فقدت الثقة في نفسي بسبب نظرة المجتمع إلي، فكيف أعيد التوازن إلى حياتي؟
2017-04-24 04:48:44 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أوجه شكري وتقديري لكل العاملين على هذا الموقع الرائع.
أنا شاب عمري 21 سنة، حساس جدا، وأعاني من القلق والشك، ولا أثق بأحد، وليس لدي ثقة في نفسي نهائيا، يراودني الشك في كل تصرفاتي، وأحس أني دائما على خطأ، لا أتقبل مزاح الآخرين معي لذلك هم لا يتقبلون مزاحي، وأكتئب إذا انتقدني أحد منهم، وأجد نفسي منبوذا اجتماعيا، والجميع يرون أني تافه، والبعض يقول أني مجنون، وينظرون إلي نظرة استهزاء وسخرية، وهذا رأي الأغلبية، لذلك فقدت الكثير من الأصدقاء، فأنا ليس لدي أسلوب في التعامل، وكلما تعامل معي أحد بالحسنى أشك أنه يسخر مني.
أرجو منكم أن تفيدوني وتنصحوني، ماذا أفعل مع الناس الذين يسخرون مني ويكرهوني وينبذوني؟ وكيف أتخلص من الشك؟ وكيف أكسب الثقة في نفسي؟ لقد مللت من الحياة، وتمنيت الموت والخلاص، صرت أبكي وأحزن كثيرا على نفسي وسمعتي وشخصيتي أمام من حولي كلما خلوت بنفسي، ما الحلول المناسبة لحالتي؟
لقد اعتكفت في المنزل، لا أخرج ولا أزور أحدا من الأقارب، وقد نصحني البعض بعدم الاهتمام لكلام الناس، فكيف لا أهتم والكل ينظر لشخصيتي نظرة سلبية.
أرجو منكم النصح، فأنا أحب كل شخص ينصحني، وأنا على ثقة تامة بكم وبموقع إسلام ويب الرائع، وأتمنى المساعدة قدر المستطاع منكم، وأسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتكم، ويغفر لي ولكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أرشد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك أيها الولد المبارك في الشبكة الإسلامية، وردا على استشارتك أقول:
بما أنك حساس جدا، فأنت تتأثر بكل تصرف ينتج نحوك، ومن كان يتصف بنفس صفاتك فإنه قد يفسر تصرفات الناس تفسيرا خاطئا، لا أشك ولا أرتاب بأن الله قد أوجد فيك صفات إيجابية كثيرة، وهذه الصفات تحتاج منك أن تستخرجها وتستنهضها وتُفَعِّلَها، ولعلك إن فعلت ذلك أبدعت وتفوقت على من حولك وعادت لك الثقة بنفسك.
عليك أن تزن تصرفاتك وأن تتقبل هفوات الناس وزلاتهم وتغض الطرف عنها، فالتأثر منها سيعزلك عن الناس وسيجعل الناس ينفضون من حولك.
عامل الناس بما تحب أن يتعاملوا معك به، وراع مشاعرهم كما تحب أن يراعوا مشاعرك.
الناس يشتكون من أنك تحب المزاح ولكنك لا تتقبل ممازحتهم لك، ولذلك أنصحك أن تقلل من الممازحة وأن تتعامل مع الناس بجدية.
يمكنك اكتساب مهارات التواصل والتعامل مع الناس والتحاور معهم بواسطة بعض زملائك المقربين منك، أو عن طريق بعض الدورات المهارية، فإن لم تكن متاحة فستجد على شبكة الإنترنت الكثير منها، فيمكنك الاستفادة منها.
لست منبوذا من مجتمعك، وليس كل الناس يمقت تصرفاتك، لكنك ضخمت القضية وأعطيتها أكبر من حجمها، فمارس حياتك بشكل اعتيادي، وتوازن في تعاملك مع الناس ريثما تكتسب المزيد من المهارات.
استفد من تصرفات الآخرين وطرق تعاملهم مع زملائهم، وراقب تصرفاتك وابتعد عن كل ما يثير حفائظ من تتعامل معهم، ومع المراس ستكتسب خبرة -بإذن الله-.
ليس عيبا أن تقع في الخطأ في تعاملك مع الناس، فمن أراد ألا يقع في ذلك فليجتنب معاشرة الناس، وليعش منفردا، ولكن العيب أن تستمر بالوقوع بنفس ذلك الخطأ.
ليس ثمة من برأه الله من العيوب إلا أنبياء الله تعالى ورسله، بل إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يغضب وربما دعا على بعضهم لكنه سأل الله ربه بقوله اللهم (أيما رجل من أمتي سببته سبة، أو لعنته لعنة في غضبي، فإنما أنا من ولد آدم أغضب كما يغضبون، وإنما بعثني رحمة للعالمين، فاجعلها عليهم صلاة يوم القيامة).
نظرا لأنك أعطيت الموضوع أكبر من حجمه، فأنت ترى أن لا أحد يحبك، وأن كل من ينظر إليك تفسرها بأنها نظرة استهزاء وسخرية، واعتقادك هذا ليس صحيحا أبدا، لأن الاستهزاء والسخرية من أعمال القلوب التي لا يطلع عليها إلا الله تعالى.
لا تعط نفسك الرسائل السلبية، لأن العقل يتبرمج عليها وينتج عن ذلك تصرفات غير سوية، وهذا ما تعاني منه.
اعط نفسك الرسائل الإيجابية بأنك حسن التصرف، وأن فيك من الصفات مثل بل أحسن مما عند الآخرين، وعزز من ثقتك بنفسك.
من أراد أن يصلح من نفسه فينبغي عليه أن يتقبل نقد الآخرين ويستفيد منه، فأعظم من يصلح لك عيوبك هم الناس لأنهم مرآة أفعالك وتصرفاتك، فهل تخفي المرآة من عيوبك شيئا، ولقد كان بعض الخلفاء الراشدين يقول:(رحم الله امرأ أهدى إلي عيوبي) فلا تكتئب من نقدهم، فما كان من ذلك صوابا فتقبله، وما كان خطئا فاجتزه ولا تعره أي اهتمام.
كن متفائلا، وعليك أن تبدأ بالخطوة الأولى نحو اكتساب مهارات الاتصال بالناس، فإن بدأت بالخطوة الأولى فسوف تتحرك العجلة وتصل إلى مبتغاك -بإذن الله تعالى-، فالألف ميل يبدأ من خطوة كما يقال.
لقد حذرنا نبينا -عليه الصلاة والسلام- من تمني الموت، فقال: (لا يتمنين أحدكم الموت لظر نزل به فإن كان ولا بد فلقل اللهم احييني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني ما كانت الوفاة خيرا لي).
ليس الحل في أن تعتكف في بيتك وتعتزل الناس بل الحل في السعي في تصحيح مسار حياتك واكتساب الخبرات وهي سهلة وفي متناول اليد.
تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وسله أن يعينك ويوفقك وأن يأخذ بيدك لما فيه الخير.
أخيرا أوصيك بأن توثق صلتك بربك، وتجتهد في تقوية إيمانك، وأن تكثر من الأعمال الصالحة، فذلك سيجلب لك الحياة الطيبة كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.