيطان الرجيم يريد أن يكثر أهل النار بالأعمال القبيحة كالانتحار وغيره.
لقد اشتكى الصحابة على رسول الله -عليه الصلاة والسلام- من الوسواس وهم خيرة خلق الله بعد الأنبياء والرسل فقالوا: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: (وقد وجدتموه؟)، قالوا: نعم، فقال صلى الله عليه وسلم: (ذاك صريح الإيمان) والمقصود بصريح الإيمان: عدم التحدث به.
من أسباب تسلط الشيطان على ابن آدم بوساوسه قبول تلك الخواطر، والتحاور معها، والاسترسال فيها؛ لأن ذلك دليل ضعف الإنسان وهذا ما يريده الشيطان الرجيم.
العلاج النافع أن تقطعي تلك الوساوس بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وألا تسترسلي معها، ولا تحولي تلك الشتائم للشيطان الرجيم؛ لأنه يفرح بذلك كونه ليس العلاج الشرعي الذي جعله الله لطرده بقوله: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا وكذا، حتى يقول له: من خلق ربك؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته.
يقول العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله: (للوسواس دواء نافع هو الإعراض عنه جملة وإن كان في النفس من التردُّد ما كان؛ فإنه متى لم يلتفتْ لذلك لم يثبت، بل يَذهَب بعد زمن قليل كما جرَّب ذلك الموفَّقون، وأما مَن أصغى إليها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين بل وأقبح منهم كما شاهدناه في كثير ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها وإلى شيطانها).
جاهدي هذه الوساوس وكابديها فإنها لن تضرك أبداً إن قمت بواجب المجاهدة والإعراض عنها، والانتهاء عن الاسترسال معها فالوساوس غير مؤاخذ عليها صاحبها كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله تجاوز عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل به أو تتكلم) متفق عليه.
توجيه تلك الشتائم لله في نفسك ليس منك إنما هو من الشيطان الرجيم، ولست مؤاخذة على ذلك؛ لأنك لم تنطقي بها، ولذلك فمما يفرح الشيطان أنك تقومين بالاغتسال والتشهد للدخول بالإسلام من جديد فلا تفعلي ذلك أبدا؛ لأن الشيطان يريد أن ينقلك من نقطة إلى أخرى.
أكثري من ذكر الله تعالى، فإن الشيطان يخنس عن القلب الذاكر لله، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (والوسواس يعرض لكل مَن توجَّه إلى الله، فينبغي للعبد أن يَثبُت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجر، لأنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان، (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا)، وكلما أراد العبد توجهًا إلى الله بقلبه، جاء الوسواس من أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله أراد قطْعَ الطريق عليه).
استمري في عبادتك، وألحي على الله بالدعاء وأنت ساجدة أن يصرف عنك وساوس الشيطان وخواطره.
الشيطان ضعيف، ولذلك لا يبرز للإنسان ولا يقوى على مواجهته فيلجأ إلى الوسوسة، فلا بد أن تنتصري عليه، وأمر الانتصار لا يحتاج منك سوى أن تستعيذي بالله منه فور ورود الوساوس، وقطعها، وعدم التفكير فيها والاسترسال معها.
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يوفقك وينصرك على الشيطان الرجيم إنه سميع مجيب.