كرهت أبي ولم أعد أطيقه بسبب سفره وغيابه عن البيت
2020-09-08 04:57:22 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا أعرف كيف أبدأ؟ أحس أني ميتة، وحياتي مليئة بالمشاكل والهموم التي لا تنتهي.
أنا فتاة بعمر37 سنة، منذ تخرجي وأنا أتحمل مسؤولية والدتي، فهي مريضة بمرض نفسي لا حل له، ومنذ ولادتي وهي مريضة ولا تدرك ما يحدث لها ومن حولها، وتتصرف تصرفات غريبة، وتحرجنا أمام الناس بسبب تصرفاتها.
منذ فترة أنا على خلاف دائم مع والدي البالغ من العمر70 سنة، لسفره الدائم لمحافظة أخرى حيث عمله، ويأتي يومين كل أسبوعين تقريباً، وصلت لمرحلة أنني أكرهه وأشتمه بأسوأ الألفاظ عندما نتشاجر بسبب الضغوط النفسية التي أوصلني لها.
لم يخطط لحياتي، جعلني أتحمل مسؤولية أشياء أكبر من سني، وفوق طاقتي، وتحملت المسؤولية مكان والدتي في بيت العائلة.
حدثت مشاكل كثيرة بيني وبين أخواتي وزوجات إخوتي، وعشت حياتي منذ تخرجي في مشاكل معهم، وأثر هذا نفسياً علي، غير أن أخواتي لم يشاركن في مساعدتي ناحية والدتي، من رعاية ومراقبتها في كل تصرفاتها، لأنها ممكن تضر نفسها وغير مدركة لنفسها.
معتمدون علي لعدم زواجي، ووجودي في البيت مع والدتي وحدي، فلي 6 أخوات غيري متزوجات، ولا ينفعن والدتي تذهب عند إحدى أخواتي، لأن والدتي ممكن تغير ملابسها أمام زوج أختي، ونخشى عليها من ذلك، وأيضاً أخواتي لا يريدون تحمل مسؤولية والدتي معي.
بسبب مرض أمي عشت حياتي كالميتة، ونسيت نفسي وأهملتها، ولم أعش حياتي مثل البنات، وبسبب الشجار الدائم بين والدي ووالدتي منذ ولادتي وتربية والدي الصارمة أثرت على شخصيتي كثيراً.
عندي رهاب اجتماعي، وعدم ثقة بالنفس وتدمير ذاتي.
ساعدوني.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Marwa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحباً بك -أختنا الكريمة- ورداً على استشارتك أقول:
لست أدري ما هي ظروف والدك فيما يخص العمل؟ ولكن قد تكون طبيعة العمل هي التي أجبرته على ذلك، وعلى كل فلا ينبغي أن تكني لوالدك كل هذا الحقد، وإن كان عنده شيء من التقصير فلقد كان سبباً في وجودك، وتذكري أنه تعب في تربيتك والنفقة عليك.
لماذا هذا الحقد على والدك؟! مع أن إخوانك كذلك مقصرون في حق والدتهم، ولم يتحملوا ولو جزءاً من المسئولية بالتناوب.
أنت مأجورة على قيامك بوالدتك وبخدمتها، فلا تبطلي أجرك بمثل هذه التصرفات، فقومي بخدمة والدتك محتسبة الأجر عند الله تعالى، فذلك قد يكون سبباً في تفريج كربتك وتيسير أمورك.
لا تجعلي العمر يمضي بك بعيداً فإن أتاك نصيب في الزواج فاقبلي به، إن توفرت فيه المواصفات والصفات المطلوبة في شريك الحياة.
إن تزوجت فيجب على جميع إخوانك وأخواتك أن يتناوبوا معك في خدمة أمهم، وأن يكون لك يوم مثلهم، فما يضر الواحدة من أخواتك أن تبقى يوماً في الأسبوع عند أمها تخدمها وترعاها من باب البر بها؟! وهكذا الأبناء، فعليك أن تطلبي من إخوانك مساعدتك في هذا، وإلا فوسطي عليهم بعض أقاربكم لعلهم يخجلون على أنفسهم فلا يرموا أمهم، وقد بلغت هذه السن حيث تحتاج إلى رعاية.
حافظي على أداء ما افترض الله عليك، وخاصة أداء الصلاة، وأكثري من تلاوة القرآن واستماعه، فذلك سيجلب إلى قلبك الطمأنينة، وأوصيك أن تحافظي على أذكار اليوم والليلة وخاصة أذكار النوم، فذلك سيعينك على أداء مهامك بكل يسر، ولن تحتاجي لأحد كي يعينك إن شاء الله تعالى، ففي الحديث الصحيح أن فاطمة رضي الله عنها تعبت من العمل بيدها فأتت النبي صلى الله عليه وسلم تطلب منه خادماً يعينها في أعمالها، فقال عليه الصلاة والسلام لفاطمة: (ألا أخبرك بما هو خير لك منه، تسبحين الله عند منامك ثلاثاً وثلاثين وتحمدين الله ثلاثاً وثلاثين وتكبرين الله أربعاً وثلاثين، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه فما تركتها بعد ذلك ولا ليلة صفين قال ولا ليلة صفين).
الزمي الاستغفار وأكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب، ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).
تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد وسلي ربك أن يعينك ويوفقك في حياتك، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك ويعوضك في هذه الحياة، وأكثري من دعاء ذي النون (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ)، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).
اجتهدي في تقوية إيمانك من خلال الإكثار من الأعمال الصالحة فمن ثمار ذلك أنه يجلب لك الحياة السعيدة كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
نسعد بتواصلك ونسأل الله لك التوفيق.