أعاني من خوف وانطوائية ورهاب من الناس وكل شيء.
2020-10-05 05:53:50 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم..
عندما كنت صغيرا كنت أصادق الأشخاص الأصغر مني سنا، وكنت لا أتكلم كثيرا مع الناس، وكنت عندما أذهب إلى المدرسة وأدخل القسم أرى الناس يتكلمون مع بعضهم، لكني كنت لا أتكلم مع أحد جالس وحدي، وعندما أعود إلى المنزل أبقى وحيدا في غرفتي، ثم تركت المدرسة، وأصبحت عصبيا، وطردت أهلي من المنزل، وأغلقت علي المنزل وحدي وقضيت هناك سنة كاملة لا أكلم أحد، أشاهد التلفاز وأتصفح هاتفي، وفجأة أصبحت لا آكل عندما يأتيني الغداء والعشاء من عند أهلي، فأخذوني أهلي إلى شخص يعالج بالقران، وأصبحت آكل، لكني ما زلت لا أخرج من المنزل، ولا أهتم بنظافتي الشخصية، وأخاف من الناس عندما أخرج من المنزل، وأظن أن الناس تراقبني، وتتسارع نبضات قلبي، وتصيبني رعشة خاصة عندما أكون غاضبا، وأصبحت شخصا شكاكا أظن أن الناس تتحدث عني.
كما أصبحت لا أنام في الليل، وأيضا لا أعرف كيف أتحدث مع الناس بطريقة جيدة، فكلامي غير متناسق، أحب تكوين الصداقات، لكني لا أستطيع الخروج من المنزل، أخاف من الناس، وأن يقولوا عني مختل، عندما أخرج من البيت أضع الماسك حتى لا يراني الناس، ودائما أفكر في المواقف التي حصلت معي، خاصة المواقف المحرجة التي تعرضت لها في حياتي، حتى الأشخاص الذين يعيشون معي الآن في المنزل لا أتحدث معهم، ولا حتى على الهاتف، وفي الفترة الأخيرة حاولت الانتحار فأصبت بالشلل.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
أودُّ أن أبدأ بما انتهيت أنت، فقد ذكرت أنك في الفترة الأخيرة أنك انتحرت وأُصبتَ بالشلل، أعتقد أنك تقصد أنك حاولت الانتحار، لأن الذي ينتحر يكون قد فارق الحياة وقد مات وذهب إلى أسوأ مآل.
طبعًا هذا أمرٌ مؤسف جدًّا، أنت رجل الحمد لله مُدرك، وتنسيق رسالتك يدلُّ على أنه لديك مقدرات كثيرة، فلماذا أقدمت على هذا الفعل أخي الكريم؟ أتمنى ألَّا يكون هذا الشلل شللاً دائمًا أو كبيرًا، أرجو أن تقابل الأطباء، وأن تخضع للعلاج المطلوب، وألَّا يتكرر مثل هذا الفعل أبدًا، هذا منقصة كبيرة للإنسان ولدينه ولسلوكه ولأخلاقه.
عمومًا: أنا اطلعتُ على رسالتك، وكنت أتمنى أن أعرف عمرك، لأنه غير موضح في رسالتك، لكن عمومًا يمكن أن أوجّه إرشادًا عامًّا.
حالتك إلى حدٍّ كبير مُشخَّصة وواضحة، أنت لديك شخصية انطوائية، لم تتفاعل اجتماعيًّا، ولديك شكوك ظنانية، تتوجَّس، وهذه نُسمّيها بالأفكار الاضطهادية، ولديك هذا الخجل الاجتماعي، وهي كلها مترابطة مع بعضها البعض، هذه ليست تشخيصات متعددة، لأن انغلاقك وانعزالك عن الناس جعلك تعيش في عالمٍ من صُنعك ومن خيالك، وهذا ولَّد لديك الخوف والقلق، والشكوك والظنانيات، وافتقاد الثقة بالنفس.
أنا أبشرك بأنه توجد أدوية ممتازة جدًّا، أدوية تفيد في علاج مثل هذه الحالات، وكذلك توجد بعض التوجيهات الإرشادية التي سوف نوجّهها لك.
نسبةً لأن عمرك غير واضح بالنسبة لي فمن الأفضل أن تذهب وتقابل طبيبًا نفسيًّا أيضًا، إن كان هذا ممكنًا، وإن لم يكن ممكنًا: إذا كان عمرك أكثر من عشرين عامًّا فهنالك دواء يُسمّى (أولانزبين) دواء فاعل جدًّا، هو مُضاد للشكوك والظنان، تتحصّل على الحبة التي قوتها خمسة مليجرام، لأنه توجد حبة خمسة مليجرام، وحبة أخرى عشرة مليجرام، تبدأ في تناول الخمسة مليجرام بجرعة 2,5 مليجراما – أي نصف الحبة – ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها حبة كاملة – أي خمسة مليجرام – ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك يمكن أن تخفض إلى 2,5 مليجراما ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناول الأولانزبين.
وهناك دواء آخر يُسمَّى (سيرترالين) هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري هو (زولفت) أو (لوسترال)، وجرعته هي: تبدأ بنصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم تجعل الجرعة حبة واحدة – أي خمسين مليجرامًا – يوميًا لمدة شهرٍ، ثم اجعلها مائة مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها خمسين مليجرامًا يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
إذًا هذا من ناحية الدواء، ومن ناحية الإرشاد: هذه الأفكار يجب أن تُحقّرها، الحمد لله أنت مستبصر، رجلٌ مستوى ذكائك مرتفع جدًّا، والدنيا بخير، يجب أن تفكّر دائمًا في الخير، وتستبدل أي فكرٍ شرير بفكر طيب وفكر إيجابي، أكثر من الاستغفار، صل الصلاة في وقتها، وحتى إن كنت على كُرسي متحرك يمكنك أن تُصلي مع الجماعة في المسجد، فهذا فيه تمازج وتفاعل إيجابي كبير جدًّا.
هذه هي نصائحي لك، وأرجو أن تُخاطبني بعد شهرين من الآن لأعرف التقدّم الذي حدث في حالتك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
___________________________________________
انتهت إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم -استشاري أول طب نفسي وطب الإدمان-.
وتليها إجابة الشيخ الدكتور/ أحمد الفرجابي - المستشار التربوي-.
_____________________________________________
مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في موقعك، ونشكر لك التواصل والاهتمام، ونؤكد لك أن هذا التواصل هو البداية الصحيحة للوصول إلى الحل، وقد أسعدك الله تبارك وتعالى بالاستفادة من إجابة الدكتور محمد، نسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك وله التوفيق والسداد.
وأيضًا أنا – كما أكّد الدكتور – نؤكد أن قدرتك التي جعلتك تكتب هذا الكلام المرتّب المنسَّق تدلُّ على أملٍ كبير، وعلى أنك يمكن أن تتخطّى هذه المرحلة، مع ضرورة أن تبدأ بإصلاح ما بينك وبين الله تبارك وتعالى، فتعود إلى الصلاة والطاعات، وتمسّك بكل ما يُرضي رب الأرض والسموات.
واعلم أن ممَّا يُرضي الله تبارك وتعالى الإحسان إلى الوالدين والصبر عليهم والإقبال عليهم، كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم بيَّن لنا أن المؤمن الذي يُخالط الناس ويصبر على أذاهم خيرٌ من الذي لا يُخالط ولا يصبر.
ننصحك كذلك بأن لا تنظر إلى ضعفك وقوة الناس، فأنت أيضًا أعطاك الله نقاط قوة وجوانب ميّزك الله تبارك وتعالى بها، فلا تلتفت إلى نظرات الناس، ولا تهتمَّ بالكلام الذي يصدر عنهم، واشغل نفسك بإرضاء رب الناس سبحانه وتعالى، واعلم أننا جميعًا معشر البشر – نحن وأنت وكل الناس – فينا نقص، والله تبارك وتعالى وزّع بيننا الملكات والمواهب والقدرات، وما من إنسان مِنَّا إلَّا وهو صاحب نعمة، لكن نجاح الإنسان يبدأ بأن يكتشف الجوانب التي ميّزه الله تبارك وتعالى بها، ليفرح بها، ليشكر الله عليها، فينال بشكره المزيد، ويعرف الجوانب التي تحتاج إلى تطوير فيُطورها من خلال المذاكرة والقراءة والاستشارة والتواصل، يعني: هذه أمور الإنسان يستطيع أن يكتسب الجوانب التي يشعر أنه يحتاج فيها إلى المزيد.
إذا كانت الرقية الشرعية قد نفعت معك فنحن ندعوك إلى أن تُكثر من قراءة الرقية على نفسك، وندعوك كذلك إلى المحافظة على أذكار الصباح والمساء، فإنها تبعث في النفس الطمأنينة.
ندعوك أيضًا إلى أن تُكثر من تلاوة القرآن، وتتقرَّب من الله تبارك وتعالى بصنوف الطاعات، وتجنب مسألة مجرد التفكير في الانتحار، لأن هذا مرفوض، ولا يُفرح سوى عدوّنا الشطيان، الذي يريد للإنسان أن يخسر دنياه ويخسر آخرته، واحمد الله تبارك وتعالى الذي نجَّاك في المحاولة الأولى التي كانت منك، وكان خطئًا كبيرًا، ولكنَّ الله سلَّم، رغم وجود أي ضرر فإن الضرر الأكبر كان هو أن تمضي دون أن تتوب، تمضي وأنت عاصي، تُقابل الله وأنت منتحر والعياذ بالله، فلا تُكرر مثل هذه الأفكار، وأرجو أن تستفيد وتنفذ توجيهات الطبيب المختص.
ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.