تدخلات الأهل في البحث عن زوجة
2020-07-20 03:23:31 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سألت السؤال سابقاً ولم أر الإجابة، غالباً لأني أخطأت في الإيميل، فعذراً، عندي إشكالية بسيطة، أرجو المساعدة فيها.
أنا في مرحلة البحث عن عروسة، ولكن بالشروط التي أضعها من حيث الدين والحجاب لا يوجد في محيطي من تقترب حتى بهذه المتطلبات، فوجدت طريقاً آخر، وهو جروبات الواتس للتوفيق للزواج.
تضع الفتاة أو الوسيط أو الأهل تفاصيل من حيث السن والمؤهل وصفات العريس.. وهكذا، بينما
فكر والدي قديم، ولا أقول إنهم على خطأ لكن لا يوجد طريق آخر غير هذا الطريق لي.
فكرتهم أنهم يريدون أحداً نعرفه ونعرف أصله وفصله، أو نعرف أحداً يعرفه على الأقل، حتى وإن كان الحجاب غير شرعي، وهذا موضع الخلاف.
فتحت الموضوع معهم من قبل وكنت أتقدم لعروسة لكن لم يحصل قبول قبل رمضان الفائت، ورأيت وقتها ما رأيت من والدي من حيث أفعل ما شئت فهناك فلانة وفلانة ممن نعرف اصلهم وفصلهم ( ولكن طبعا حجابهم غير شرعي ) وهذه الأقوال كأني أكسر روحهم وأحزنهم من الداخل وهذا ما لا أريده.
الآن أريد أنا أفتح هذا الطريق مرة أخرى.
سؤالي: كيف أقنعهم بطريقة تلمس قلوبهم؟ وليس بطريقة تنهي الجدال بقولهم: افعل ما شئت بكسرة نفس.
وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في موقعك، نشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، ونحيي رغبتك في إرضاء والديك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُلهمك السداد والرشاد، وأن يُصلح الأحوال، وأن يضع في طريقك بنت الحلال، وأن يُحقق لك ولها السعادة والآمال.
لا شك أن دور الوالدين كبير جدًّا في مسألة الاختيار، والسعيد هو الذي يفوز بامرأة تنال إعجابهم، ويميل إليها وتميل إليه، وتلتزم بالقواعد الشرعية، وهي مع ذلك تكون مرضية عند والديه، لأن في هذا عونا للإنسان على أن يوفق بين الواجبات تجاه الوالدين وتجاه هذه الزوجة التي هي أسيرٌ عند الإنسان، ولها حقوق عظيمة، ومن توفيق الله تبارك وتعالى أن يحصل هذا التوافق وأن يكون القبول ليس بين الشاب والفتاة فقط، ولكن بين الأسرتين وبين القبيلتين.
لا يخفى على أمثالك أيضًا أن الزواج التقليدي الذي يقوم على المعرفة – معرفة الأصل، ومعرفة الناس – أو الوصول إليها عن طريق وسيط معروف، هذا يُسمَّى زواجا تقليديا، لكنّه أنجح أنواع الزيجات، لأن هذا الوسيط يتمكّن من معرفة الصفات الموجودة هنا وهناك، كما أن هذا التعارف يُساعد على حسن الاختيار، ويكون هناك جبرٌ للخواطر، ويكون هناك سياج متين جدًّا يحمي هذه الأسرة الجديدة التي تكوّنت على حبٍّ ووفاق ومعرفة سابقة.
مع هذا فإن الاختيار على قواعد الشرعية والضوابط أمرٌ مهم، كما أنك صاحب المصلحة، يعني الشاب هو الذي يختار ما يُعجبه، ونحن دائمًا نقول: الوالد والوالدة قد ينجحون في أن يختاروا لنا هدية جميلة أو ثوبا نلبسه أو طعاما نأكله، لكنهم قد لا ينجحون في اختيار شريكة العمر، أو قد لا ينجحون في أن يختاروا كذلك لفتاتهم مَن يناسبها، لأن هذه مسألة التلاقي فيها بالأرواح، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف).
من المفيد أن يُشاركوا في الإطار العام، ويمكن أن يُحددوا لك الاتجاهات والأماكن المقبولة والمطلوبة، وإذا خرجت عن هذه الأماكن إلى جهة لشدة التزامها فينبغي أن تُعطي الوالدين فرصة للتعارف والسؤال والتواصل مع تلك الأسرة، لأن الإنسان دائمًا عدو ما يجهل، وإذا عرفت الوالدة وعرف الوالد بتلك الأسرة وعرفوهم عن قُربٍ، والشريعة تتيح هذا، لأن مسألة الخطبة أصلاً ما شُرعت إلَّا ليحصل هذا التعارف.
من حكمة هذا الدين أنه يجعل الدين أساسًا، ثم بعد ذلك يُتيح لكل طرف أن يبحث ويسأل حتى يتعرف بطريقة صحيحة على شريك العمر، لأن مشوار الحياة طويل.
على كل حال: إذا نجحت في أن تختار من الأماكن التي حددوها، وأنا أقول: إذا كانت كل الصفات موجودة وموجود الاستعداد بالحجاب الشرعي، بحيث الالتزام بهذا الشرع الحنيف، لأن كثيرا من الفتيات عندها استعداد لأن تلبس حجابها الشرعي، وأن تحفظ كتاب الله، وأن تطور من قدراتها، أن تمضي إلى الأمام، وهذه أشياء معروفة بتدين الأسرة، باستعدادها الفطري، بالسؤال عنها عن طريق أخواتك وأنها لما كانت في الدراسة كانت حييّة وكانت متسترة.
يعني: إذا أردت في هذا الإطار أو وجدتَّ مَن تُناسبُك، ترتاح إليها وترتاح إليك مع قابلية عالية جدًّا للتحسُّن في باب التديُّن فهذا خير، وإن لم تجد وبحثت بطرائق أخرى، ووجدت فتاة ملتزمة بحجابها ودينها فاحرص على أن يكون ذلك أيضًا بعلم الوالدين ومنذ الوهلة الأولى، حتى يحصل التعارف ويحصل التآلف، ونؤكد أنك لن تدخل في حرج حتى لو وجدتّ المناسب ثم سعيت بعد ذلك في تطييب خاطر والديك، الذين بلا شك يُسعدهم أن يُشاهدوك سعيدًا ومرتاحًا في حياتك.
نؤكد أن الشريعة تجعل القرار الأول والأخير للشاب وهو صاحب المصلحة، ورحلة الحياة طويلة، وأنت مُحسنٌ، وفعلت خيرًا عندما رغبت في أن تفوز برضا الوالدين التامّ، وبأن يكونوا معك قلبًا وقالبًا في اختيار شريكة الحياة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.
وأنا أقول: اقناع الوالدين من المسائل المهمة، وهي سهلة المنال في كل الأحوال، فعليك أن تزيد من بِرِّهم والإحسان إليهم وتطييب خاطرهم.
ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.