قلبي فسد بسبب الوساوس هل هناك علاج لي؟
2020-05-03 07:18:49 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يا شيخ قلبي فسد بسبب الوساوس، لقد ابتليت بالوساوس منذ كان عمري 15، وعمري الآن 17.
قلبي كان يحب الخير ويكره الشر، يحب الحق ويكره الباطل، يحب الناس ويكره الحقد والحسد، لكن الآن يا شيخ قلبي فسد، وصدري ضيق، وأصبح قلبي يحب الباطل ويكره الحق، ويحب الشر ويكره الخير، ويحب المعاصي ويكره العمل الصالح، لكن يا شيخ كلما تأتيني معاص في قلبي .. قلبي يطمئن لها لكن أنا لا أفعلها وأطردها فورا، إذا أحد دعا لي بالخير أو بالهداية قلبي يشمئز! كل هذا يا شيخ بسبب الشيطان الذي أفسد علي عقيدتي وقلبي ويقول لي أنا ربك، أنا خالقك، وأنا متعب يا شيخ كأنني من الذين يتولونه كمثل الشرك بالله.
والله يا شيخ أني أبحث عن علاج لقلبي لكن إرادتي فسدت، هل هناك علاج لفساد قلبي؟ وكيف أترك طريق الشيطان والشرك بالله؟ وكيف تكون إرادتي قوية في العودة إلى الله؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -أخي الكريم-، وردا على استشارتك أقول مستعينا بالله تعالى:
لا تهول على نفسك مسألة الوسواس فأنت أقوى منه لكنك مررت بساعة ضعف فاستسلمت لتلك الخواطر وأنصت لها وبدأت بالتحاور معها ومن ثم عرف الشيطان ضعفك فأكثر عليك من الوساوس حتى وصلت إلى ما عليه حالك الآن.
الوساوس لا تستثني أحدا إلا نبينا عليه الصلاة والسلام، فإن الله أعانه على قرينه فأسلم فلا يأمره إلا بالخير.
لو قلت لك اجعل نسبة من (10) لسبب إصابتك بالوسواس فأتوقع أن تكون إجابتك على النحو الآتي:
زملاؤك (0) أسرتك (0) الشيطان (0) أنت (10).
فزملاؤك وأسرتك لم يتسببوا في ذلك وكذلك الشيطان؛ لأنه لم يجبرك على شيء إذا فالسبب الحقيقي هو أنت حين استسلمت، والأمر كما قال الله في الشيطان حين يقوم خطيبا في الناس يوم القيامة فيقول: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم).
إذا أخي الحبيب: العلاج الحقيقي يبدأ من عندك من تصميمك وإرادتك فأنت أقوى من الشيطان ومهما حاول الشيطان فإنه ضعيف كما قال تعالى: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا).
يجب عليك أن تبدأ من الآن بالتصميم بعد الاستعانة بالله سبحانه والتوكل عليه، فمن استعان بالله أعانه، ومن توكل على الله كفاه، مع التضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد وتسأل ربك أن يقويك ويعينك على الشيطان الرجيم ووساوسه.
عليك أن تتبع هذه الخطوات:
احتقر كل الوساوس التي تأتيك وأعرض عنها ولا تتحاور معها بحال من الأحوال، واستعذ بالله من الشيطان الرجيم فور ورود هذه الوساوس، وأكثر من ذكر الله تعالى فإن الشيطان ينفر من الإنسان الذاكر لله.
أكثر من تلاوة القرآن الكريم، وحافظ على أذكار اليوم والليلة، فذلك سيكون حصنا لك من الشيطان الرجيم وسيجلب الطمأنينة إلى قلبك، كما قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
يجب أن تخالف الوسواس في كل ما يقوله لك لأنه لا يأمر بالخير، وإياك أن تتراجع أو تكرر أي عمل لأن ذلك محاولة من الشيطان لاستدراجك وثنيك عن الإعراض عن وساوسه.
اترك الوحدة والخلوة وعش مع أفراد أسرتك ومع زملائك واشغل نفسك بكل خير، وإن أتتك الوساوس في أي مكان فقم منه مستعيذا بالله من الشيطان الرجيم تاليا (قل أعوذ برب الناس)، واذهب للوضوء واشغل نفسك بأي عمل يلهيك عن تلك الوساوس.
إذا قال لك الشيطان إنه ربك فاستعذ بالله منه وقل ربي الله لا إله إلا هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.
عد إلى صلاتك وجاهد نفسك في أدائها في أوقاتها، وجاهد الوساوس ولا تكرر أي فعل يقول لك إنك لم تفعله وبهذا ستنتصر عليه -بإذن الله-.
ارق نفسك صباحا ومساء بما تيسر من الآيات القرآنية والأدعية النبوية المأثورة، فذلك نافع -بإذن الله تعالى-، وأكثر من دعاء ذي النون (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).
عليك بكثرة الاستغفار، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فذلك من أسباب تفريج الهموم، وتنفيس الكروب، ومغفرة الذنوب، وجلب القوة الحسية والمعنوية للأبدان. قال هود لقومه: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ)، وقال عليه الصلاة والسلام: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).
أرجو أن ينفعك الله بهذه الموجهات وألا يحوجك للعقاقير الطبية لكن إن عجزت عن تطبيق ما ذكرت لك فلا بد أن تعرض نفسك على طبيب نفسي حاذق وعليك أن تستعمل ما سيصف لك من العقاقير الطبية بالطريقة التي سيذكرها لك فما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء.
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يذهب عنك الشيطان ووساوسه إنه سميع مجيب.