أنا خجول وأفضل الصمت فهل ذلك يعد مشكلة؟
2020-07-16 03:09:47 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله عنا كل خير.
أنا رجل أفضل السكوت كثيرا ( هادئ الطبع - قليل الكلام - خجول في طبعي - صاحب خبرة عملية واسعة في الحياة - لا أشارك من حولي همومي - ولا أطلب المساعدة من الآخرين لعمل يحتاج مساعدة ).
مشكلتي بأنني أعاني من صعوبة الاندماج مع الأشخاص والمعارف الجدد، والشخصيات التي تتربع في مكان قيادي، فلا أستطيع بدء الحديث ولا أعرف كيف، ولا أستطيع مجاراة الأشخاص بأحاديثهم المتنوعة.
لدي شيء من التردد في طرح قضية أو مشكلة ما، وأتحاشى كثيرا التعرف على أشخاص جدد، وأعاني من ذلك عند البدء في وظيفة جديدة مع أصدقاء العمل الجديد، وكأني لدي زيادة في الاحترام، ما يؤدي لمعاملة الأشخاص كونهم أسبق مني في العمل على أنهم أفضل فلا أستطيع البدء معهم إلا بكلمات محدودة وضيقة، وبعدها يسود الصمت.
مع العلم أني صاحب رأي وتصرف، وأتخذ قراري بنفسي مع بعض المشورة من الآخرين والأصدقاء أيضا، وكذلك عند الانفعال أو العصبية أستطيع الدفاع عن رأيي وحقي بكل ثقة.
استفساراتي:
- هل ما أعانيه هو رهاب اجتماعي، أم ضعف في الشخصية، أم أنه خجل زائد وعدم ثقة بالنفس، أم أنها مشكلة أخرى؟
المشكلة تضايقني وحتى أشعر بأني أفضل الجلوس وحيدا على الجلوس مع الآخرين لهذا السبب.
وشكرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أخي الكريم: أنا أعتقد أنه ليس لديك مرض قطعًا، والظاهرة التي تحدثت عنها حقيقة ناتجة من البناء النفسي لشخصيتك، فالذي يظهر لي أنك شخص لديك بعض سمات الخجل، وشيء من الانطوائية، و-إن شاء الله تعالى- الكثير من الحياء، والحياء كله خير، وهو شطر من الإيمان.
هذه الثلاثة –أخي الكريم– (الخجل، والانطوائية، والحياء)، قد تجتمع في الإنسان، وتعطينا الصورة التي وصفتَها، فأنت رجلٌ لديك ما يُميِّزُك من مقدراتٍ معرفيّة، ومن توازن نفسي ووجداني، لكن هذا الذي تعاني منها هو نوع من التجنُّب الاجتماعي أكثر ممَّا هو رهاب اجتماعي، وربما يكون أيضًا أنه لديك نوع من قلق الأداء الزائد، فأنت عند المواجهات تُحفّز نفسك وتُحضّر نفسك أكثر ممَّا يجب ممَّا يعطيك الشعور بالضيق عند المواجهات.
ليس لديك مرض، شخصيتك ليست ضعيفة أبدًا، أنا متأكد أن ثقتك في نفسك جيدة وممتازة، كل الذي تحتاجه –أخي الكريم– هو ألَّا تراقب أدائك في المواقف الاجتماعية، من الجميل أن يُراقب الإنسان أدائه طبعًا حتى يكون منضبطًا، لكن يجب ألَّا تكون هذه المراقبة متدققة.
الأمر الآخر: دائمًا تذكّر صفاتك الحميدة الجميلة، صفة الاقتدار، وهذه صفة عظيمة جدًّا، فما الذي يجعلك تهاب المواقف الاجتماعية؟! لابد أن تطرح على نفسك هذه الأسئلة.
وأيضًا – أخي الكريم – أريدك أن تسعى دائمًا لتحسين نبرة صوتك، واحرص أن تكون تعابير وجهك إيجابية، وتذكّر أن تبسُّمك في وجه أخيك صدقة، كما أن لغتك الجسدية –خاصة لغة اليدين– عند الكلام مهمّة جدًّا، فركّز على هذه الثلاثة: (نبرة الصوت، وتعابير الوجه، واللغة الجسدية).
أمر آخر مهم جدًّا: وجدنا أن ممارسة الرياضة الجماعية: كالمشي، أو ممارسة كرة القدم مع مجموعة من الأصدقاء وجدناها حقيقةً مفيدة جدًّا للشخصيات من أمثال شخصك الكريم، فخطط لنفسك برنامج كهذا، أي لرياضة جماعية، وسوف تجد فيه خيرًا.
أمرٌ آخر: الصلاة مع الجماعة في المسجد، والحرص على الصف الأول، ويا حبذا لو كان الإنسان خلف الإمام، ويتصور أنه سوف ينيب عن الإمام إذا طرأ عليه طارئ، أخي: هذا نوع من التعريض المعرفي السيكولوجي الاجتماعي الإيجابي جدًّا.
وأنا حقيقة لي نصيحة مهمَّة لك، وهي: أن تطوّر مستوى الذكاء الوجداني لديك، أو ما يُعرف بالذكاء العاطفي، يُسمّى باللغة الإنجليزية (Emotional Intelligence)، فالذكاء العاطفي يجعلنا نفهم أنفسنا ونتعامل مع أنفسنا إيجابيًا، ونفهم الآخرين ونتعامل معهم إيجابيًّا. اقرأ –أخي الكريم– كتاب دانييل جولمان (الذكاء العاطفي) الذي كتبه عام 1995، والكتاب موجود باللغة العربية، وهو رائد هذا العلم، وتوجد كتب أخرى كثيرة.
أعتقد أن هذا كل ما تحتاجه، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.