أشكو الخجل وعدم التواصل مع الآخرين فكيف أعالج هذه المشكلة؟
2019-01-21 07:10:03 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
لدي مشكلة في التواصل مع الناس وتكوين الصداقات، هذه المشكلة ليست مؤقتة ولا جديدة، فأنا أعاني منها منذ إدراكي لنفسي، فأنا دائما أتجنب الأماكن التي فيها اختلاط مع الناس، وضيعت فرصا كثيرة من حضور دورات وتطوع بسبب هذا الخوف، ودائما عندي صعوبة في الكلام، وإيجاد المواضيع، ودائما أفكر في الناس، ونظرتهم لي، وماذا يقولون عني.
علاقتي مع زوجي جيدة، فنحن متفاهمان، ولكنه متضايق من علاقتي مع والدته، فأنا لا أزورها كثيرا، وإذا زرتها لا أتحدت معها إلا قليلا، مع والدي وإخوتي علاقتي سطحية، وأنا لست راضية عنها، ولدي صديقة واحدة أعرفها منذ 10 سنوات، أرتاح معها، ولكن إذا جلست معنا أمها أو أختها يسود الصمت.
حتى أقاربي لا أتواصل معهم، وإذا زرتهم مجبرة أكون صامتة أغلب الوقت، ولا أتكلم إلا إذا وجهوا لي سؤالا، ودائما ينسون وجودي، مثلا بعد فترة يسألوني هل كنت موجودة في تلك المناسبة؟!
والآن في الجامعة ليس لدي أي صديقة أو زميلة، أخجل من إلقاء السلام بصوت مرتفع، وفي غير وقت المحاضرات أنشغل في جوالي، وأسوأ مشاكلي عندما تطلب الأستاذة عمل جماعي وأنا لا أعرف أحدا، وينتهي بي الأمر بالسؤال في قروب الشعبة على الوتس أب والعمل مع أسوأ الطالبات.
أنا لست سيئة، بل على العكس فالذين يعرفوني يصفوني بالمثقفة والطيّبة، ودائما عندما يتعرف علي أي شخص لا بد أن يقول لي: "ما توقعتك هكذا، ولماذا أنت مبعدة نفسك عن الناس؟"، أنا فقط أريد أن تظهر حقيقتي للناس وأنني لست "مريضة نفسية" وأن أتعامل مع جميع الناس بأريحية.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ نجود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فالإنسان مدني بطبعه فهو لا يستطيع أن يعيش وحده، ولذلك كان السجن عقوبة رغم أن بعض السجناء يكون عنده طعام ومعه وسائل ترفيه إلا أنه يظل سجينا، وهو بذلك معاقب، ويكون حزينا وسعادته منتقصة، وكل ذلك دليل على أهمية وجود أناس حولنا، وقد صدق من قال:
والناس للناس من بدو ومن حضر بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم.
ولا شك أن المؤمنة التي تخالط الناس وتصبر على أذاهم خير من التي لا تخالط ولا تصبر، والخلطة مع الناس لها ضريبة وثمن، ولكن فوائدها وثمارها عظيمة، والعاقلة تقنن خلطتها مع أخواتها وتحسن اختيار جليساتها، وتعلم أن من الناس من خلطته دواء، ومنهم من خلطته كالغذاء، ومنهم من نحتاجه كالهواء، وفي الناس من خلطته أدوأ الداء، كما أن المداراة في العلاقات مهارة مطلوبة، وهى أن تتعاملي مع كل إنسان بما يقتضيه حاله.
والوضع الذي أنت عليه يحتاج إلى تصحيح وهذه بعض التوجيهات المفيدة:
1- أكثري من اللجوء إلى الله، واسأليه أن يحببك إلى خلقه، وأن يحبب إليك الصالحات.
2- اعلمي أن أقصر طريق إلى قلوب الناس يكون بطاعة رب الناس، قال تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا)، يعنى محبة في قلوب الخلق.
3- التزود من الثقافة العامة، والعيش مع الناس في اهتماماتهم؛ لأن في ذلك قواسم مشتركة ومادة للحديث وفرصة للقرب.
4- تجنب تحقير النفس وتعظيم الآخرين؛ لأننا بذلك نظلم أنفسنا ونعطي الناس أكبر مما هم عليه، وهذا قد يولد مهابة منهم.
5- عدم التأثر بالمواقف السالبة أو التعليقات السالبة فكل إناء بما فيه ينضح.
6- المبادرة بالتعرف على من تكون إلى جوارك في المستشفى، أو في المحاضرة، أو في المجلس.
7- تفقد أحوال أهلك وأخوات زوجك ووالدته وخالاته.
8- تقليل استخدام الجوال أو إبعاده عند الجلسات الأسرية حتى لا يحول بينك وبين التواصل مع الأخريات.
9- الاهتمام بزيارة أهل الزوج وخاصة والدته، والحرص على معرفة محبوباتها لتجعليها محورا للحديث معها.
10- التدرب على مهارة الاستماع ومهارة الحديث، والاهتمام بالنظر إلى المتحدثة والتفاعل معها.
11- لا تخجلي من رفع صوتك بالسلام فإنه عبادة، واعلمي أن من الناس من ترفع صوتها بالغناء والفحش دون حياء.
12- توسيع دائرة الصديقات، ولا مانع من اصطفاء صالحات، والصديقة الواحدة لا تكفى.
13- التعرف على أنساب الناس وخلفياتهم الاجتماعية، وما يتميزوا به من العادات.
14- عدم الانشغال بالجوال عند الجلسات؛ لأن في ذلك لون من الهروب من المواجهة والاختفاء.
15- بذل الهدايا والتحف للزميلات؛ لأن ذلك مما يفتح المجال للعلاقات والهدية تسل السخيمة.
16- تكلمي مع الناس حتى يعرفوك فالمرء مخبوء تحت لسانه، وقد قيل تكلم حتى نعرفك، وقال الشاعر:
لسان المرء ينبئ عن حجاه .. ووعى المرء يستره السكوت.
17- فهمك لمواطن الخلل يدل على أنك طبيعية، وهذا الإدراك هو أول الخطوات، وينبغي أن تتبعه منك الإرادة بعد الاستعانة بالموفق سبحانه.
18- اكتشفي ما ميزك الله به وأظهريه ونميه، وتحدثي بنعم الله عليك، وأشكريه سبحانه حتى تنالي بشكره المزيد.
19- احرصي على تحقيق رغبة زوجك في حسن التواصل مع قريباته، واحتسبي في ذلك لتفوزي برضاه، وسوف يبادلك الوفاء وفاء لأهلك، وافهمي منه ما غاب من طبائع أهله.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله أن يوفقك ويسددك، وأن يشرح صدرك ويحلل عقد لسانك، ونسعد بتواصلك مع موقعك، وبارك الله فيك.