أعاني من عدم التركيز في دراستي.
2020-10-06 14:58:19 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالبة طب في سنتي الثانية، أعاني من فقد الشغف وتقلب المزاج، وضعف الوازع الديني، حيث أني عندما كنت بالصف الأول ثانوي (العاشر) عانيت من وسوسة قهرية في العبادات وخصوصًا الصلاة، وما تقتضي، مما أدى لتركي الصلاة، ثم عدت إليها وعاد كل شيء، وأهلي يرفضون العلاج النفسي تمامًا ويرونه من العار، مما أدى لتركي الصلاة للمرة الثانية.
الآن مرت سنتان ونصف تقريبًا وأنا لا أصلي، عانيت منذ المرحلة الثانوية من الاكتئاب، ومع كل ذلك كنت دائمًا أحاول أن لا يؤثر على معدلي الدراسي، فكنت أظن الجامعة سبيل النجاة، وتخرجت من الثانوي بمعدلات فوق الرائعة، وأنا مستعدة للتقديم على منح، والتغلب على الاكتئاب، وبدء حياة جديدة، وهنا الصدمة، ولا نقول إلا الحمد لله، شاء الله أن يمرض والدي، ثم يتوفى، وللعلم فأنا شديدة التعلق بوالدي، وهنا اسودت الحياة بوجهي مرة أخرى، وفقدت الأمل من أجد السعادة، لا أستطع نسيان تفاصيل مرضه وتفاصيل موته، مرّ سنة وشهران ولا زال يبكيني رحيله.
سافرت وعدت لفلسطين بلدي، حيث أنني كنت أقيم بالسعودية، وهنا كان تعب نفسي آخر، التحقت بكلية الطب، ومن شدة غضبي لم أحضر للكلية، ولم أختبر فرسبت في الترم الأول جميعه، استجمعت قواي وأعدت المواد بالترم الثاني، وحصلت معدل ٣.٩/٤ وكان معدل عال جدًا، لكنني لم أسعد أبدًا، كل يوم حالي أسوأ وأتدهور، لا أستطيع التركيز ولا الصلاة ولا الدراسة، كل ما أفكر به كيف أنتحر ويسامحني الله؟ حيث أن كتفي ثقيل وضاقت بي الحياة، وفقدت شغفي ويقيني.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أصالة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الذي يهيمن عليك هو التفكير السلبي والمشاعر السلبية، وفي مثل هذه الحالة أرجو أن تنظري إلى جوانب الحياة الأخرى، التشاؤم بهذه الكيفية هو الذي يؤدي إلى اضطراب المزاج وإلى ضعف التركيز وإلى القلق والتوترات، مهما كانت هنالك صعوبات فالخير موجود وموجود بكثرة، والحياة لا تكون على وتيرة واحدة، والحياة طيبة.
كلامك عن الانتحار كلامٌ مؤلمٌ جدًّا ومؤسف جدًّا، ولا أرى سببًا يدفعك نحو هذا النوع من التفكير، أنت متساهلة جدًّا مع المشاعر السلبية، لا، الشعور السلبي حين يأتي الإنسان يجب أن يصدّه، ويجب أن يُفكّر في المقابل الإيجابي، والإيجابيات كثيرة جدًّا في الحياة كما ذكرتُ لك. الأمل والرجاء، الثقة بالله تعالى، أنت في سِنٍّ صغيرة، لديك طاقات كبيرة جدًّا، طاقات القوة النفسية والقوة المعنوية والقوة الدينية، وحتى القوى الجسدية، والمستقبل لك إن شاء الله تعالى إذا لم تكوني من المتميزين لما بدأت دراستك في كلية الطب أصلاً، الإخفاق وتشتت التركيز أمرٌ مؤقت تمامًا.
فأنا أريدك أن تعيدي النظر تمامًا في طريقة تفكيرك، وهذه هي مشكلتك، التفكير السلبي مُهيمن عليك، والوساوس لا تُعالج بترك الصلاة، لا عُذر لك أبدًا في ترك الصلاة، هذا أيضًا تهاون شديد مع نفسك، الوسواس يُعالج من خلال رفضه، تجاهله، تحقيره، وصرف الانتباه عنه، وتوجد أدوية فاعلة جدًّا لعلاج الوساوس، تحدّثي مع أي قريب لك ليقنع الوالدة بأهمية الذهاب إلى الطبيب النفسي، ((ما جعل الله من داءٍ إلَّا جعل له دواء، فتتداووا عباد الله))، لماذا تحرمي نفسك من نعمة العلاج؟!
بجانب التطبيقات السلوكية التي ذكرتها لك تناول أي دواء من الأدوية المعروفة لتحسين المزاج وإزالة القلق سوف يفيدك كثيرًا جدًّا، على سبيل المثال: هنالك عقار يُعرف علميًا باسم (سيرترالين) ويُسمَّى تجاريًا (زولفت) و(لوسترال)، وربما تجدينه تحت مسمّى تجاري آخر في فلسطين، هذا دواء رائع وسليم وغير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية.
هذا هو الذي تحتاجين له، بجانب التفكير الإيجابي – كما ذكرتُ لك – تحقير الفكر السلبي، والاجتهاد في تنظيم الوقت، النوم الليلي المبكّر، الاستيقاظ المبكر، صلي صلاة الفجر، ابدئي بعد أن تستعدّي وتتناولي الشاي ابدئي بعد ذلك الدراسة لمدة ساعة، في فترة الصباح قبل أن تذهبي إلى الجامعة، في هذه الساعة يكون الاستيعاب في أفضل حالاته، وحين تبدئي يومك بداية إيجابية جميلة بالكيفية التي ذكرتها لك سوف تجدين أن بقية اليوم قد انبسط لك في سهولة وتلقائية ورحابة شديدة، كوني مع الصالحات من البنات، هذا مهمٌّ، لأن السند الاجتماعي مطلوب في حياتنا.
هذا هو الذي أنصحك به، وأسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لوالدك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.