المداومة على الصلاة أول طريق العلاج من الأمراض النفسية
2005-11-16 11:40:31 | إسلام ويب
السؤال:
أبلغ من العمر 42 عاماً، وكنت أدوام على الصلاة حتى عامي الـ18، ومنذ دخولي الجامعة تركت الصلاة وكأني كنت وما زلت في غيبوبة، وتزوجت رجلاً متديناً جداً كل يوم يحثني على الصلاة وأبدأ وفجأة -ولا أذكر متى- أجدني تركت الصلاة.
وكل يوم في صراع رهيب مع نفسي، فشلت تماماً في تطويعها تمردت علي وكأنها شخص شرير قابع في داخلي ويأبى الخروج، كل من يعرفني من قريب يؤكد أنه تنقصني فقط الصلاة وأكون ملاكاً، وأضحك عليهم لأن في داخلي شيطاناً رهيباً وعملاقاً، وبت أحتار في انقسامي الداخلي أتصرف مع الناس -لا أنافق- بإحساس حقيقي وأقدم المساعدة ولو على نفسي وأطفالي، إلا أنني حقيقة لا أحب الناس، لا أزور الجيران ولا الأصدقاء، لكن من يطلب مني خدمة أقدمها وكلي رضا.
أطفالي تأثروا بي أصبحوا لا يزورون أحداً حتى بت أخشى عليهم الوحدة، زوجي أيضاً أصبح لا يحب الخروج، أعلم أني مفتاح الاجتماعيات في المنزل إلا أنني فشلت في ترويض نفسي، أستغرب زوجي وكيف أنه ما زال مستمراً معي ويجامعني، لا أهتم بنفسي ولا كيف هو مظهري رغم أني موظفة.
أنظف المنزل عندما يأتيني مزاج، وأحياناً آمر أطفالي بأن لا يتحركوا بدون نعال لأن الأرض متسخة، لا أحس بأنني أحيا، أحياناً أفكر في حالتي وأقول ربما لأني مضغوطة أعول أسرتي الصغيرة والكبيرة من إيجار وخلافه، أتمنى من الله بأن أكون قوية حتى تسير المركب لحين تولي إخواني المسئولية ولحين عمل زوجي.
المشاكل المادية طوقتني تماماً، بت أشتت ما أكسبه في المسابقات الهاتفية في الفضائيات، يقيني أن علاجي في كيف أن أكون مؤمنة، كيف؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم الخير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإنّه ليسرّنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يُسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يغفر لك، وأن يتجاوز عنك، وأن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يقوي عزيمتك.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن ما ذكرته لأمر محير حقاً، إذ كيف تكون امرأة مسلمة بهذا الفهم وهذا الوعي وهذا المستوى الثقافي والاجتماعي، ورغم ذلك تضيع نفسها وتهمل حق ربها، وتخرج من الدنيا صفر اليدين من الأعمال الصالحة، خاصةً الصلاة التي هي أهم أركان الإسلام العملية، والتي عليها مداره ووجوده، كيف بمثلك لا تفكر في المصير المحتوم الذي ينتظر كل حي، ولحظة الوقوف يوم أن تقف حافية عريانة بين يدي جبار السموات والأرض وهو يسألك لماذا لم تصلي كما أمرتك؟
إن كل عاقل مهما كان دينه أو شكله أو لونه يحرص كل الحرص على ما ينفعه، ويضحي من أجل ذلك بالغالي والنفيس، بل ويهجر النوم ويترك الأوطان والأحباب والخلان من أجل البحث عمّا يسعده في حياته، فلماذا نحن لسنا كذلك؟! ألسنا واثقين من أننا سنلقى الله؟ وهل يتصور أننا سنلقى الله بغير زاد ويرضى عنا ويدخلنا الجنة؟!
أمام هذه الأسئلة وأمثالها أتمنى أن تقضي لحظة لتفكري في مصيرك المحتوم ومستقبلك القادم ووقوفك بين يدي الجبار وحدك، وأنه لن يتولى الدفاع عنك أحد من والدة أو ولد، لابد لك أختي أم الخير من اتخاذ القرار الصحيح والحاسم، وهو أنه لابد لك أن تصلي مهما كانت المعوقات، واعلمي أنك قادرة على ذلك، وأن مستواك الثقافي والعلمي والاجتماعي يؤهلك لذلك، فاتخذي القرار ولا تترددي وفوراً، وهذه هي الخطوة الأولى في العلاج، والخطوة الثانية التي أنصحك بها هي ضرورة عرض نفسك على أحد المشايخ المعالجين بالقرآن الكريم من ذوي العقيدة الصحيحة المشهود لهم بسلامة المنهج؛ لاحتمال أن يكون بك مس من الجن يدفعك لهذه التصرفات الغير معقولة، ويمكنك علاج نفسك بنفسك، أو يقوم أحد محارمك أو زوجك بذلك، وهناك كُتب لهذا الغرض، والخطوة التالية والأخيرة وهي في حالة ما إذا لم ينفع البرنامج السابق، فأنصح بعرض نفسك على أخصائي نفساني من ذوى التوجه الإسلامي، وتأكدي من أن علاج حالتك ليس بالمستحيل أو الصعب، إنما هو ميسر من فضل الله، فتوكلي على الله .
والله ولي الهداية والتوفيق.