أنا شاب حزين لأني ليس لدي أصدقاء.
2020-09-21 01:35:10 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم..
لا أعرف من أين أبدأ، مشتت وأبكي كل يوم ليلاً ونهاراً، وأتمنى الموت في كل لحظة.
أنا شاب بعمر 20 سنة، قبل إكمالي مرحلة الثانوية انتقلت من منطقة إلى أخرى في منزل جديد، لم أجد أي أصدقاء جدد، وكل أصدقائي الأولين تركوني، وكل أصدقائي الذين تعرفت عليهم في فترات الدراسة لم أجد منهم أحداً.
أنا إلى الآن لم أدخل أي جامعة، ولم أستطع أن أكمل دراستي، وبعد تخرجي من الثانوي سجنت نفسي في البيت سنة كاملة لم أخرج، ولم يسأل عني أحد، وكأنني ميت، وبعد سنة خرجت من المنزل، وحاولت أن أبدأ حياة جديدة، وأنسى كل ما مضى، تعرفت على أشخاص كثيرين، ولكن لم يبق أحد، كل من عرفته يبقى معي أسبوع أو أسبوعين، ويرفض التحدث معي، لا أعلم لماذا وبدون سبب؟!
منذ نحو أسبوع تعرفت على شخص جديد، وبقينا أسبوعين أصدقاء وبدون سبب تركني، وتحدثت معه، وقال لي: أنت لا تلزمني، وترجيته أن يبقى معي ورفض، وأنا ألتقي به كل يوم، وكل ما أنظر إليه أفعل كأني لم أره، ولكن أنا أشد الناظرين إليه.
أتمنى أن لا ألتقي به مرة أخرى على أمل أن أنساه، لا أعرف ماذا أفعل؟ لا أجد شخصاً أحادثه أو أضحك معه! فأنا والله إنسان صالح أصلي وأصوم، وليس بإنسان سيء.
ظلام الليل يلاحقني حتى في النهار، أنا في كل الأوقات حزين، والدموع في عيني، وفي البيت أبكي دائماً، وعندما أخرج من البيت وتأتيني فرصة لم يرني فيها أحد أبكي.
لدي إخوتي حاولت التقرب منهم ولكنهم يكرهونني، وكل ما أحادثهم بشيء يردون بصوت عال، ونظراتهم غريبة، ودائماً يشتموني بسبب وبدون، لا أعرف ماذا أفعل لا أستطيع الذهاب إلى طبيب، أرجوكم ساعدوني.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكر لك ثقتك بنا وتواصلك معنا.
من الطبيعي جداً عند حدوث أي تغير في حياة البشر أن يشعروا بالارتباك، وعدم التقبل في بداية الأمر، وهناك أشخاص يحتاجون لفترات أطول في التأقلم على الوضع الجديد، ولربما كنت أنت من هؤلاء الأشخاص الذين لا يتقبلون التغير سريعاً، فعند انتقالك لمنزل آخر في مكان آخر جديد عليك واجهت صعوبة في التأقلم، وحيث أنك لم تجد من يساندك ويدعمك عاطفياً انعزلت عن المجتمع، ولكنك تداركت الأمر وقررت مواجهة الواقع، وخرجت فعلاً للعالم من حولك.
هذه خطوة إيجابية جداً، وإن دلت على شيء فهي تدل على أنك إنسان شجاع، وقررت أن تبني شخصيتك من جديد، وأحييك على هذه الخطوة الممتازة.
بناء العلاقات الاجتماعية أمر يتطلب منا الدراية بأنفسنا أولاً ومن ثم فهم أنماط الأشخاص من حولنا، فعند معرفة ذاتك ومكنوناتها ستعرف كيف تختار أصدقاءك، وبالتالي ستنجح في علاقاتك الاجتماعية، وتعتبر العلاقات الاجتماعية مهمّة جدّاً في حياة الإنسان، لما تضفيه من بهجة وسعادة ومعانٍ إلى حياتنا وشخصياتنا.
لا تعتبر التي مررت بها من علاقات صداقة لم تتكلل بالاستمرار هي نهاية مطاف، فالحياة تجارب بشرط تعلم هذه التجارب واكتساب الخبرات.
يا بني، أطلب منك مراجعة المواقف التي حدثت في أثناء تلك الصداقات، ومراجعة الحوار الذي كان يجري بينكما، فلربما اختلاف الثقافات والاهتمامات الشخصية كانت سبباً في عدم استمرار الطرف الآخر في هذه العلاقة، فراقب تصرفاتك وستعرف السبب، فلا أحد أعرف بنفسك سواك، أمعن النظر جيداً لتستطيع حل الأمر بمنطق صحيح.
أما فيما يختص في أنه هناك أهل يكرهون ابنهم فهذا الأمر مستحيل تماماً، فالرحم من اسم الله سبحانه الرحيم، فلك أن تتخيل من اختصهم الله برحمة يكونون قاسي القلوب على من هم من دمهم.
أزل هذه الفكرة تماماً من مخيلتك، وبادر أنت بفتح لغة حوار بينكم، عبر لهم عن مدى حبك لهم، ومدى احتياجك بالاحتواء من قبلهم، وستنال هذه الخطوة النجاح بحول الله وقوته.
سأوجهك إلى بعض أساسيات بناء علاقات اجتماعية ناجحة مع الآخرين:
اتقان مهارات التواصل الفعالة ولغة الحوار البسيطه والواضحة, حيث يجب أن تنتقي العبارات والجمل الواضحة والمختصرة؛ بحيث أن يكون الحوار سلساً وبعيداً عن هدر الوقت في أمور مملة تؤدي إلى الملل, وحسن الاستماع وعدم المقاطعة أمر في غاية الأهمية فبه يتحقق عنصر الاهتمام بالطرف الآخر، وأنك تحترم أهمية ما يتحدث عنه.
المبادرة باللطف أو مد يد العون إن استدعى الأمر، فلهذه المبادرة معاني كثيرة، فعند سؤالك عن أصدقائك والاهتمام بالاطمئنان عليهم سيشعرون بالمودة تجاهك، وسيتضح لهم مدى لطفك، وأخلاقك الكريمة, ومساعدتهم إن استدعى الأمر يدل أكثر وأكثر على كرم أخلاقك.
تقبل الاختلافات حيث أن لكل منا شخصية منفردة مستقلة بذاتها فبالتأكيد ستجد أن هناك فروقات في طريقة التفكير، وفي طريقة التعامل مع المواقف، وإيجاد الحلول، ففي هذه الحالة وبالتقبل ستسدون الفجوة وستقترب وجهات النظر وبالتالي سيسير المركب بسلام ولن يهزه أي أمر.
ابني العزيز، لا تقف الحياة عند آمال قد خابت، فالعهد بالله يتجدد كل يوم، فاستعن به وتوكل عليه، وقرب العلاقة بينك وبينه، فبحوله وقوته ستزول الصعاب، عاود دراستك وابن لنفسك آمالاً وطموحات، واسع بكل جدية لتحقيقها، فالحياة مستمرة، وأنت في بداية الطريق، وأمامك الكثير لتحقيقه، فاسع إلى ذلك.
أسأل الله لك التوفيق والسداد.