تراودني حالة من القلق والخوف الشديد منذ أن تزوجت
2020-11-05 04:40:41 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
منذ أن تزوجت، ونقلت إلى بلد آخر، وتركت عملي في البلد الذي كنت أعيش فيه، تراودني حالة من القلق والخوف الشديد.
أعاني من قلق ليس محمولا أتخيل سيناريوهات في ذهني لا أستطيع التغلب عليها، أتذكر الماضي وطفولتي وأخاف من أن يؤذيني أشخاص كانوا أعز الاشخاص تكلموا عني بالسوء.
عندما كنت صغيرة كانت حياتي مليئة بالقرارات الخاطئة، حتى عندما دخلت إلى الجامعة اخترت التخصص الخاطئ، وبما أنني درست الصحافة والإعلام كنت مهووسة بالتلفاز، في يوم من الأيام وعندما كنت لازلت في الجامعة، اشتركت في حلقة تلفزيونية تحدثت فيها عن التسوق وتأثيره، في حينها كان عمري 18 عاما.
مرت السنين، وكنت أعاني من حالة كآبة، ومع الوقت قررت أن أترك بلدي وأبدأ حياة جديدة بقرارات صحيحة في الخارج، سافرت إلى لندن ودرست الماجستير باختصاص آخر وتوظفت في شركة كبيرة وتعرفت على أناس جيدين وكانت حياتي مثمرة وخالية من الأفكار السلبية. ولكن عندما تزوجت وتركت لندن وجئت إلى بلد أوروبي آخر، أصبحت الأفكار السوداوية لا تفارقني.
تراودني وساوس وأخاف مثلا من أن يؤذيني نفس الأشخاص في الماضي، أو من الفقرة التلفزيونية التي ظهرت فيها منذ 7 سنوات، أخاف منها كثيرا، وأخاف من أن تنتشر وأن يؤذيني الناس بسببها، رأسي يؤلمني، وقلبي لا يتوقف عن الدق السريع بسبب هذه الأفكار.
أصلي وأقرأ القرآن كل يوم، وأمارس الرياضة. كنت آخذ السيبرليكس لمدة سنتين ولكن توقفت عن أخذه عندما تزوجت بسبب الحمل في المستقبل.
الرجاء المساعدة، وأتمنى لكم التوفيق.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Mariam حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.
لديك استشارات سابقة مع الشبكة الإسلامية، فنشكرك على ثقتك في الموقع وعلى هذا التواصل.
أنا أعتقد أنه ليس لديك مشكلة نفسية أساسية، بل على العكس تمامًا أنت شخص فعّال، مشكلتك الوحيدة هو أنه لديك بعض التأويلات الوسواسية، هذا على المستوى الفكري، وأعتقد أيضًا أنه لديك شيء من عدم القدرة على التكيف، حين تنتقلين من مكانٍ إلى مكان آخر؛ هذا قد يستغرق معك وقتًا لأن تتكيّفي مع حاضرك، وهذه ليست أمراضًا نفسية حقيقية، هذه مجرد ظواهر.
طبعًا المبدأ العلاجي الأساسي أن الفكر الخيالي الوسواسي الافتراضي؛ على الإنسان أن يتجاهله، ويُحقّره، ولا يخوض في تفاصيله، هذا مهمٌّ جدًّا، وهذه وسيلة علاجية أساسية، وهي العلاج عن طريق التجاهل.
والأشياء الإيجابية في حياتك كثيرة – كما ذكرتُ لك – ويمكن أن تبني عليها، يمكن الآن أن تدخلي في مشروع الدكتوراه، قطعًا سوق العمل سوف يستوعبك تمامًا إذا كانت لديك الرغبة في ذلك.
والكلام عن الماضي وعن الفقرة التلفزيونية التي ظهرت فيها قبل سبع سنوات: هذا أمرٌ إيجابي، وعمومًا: أحداث الماضي أيًّا كانت إيجابية أو سلبية الإنسان لا يشغل نفسه بها كثيرًا، يتخذها كعظة، كمهارة اكتسبها، سلبية كانت أو إيجابية، ويعيش من أجل تطوير حاضره ومستقبله، الإنسان يعيش الحاضر بقوة والمستقبل بأملٍ ورجاء، ولا داعي لتشريح الماضي والتشبث به، بل أنا أعتقد دائمًا أن الماضي في خبر كان وأنه ضعيف وأنه قد مضى وقُضي وانتهى، وما كان من تقصير نستغفر الله منه، وما كان من خير فلنحمد الله عليه، ونعتقد أن قوة الآن (الحاضر) هي المهمة من أجل أن يتغير الإنسان، ويأمل ويقول ويدعو الله بقوله: {ونطمع أن يُدخلنا ربنا مع القوم الصالحين}، ويطمع أن يجعله الله ممَّن طال عمره وحسن عمله.
اسعي لأن تُدير وقتك بصورة صحيحة، مارسي بعض التمارين الرياضية، الحمد لله لديك الزوج، لديك الاستقرار، وكل هذا يحتاج إلى شكر الله تعالى والاعتراف بنعمه عليه حتى نزداد بشكرنا المزيد، {ولئن شكرتم لأزيدنكم}.
أيضًا ممارسة بعض التمارين الاسترخائية أيضًا سوف تكون مفيدة بالنسبة لك، التوازن الغذائي، التواصل الاجتماعي، الحمد لله أنت حريصة على الصلاة وتلاوة القرآن وقطعًا الحرص على الأذكار، هذه كلها مُعينات عظيمة، فلا خوف عليك حقيقة.
بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا لا أرى أنك محتاجة له الآن، لكن إن كان لا بد منه فلا مانع من تناول عقار (سيرترالين) والذي يُسمَّى تجاريًا (زولفت)، دواء سليم حتى في أثناء الحمل، وإن أردتِّ أن تتناولينه الآن فتناوليه بجرعة صغيرة، لأن حاجتك للدواء أصلاً لا أراها لازمة أو كثيرة، تبدئين بجرعة بنصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – يوميًا، لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك اجعليها حبة واحدة يوميًا – أي خمسين مليجرامًا – يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الزولفت. هذه جرعة صغيرة وبسيطة، وكما ذكرتُ لك العلاجات التأهيلية هي المهمّة بالنسبة لك، والدواء يكون مكمِّلاً.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.