أعاني من الاكتئاب والوسواس القهري، فما العلاج؟
2020-11-05 01:33:47 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا أعاني من أمراض نفسية كثيرة، وهي الاكتئاب والوسواس القهري، والخوف الشديد من الموت، وذات مرة أصابتني فجأة حالة غريبة ليلاً، وهي هبوط عام في الجسم، وتسارع في ضربات القلب، والشعور بأني سأموت في هذه اللحظة، والموضوع مضى عليه تقريباً ثلاث سنوات أو أربع.
بعدها ذهبت لكثير من أطباء القلب، وعملت تصويراً للقلب ولم يظهر لدي أي شيء، وبعدها عمل لي الطبيب تحليلاً، وقال: إنك تعانين من اكتئاب ووسواس قهرية، ووصف لي دواء الزولفت بجرعة٥٠.
استمررت عليه وتحسنت لفترة سنة تقريباً تحسناً ممتازاً جداً، وتركت العلاج بعد سنة، ولكن بعدها رجعت لي الأعراض مرة أخرى، وأيضاً ذهبت للطبيب نفسه ووصف لي علاج الزولفت ٥٠، لكن في المرة الثانية ظهرت عندي بعد أخذ نصف حبة أعراض، وهي الدوار والدوخة والهبوط العام بالجسم لمدة ساعة، لكنها تتراوح بين تلك الفترة، علماً أني حين أنام وأرفع قدمي يتحسن وضعي.
بعدها ذهبت هذا الظاهرة واستمررت على العلاج، وأيضاً تحسنت جداً، وبعد تحسن حالتي قال لي الطبيب: اتركيه، وتركته على شكل جرعات إلى أن تركته تماماً.
بسبب جائحة كورونا توفيت عمتي التي هي لا تعاني من أي مرض، فأصابتها كورونا وتوفيت وأيضا أبي وأمي، فأبي تعرض خلال الفايروس إلى ذبحة في قلبه، المرض رجع لي بصورة جداً كبيرة، وعالية الاكتئاب والخوف الشديد والقلق والتفكير والوسواس أني متعبة جداً يا دكتور.
أختي طبيبة بالخارج، قالت: ارجعي لدواء الزو لفت، والبارحة أخذت العلاج بجرعة ٥٠ لكن أخذت نصف حبة، واليوم أيضاً عانيت من نفس أعراض الهبوط العام وتسارع في النبض لمدة نصف ساعة وتحسنت، فماذا أفعل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لموتاكم وموتانا وموتى المسلمين.
الذي يظهر لي أنه لديك قابلية للقلق والمخاوف النفسية، وشيء من عُسْر المزاج (الاكتئاب)، وأنا لا أريدك أبدًا أن تُضخمي وتُجسّمي حالتك حين تقولين إنك تعانين من أمراض نفسية كثيرة: وهي: الاكتئاب والوسواس القهري والخوف الشديد من الموت، هذه كلها تدور في إطار واحد، وهو إطار قلق المخاوف الوسواسي، وليس أكثر من ذلك، وهي متداخلة في بعضها البعض، يعني: لا أريدك أن تفكّري أنه لديك اكتئاب نفسي، وفي ذات الوقت لديك وسواس قهري، وفي ذات الوقت لديك خوف، لا، لا تُضخمي الأمر، هذه ظواهر نفسية معروفة جدًّا.
نوبة تسارع القلب: هذه نوبة هرع أو فزع، وكثير من الذين يُعانون من قلق المخاوف الوسواسي لديهم القابلية للإصابة بهذه النوبات، وهي ليست خطيرة أبدًا، وإن كانت مزعجة.
لديك أيضًا – كما تفضلت – قابلية لنوبات الهبوط العام، وهي تحدث من خلال نشاط الجهاز العصبي اللاإرادي، بعض الناس لديهم هذه القابلية، لكن الأمر ليس خطيرًا أبدًا، فهذا يُعالج أيضًا بأخذ نفس عميق، وكما تفضلت: ترتاحين على السرير، وتخفضين الرأس وترفعين القدمين لتتحسَّن الدورة الدموية الدماغية، وهذا قطعًا ينهي حالة الهبوط هذه.
أريدك أن تكوني متفائلة، وأن تكوني إيجابية في تفكيرك وفي مشاعرك، وأحسني إدارة وقتك، واحرصي على الصلوات في وقتها، لا تتركي مجالاً للفراغ، اجعلي لنفسك ورداً قرآنياً يومياً، وتواصلي مع الأرحام، وتواصلي مع صديقاتك، لأن بناء النسيج الاجتماعي والقيام بالواجبات الاجتماعية أيضًا فيه فائدة نفسية كبيرة جدًّا.
تدرَّبي على تمارين الاسترخاء، تُوجد برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية القيام بالتنفُّس التدرُّجي، وتمارين العضلات وشدِّها، مع التدبُّر ومع التأمُّل والاستغراق الذهني الإيجابي. هذه علاجات مهمَّة جدًّا لك.
بالنسبة للـ (زولفت): فهو بالفعل دواء بسيط، دواء رائع جدًّا. الجرعة التي استفدتِّ منها هي جرعة صغيرة، وهي خمسون مليجرامًا. هنالك مَن يتناولون مائتي مليجرام في اليوم – أي الجرعة القصوى – لكن الحمد لله تعالى أنت على هذه الجرعة الوقائية تحسَّنتْ أحوالك، وليس هنالك ما يمنع أبدًا من أن تتناوليها مثلاً نقول لمدة عام، ليس هناك ما يمنع أبدًا من ذلك، وخلال هذه المدة حاولي أن تُدعمي الأساليب الإيجابية التي تُحسِّن من نمط الحياة لديك، لأن هذا في نهاية الأمر سوف يجعلك أفضل، وسوف تتطور الصحة النفسية لديك، وحينها يمكن أن يتم الاستغناء عن الدواء.
أطمئنك مرة أخرى أن الزولفت دواء غير إدماني، غير تعودي، إيجابي جدًّا، لا يؤثّر على أعضاء الجسم أبدًا سلبيًّا، ولا يؤثّر على الهرمونات النسائية.
أحد آثاره الجانبية البسيطة أنه في بعض الناس ربما يفتح الشهية قليلاً نحو الطعام، خاصة الحلويات، فإن حدث لك شيء من هذا يجب أن تتحكّمي في وزنك، وأنا متأكد أن الرياضة أيضًا ستكون مفيدة لك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.