عندما يقف الأب ضد حجاب ابنته
2005-07-17 11:49:07 | إسلام ويب
السؤال:
أنا فتاة مصرية تعلمت في السعودية، ودرست رسالة الحجاب للشيخ ابن عثيمين رحمه الله، وعرفت وجوب تغطية الوجه والكفين، وعندما حدثت أبي برغبتي في ذلك ثار في وجهي ورفض ذلك!
وحاولت معه مراراً، مرة بالحوار الهادئ عن إيجابيات الاحتشام، ومرة بالأدلة من الكتاب والسنة، ومرة بإعطائه رسالة الحجاب، لكن دون فائدة، فتارة يبرر رفضه بوجود الخلاف حول هذه المسألة، وتارة بالزواج، وتارة بالجامعة، فقررت أن أرتدي غطاء الوجه دون علمه في فترة تواجده في السعودية، وفعلت، لكن أحد أعمامي أخبره بالهاتف بما فعلت فبعث إلي يقول إن لم تخلعيه فأنا بريء منك وستكونين سبباً في دمار الأسرة!! فاضطررت إلى خلعه رغماً عني.
سؤالي: ماذا أفعل مع أبي؟ كيف أقنعه؟
وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هدير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله العظيم أن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، وأن يرزقنا الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
فإن الإسلام انقياد لله وطاعة، (( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ))[الأحزاب:36]، وشكر الله لك هذا الحرص على الخير، ونسأل الله أن يكثر في بنات المسلمين من أمثالك.
ولا شك أن طاعة الله مقدمة على طاعة المخلوقين، ومن أسخط الناس برضا الله فإنه يوشك أن ينال بتوفيق الله رضا الناس.
ويؤسفنا أن يكون الأب هو الذي يقف في طريق الفتاة إذا رغبت في الالتزام بأحكام الدين، ويزداد الأسف إذا كان الأعمام والأهل يصرفون عن الخير، ويضيِّقون على الفتاة، ولكن أبشري فإن الله غالب على أمره وكفى به سبحانه وكيلا، ولكني أوصيك بعد تقوى الله بضرورة الحرص على احترام الوالد والاجتهاد في نيل رضاه حتى يتبين لهم جميعاً أن الالتزام بآداب الدين يزيد الفتاة برّاً لوالديها وحرصاً على رضاهما ورغبة في إدخال السرور عليهما، وحرصاً على القيام بحق الأرحام، وليس كما يفهم كثير من الناس بأن التدين تعصب وتهجم وسوء في المعاملة وإساءة لكبار السن.
كما أرجو أن تجتهدي في إزالة هذه الشبهات ولو بالاستعانة بعد الله بالدعاة الموثوقين، وحبذا لو كانوا ممن يقدرهم الوالد، أو كانوا من الأقارب، كما أرجو تكرار المحاولات لإقناعهم مع ضرورة اختيار الأساليب المناسبة والأوقات المناسبة، ودعوة الأخوات الملتزمات لزيارة الأهل وإظهار محاسن الحجاب والستر والذي يكفي منها فهمنا لقول الله تعالى: (( ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ ))[الأحزاب:59].
ولن ينال هذا العم خيراً من هذا العمل، ولن يضرك كلام الوالد وتهديده، ومع ذلك فإنه سوف يتراجع عن كلامه وتهديده، وسوف تكونين فخراً وشرفاً لأسرتك بإذن الله.
ولا يخفى على العقلاء أن الشباب يرغب في الفتاة المحجبة؛ فهي التي تؤتمن على الأعراض والبيوت، وحتى السفهاء الذين يقضون أوقاتهم في العبث بمشاعر الفتيات لا يختارون لبيوتهم إلا العفيفة؛ فإن رفيقة الهوى لا تصلح أمّاً وربة بيت، وقد تنازلت كثير من الفتيات عن الحجاب والحشمة فخسرت الدنيا والآخرة، وما عند الله من توفيق وخير لا ينال إلا بطاعته.
وحركي في نفس والدك كوامن الغيرة على الأعراض، واعرفي له فضله واشكريه على قيامه بتربيتك، وبيني له ما تعانيه الفتاة عندما تظهر زينتها وتخالف أمر ربها، وقولي له لا مانع عندي من وضع الحجاب إذا امتنعت عن الخروج وتركت الدراسة، وأرجو أن تسمح أن أقول لك في أدب وحب وتقدير وعرفان بالجميل: "إن طاعة الله أغلى وأعلى"، وكل أملي في أن يكون أحب الناس عندي عوناً لي على طاعة ربي، وأنا فخورة بك وسعيدة بأبوتك لي، وشاكرة لمشاعرك الطيبة ولن أنساك من صالح الدعوات، وأرجو أن أفوز برضا الله ثم برضاك.
والله الموفق.