أشعر بالضياع بسبب المعاصي، فكيف السبيل إلى التوبة؟
2020-10-26 06:27:34 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا فتاة عمري 20 سنة، علاقتي مع نفسي وربي سيئة للغاية، فأنا تائهة وضائعة في كل شيء في حياتي، حتى بمشاعر الندم والألم والحزن والبكاء عند التوبة من المعاصي التي ارتكبها، ثم العودة لنفس الذنب والمعصية، لقد تعبت من نفسي لكثرة توبتي ثم تكرار ذات المعصية، أصبحت أبكي لأنني أعلم أن الأمر غريب، لكن رجوعي للمعصية بعد استشعاري أن الله يراني ولا يخفى عليه كل تصرف أتصرفه، هل أنا منافقة؟ عودتي للمعصية في كل مره يكسرني ويؤلمني بشدة، كيف أتخلص من التناقض الذي بداخلي؟
أنا قد أقرأ القرآن وأتبعه بسماع الأغاني، أما عن صلاتي أصليها لكن لا أعلم كم صليت، وربما أود لو أنه لا أصلي تكاسلاً، حيث أنني ما بين سماع الأغاني ومشاهدة أفلام ومسلسلات كلها خمور وعُري، إضافة لمشاهدة ما يغضب الله، وممارسة العادة القبيحة.
أقصى محاولة أنني تركت تلك المعاصي لشهر، لقد حاولت أن أكون قريبة من الله لفترة لكن لم أشعر بأي تغير أو تأثر، فأنا رغم محاولتي إلا أنني دائمة السرحان في الصلاة وقراءة القرآن، إضافة أنني أشعربتأنيب الضمير على أنني تعرفت على رجل متزوج، وتعلق بي وأصّر أن يتقدم لخطبتي لكنني رفضت.
أنا خائفة إن كان هذا مارتكبته وأنا في العشرين، فماذا بقي للسنوات القادمة؟! لم تعد تعني لي الحياة شيئاً، لم أعد أعرف كيف أتوب، هل أنا منافقه بدموعي تلك؟ ماذا أفعل؟ كيف أتصرف مع نفسي؟ لا أريد أن أستمر في حياتي على هذا النمط والطريق، أرجوكم ساعدوني، أكاد أغرق في مستنقع بشع.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سهيلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابنتنا- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونحيي المشاعر النبيلة التي دفعتك للسؤال، نعتقد أن هذا التواصل بداية مهمَّة للتصحيح، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُصلح الأحوال، وأن يتوب عليك، وأن يُحقق لنا ولكم في طاعته السعادة والآمال.
أرجو أن تعلمي يقينًا أن ربنا الكريم ما سمَّى نفسه توابا إلَّا ليتوب علينا، ولا سمَّى نفسه رحيما إلَّا ليرحمنا، ولا سمَّى نفسه غفورا إلَّا ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، بل إن ربنا العظيم يفرح بتوبة من تتوب إليه، فعجّلي بتوبةٍ لله نصوح، تمحو بها ذنوب صحيفة الأمس، واعلمي أن التوبة النصوح تبدأ بالإخلاص لله، ثم الصدق مع الله، ثم بالتوقف عن الخطأ، ثم بالعزم على عدم العود، ثم بالندم على ما مضى، ثم بالإكثار من الحسنات الماحية، والحسنات يُذهبن السيئات.
فاصدقي مع الله تبارك وتعالى وأبشري بالخير، واجتهدي في التخلص من كل ما يُذكّرك بالمعصية وبكل ما يُذكّرك بالمخالفة، واعلمي أن هذه العودة للذنب بعد الخروج منه، السبب فيها هو أن آلات المعصية موجودة، وأرقام المعصية موجودة، الممارسات التي أوصلت للمعصية موجودة.
ولذلك لا بد من التغيير، والله تبارك وتعالى يقول: {إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم}.
وإذا كنت -ولله الحمد- قد نجحت في أن تتغيري شهرا، فالنجاح سيكون حليفك -بإذن الله تبارك وتعالى-، بل نحن نريد أن نقول: يستطيع كل من قصّر في جنب الله أن يتوب، لأن ربنا غفّار، ولأن الذي يصدق مع الله يجد المعونة من الله تبارك وتعالى.
وهذا التواصل – هذه الاستشارة الدامعة – دليل على صدق الرغبة، فاتبعي هذا بصدق العمل، وتوكلي على الله تبارك وتعالى، وابحثي عن صديقات صالحات يُذكّرنك بالله إذا نسيت، ويكُنّ عونًا لك على الطاعة إن ذكرتِ، واعلمي أن الإنسان يُخطئ، وليس هاهنا الإشكال، فكلُّ ابن آدم خطّاء، ولكن خير الخطّائين التوابون، والتوبة الصادقة هي التي تنبع من قلب الإنسان، هي التي يتبعها عمل، وإذا حصل وضعف الإنسان فلا مانع من أن يُجدد التوبة ويُجدد الرجوع إلى الله تبارك وتعالى.
قيل للحسن البصري: "نُذنبُ ثم نتوب، ثم نذنب ثم نتوب، ثم نتوب ثم نُذنب، إلى متى؟" قال: (حتى يكون الشيطان هو المخذول)، فإن الشيطان هو الذي يُريد أن يُعقّد للإنسان ويُصعّب عليه العودة والتوبة والإنابة إلى الله، لأن هذا العدو يحزن إذا تبنا، يندم إذا استغفرنا، يبكي إذا سجدنا لربِّنا، فعاملي عدوك بنقيض قصده، وتواصلي مع موقعك، وكوني إلى جوار الصالحات، واسألي الله التوفيق والتأييد، ونسأل الله أن يتوب عليك وأن يرفعك عنده درجات.