الخجل يحول بيني وبين التفاعل مع المجتمع، أرشدوني.
2017-10-26 02:01:47 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أعاني من الخجل منذ الصغر، وأتضايق من وجودي بين الناس، حيث كنت في المدرسة والجامعة أعرف الإجابة، لكني لا أستطيع التفاعل والمشاركة.
تعرضت في الصغر للتحرش الجنسي الكامل من قبل أخي الأكبر، ووالدي كان يضربني أحيانا، وأمي كانت خجولة لدرجة لم تعبر لي عن حبها واهتمامها، فحرمت من العاطفة ولم أتلق التشجيع.
أعاني حاليا من الارتباك عند الحديث مع الناس، الميل للمثالية، توقع الشر، عدم القدرة على التواصل الفعال حتى مع أهلي، أرى نفسي أقل من غيري، الحساسية النفسية المفرطة، أشعر أني غير كفؤ، عدم وجود الهمة والدافع للعمل، العزلة عن المجتمع، ضيق الصدر عند التفكير بالفرص الفائتة بسبب المشكلة، ضعف تقدير الذات، تضخيم الأمور، التفكير السلبي.
أخذت قبل 6 سنوات دواء سيروكسات لمدة 10 أشهر، وأصبحت شخصية جريئة وقليل الحساسية، وكان دواء جيدا لولا أعراضه الجانبية.
أرجو التكرم بإرشادي للخلاص من المشكلة، وشكرا لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ جعفر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية.
ممَّا أستنتجه من رسالتك فقد تعرَّضتَ لبعض الصعوبات التربوية في صغرك، وحدثتْ لك بعض التحرُّشات والامتهانات ذات الطابع الجنسي، خاصة من الأخ الأكبر، وهذا أمرٌ مؤسفٌ جدًّا، وأشرتَ أيضًا إلى أن والدتك تميل للخجل، والوالد كان يتعامل معك بقسوة.
أنا أعتقد أنه توجد عوامل وراثية زائدا عوامل بيئية، ربما تكون هي التي أدَّت إلى ما تعاني منه الآن من شيء من الخوف الاجتماعي، وافتقاد الكفاءة الاجتماعية، واهتزاز ثقتك بنفسك، بخلاف ذلك لا أعتقد أنك تعاني من أي شيء.
وهذه - أيها الفاضل الكريم - يمكن أن تتداركها، بأن تكون أكثر ثقة في مقدراتك الحالية، لا تتكلم عن مقدراتك السابقة، هي مجرد تجارب فرضها المجتمع عليك وأنت لم تبحث عنها، لكن الآن أنت مدرك، أنت في عمرٍ في بدايات الشباب، طاقاتك -الحمد لله تعالى- موجودة، فيمكن حقيقة أن تُعوَّض ما فاتك، ويمكن أن تبدأ حياة قوية وقويمة، بشرط أن تعتمد على نفسك، أن تكون أكثر ثقة في نفسك، أن تبحث عن عمل.
لا يمكن أن تكون دون عمل وأنت في هذه السن، العمل هو قيمة الرجل، العمل من خلاله نكتسب التفاعل الاجتماعي الصحيح، ونكتسب ثقتنا بأنفسنا، ونطوّر ذواتنا، فيا أخي الكريم: لا بد أن تبحث عن عمل، العلاج بالعمل أحد العلوم السلوكية الرئيسية.
احرص - أخي الكريم - على صلاتك في وقتها، مصاحبة الجيدين والصالحين من الشباب، وبرّ والديك، بالرغم من كل ما عانيته، هذا يعود عليك بخير كبير، ويبعث فيك طمأنينة كبيرة جدًّا.
لا بد - يا أخي - أن تنخرط في أي نوع من النشاط الاجتماعي أو الثقافي، هذا أيضًا يفيدك، ويُساعدك في بناء شخصيتك.
هذه هي النصائح العامة والإرشادات التي أقدِّمها لك، يجب أن تأخذها بجدّية، يجب أن تعرف أنك أنت الذي تُغيِّر نفسك، لا أحد سيقوم بتغيرك، يجب أن تعرف أن الحياة فيها خيارات، فيها خيار الخير وخيار الشر، وخيار سلبي وخيار إيجابي، وهكذا، والإنسان يستطيع في معظم الأحيان أن يُحدِّد مسيرته ومساره ويشق طريقه، وكل إنسان يريد الخير لنفسه، لكن المهم هو السعي الصحيح وتفعيل الآليات التي تُوصلنا إلى غاياتنا.
أخي الكريم: أنت محتاج للمزيد من التفاعل الاجتماعي، قم بواجباتك الاجتماعية، زيارة الناس، مشاركتهم في مناسباتهم، الذهاب إلى الأعراس، تقديم واجب العزاء، السير في الجنائز، زيارة المرضى، الذهاب إلى المجمَّعات التجارية مثلاً من وقتٍ لآخر، التسوّق مع العائلة، الانضمام لجمعية ثقافية أو اجتماعية.
الحرص على الصلوات الخمس في المسجد، ممارسة رياضة جماعية مع بعض الشباب، هذا كله علاج وعلاج مهمٌّ جدًّا، علاجك ليس في الأدوية - أيها الفاضل الكريم - الأدوية تلعب جزءً بسيطًا جدًّا، وليس جزءً أساسيًا، وأعتقد أن عقار (فافرين) يمكن أن يُساعدك، فيمكن أن تُجرِّبه.
الفافرين يُسمَّى علميًا (فلوفكسمين)، تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة أسبوعين، ثم اجعلها مائة مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناوله، هو من الأدوية الجيدة، والفاعلة، ويُساعد في علاج القلق والوساوس، وكذلك المخاوف، ولا يؤدي إلى زيادة في الوزن.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.