بدأت أشعر بتقلبات مزاجية واضطرابات شخصية بعد انتهاء العلاج النفسي
2019-01-21 06:39:38 | إسلام ويب
السؤال:
إلى الدكتور محمد عبد العليم -حفظه الله-.
أصبت بحالة من الاكتئاب في مرحلة دراستي الجامعية، وبفضل أحد الأطباء النفسيين شفيت منه في تلك الفترة، بعد أن وصف لي تربتزول، وزولام، ودنكسيت، واستقر وضعي حتى أنهيت دراستي الجامعية، ولكن بعد أن تركت العلاج واستقرت حالتي بدأت أشعر بتقلبات مزاجية واضطرابات شخصية، أنا الآن أبلغ من العمر 32 عاما ولا أشعر بقيمة للحياة، وعاطل عن العمل، ولا زلت أعزبا!
أحس بتأنيب الضمير، وبالنقص والدونية، ولم أكن هكذا في صغري، صرت كثير الجلوس وحيدًا، كثيرًا ما أتذكر أحداث الماضي، وأشعر بالندم على ما فاتني، وإحباط لا يفارقني ليل نهار، وأشعر الآن بمشاعر الانهزام والاستسلام، خاصة أنه فاتني الكثير من الوقت، وكبرت بالعمر بدون عمل أو زواج.
حاولت الذهاب إلى أكثر من طبيب نفسي، ولكن بدون نتيجة تذكر، فلم يبق دواء نفسي تقريبا إلا وجربته، لكن بدون نتائج ملحوظة.
شهيتي للأكل عادية، لكني ليلا تصيبني مشاعر اليأس، والإحباط، والأرق، وأستيقظ وأنا على هذه الحالة!
هذه أسماء بعض الأدوية التي جربتها: دوجماتيل، بروزاك، بريكسال، لورانس، زاناكس، سيتالوبرام، انافرانيل.
أريد أن ترشدني إلى الطريق الصحيح ببعض النصائح والأدوية التي تعيد إلي الحياة والنشاط من جديد، كما كنت في صغري.
لا أخفي عليكم بأنني فاقد لأي رغبة في الحياة، وحالة الكسل والخمول تكاد تقتلني، وشعور الندم يقتلني أكثر وأكثر، لدرجة أني أحس أن حياتي توقفت هكذا، فما الحل لهذه الأمور؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لديك استشارات سابقة فيها بعض المحتويات التي ذكرتها في رسالتك هذه، ونحن نشكرك حقيقة على إثرائك للشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك العافية.
أخي الكريم: لا بد أن يكون لديك عزيمة التغيير، أي الإصرار على التغيير، وأنت الحمد لله في سِنٍ صغيرة، رجلٌ ناضج، أكملت دراستك الجامعية، وهذا يُعتبر إنجازًا كبيرًا جدًّا.
الآن من وجهة نظري: عدم وجود العمل، الفراغ الزمني وشيء من الفراغ الذهني، وعدم القدرة على إدارة الوقت بصورة صحيحة، والتخوف من المستقبل ومآلاته؛ هي التي أدخلتك في حالة الإحباط هذه، ولذا أنا أرى أنه يجب أن تبحث عن عمل، مهما كانت الفرص ضيقة إلَّا أنه سوف تجد نصيبك، لا تيأس أبدًا، قدِّم هنا وهناك، اسأل عن أماكن التوظيف، ويجب أن يكون لديك إصرار على هذا، ويجب أن يكون لديك مهارة في شيءٍ تتقنه حتى تجد ما يُناسبك ويحرص عليك أرباب العمل. العمل – أخي الكريم – يرفع قيمة الإنسان نفسيًّا.
من وجهة نظري: هذا هو الأمر الذي يجب أن تُصححه، وتبدأ به.
والأمر الآخر هو: أن تحرص على الصلاة في وقتها، الصلاة في وقتها تزيل الكسل، تُعلِّم الإنسان الانضباط، حُسن إدارة الوقت، وفوق ذلك هي عبادة عظيمة؛ لأنها عمود الدين.
أمر آخر: ابنِ صداقات إيجابية، الإنسان حين تكون له علاقات اجتماعية ويقوم بواجباته الاجتماعية، هؤلاء هم من أسعد الناس، كل الدراسات أشارت لذلك، وهذا – أخي الكريم – ليس بالأمر الصعب أبدًا.
انضمَّ لعمل اجتماعي أو خيري أو ثقافي أو دعوي، هذا أيضًا يعطيك الشعور بالتواؤم مع ذاتك وقيمة ذاتك، وتحس بالفعل أنك شخص ليس بانهزامي ولا مستسلم وأنك ذو قيمة، وإن شاء الله تعالى تكون نافعًا لنفسك ولغيرك.
أسأل الله تعالى أن ييسّر لك الزواج، وبعد بداية العمل يجب أن تتزوج.
إذًا أنت محتاج لإدارة حياتك على أسس جديدة.
الأدوية ليست العلاج الأساسي لحالتك، ولن تكون العلاج الأساسي لحالتك أبدًا، الذي ذكرته لك هو الذي سوف يفيدك، والتركيز على الرياضة، الرياضة مفيدة، تقوّي النفوس كما تقوي الأجسام.
ليس هناك ما تندم عليه – أخي الكريم – لا تأس على ما فاتك، إن شاء الله كل الذي فاتك سوف يأتي، لأنك تحمل التأهيل العلمي، وأنت في عمرٍ معقول جدًّا، الحياة طيبة، فكّر فيها بهذه الكيفية، هذا أمرٌ مهمّ.
وتجنب -أخي الكريم- النوم بالنهار، نم ليلاً، النوم الليلي هو الأفضل. الرياضة سوف تساعدك، وتنظيم الوقت أيضًا يُساعدك في تعديل نومك.
بعد ذلك: أيّ من مُحسنات المزاج التي ذكرتها – هي أو غيرها – يمكن أن تُساعدك كإضافة، ولكنها ليست علاجات أساسية. عقار (سيرترالين) والذي يُسمى تجاريًا (زولفت) أو (لسترال) من الأدوية الجيدة والطيبة جدًّا، وأرجو أن تبتعد عن تناول الـ (لورانس) والـ (زاناكس)، هذه أدوية لا فائدة فيها أبدًا، وهي أدوية اعتمادية، وتؤدي إلى المزيد من الإحباط حتى ولو أشعرتْ بشيء من الراحة في بداية الأمر، وأدوية تؤدي إلى الإدمان والتعود عليها، وتفقد مفعولها ويضطر الإنسان لرفع جرعتها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.