ما تفسير حدوث الصدف المتكررة؟
2020-11-18 00:31:39 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
عمري 18 سنة، أعاني من الوسواس القهري منذ 5 سنوات، بدأ بالأمور المتعلقة بالنظافة، ثم تطور، وكنت أراجع الطبيب، وأستمر في العلاج إلى أن أشعر بتحسن، فأوقف العلاج من تلقاء نفسي.
كنت أواجه مشاكل أسرية، مثل موت والدي، وخلافات بين أفراد الأسرة، وحصل مرة أني حظرت شخصا مصابا بالمس، وقد أثر علي، وصرت أخاف من الموضوع، وأحس أنني مصاب، وبدأت بالصلاة رجاء من الله أن ينجيني، وبدأت أحس بأن هذه الدنيا فيها جوانب روحانية، وشعرت بحلاوة العبادة.
مع الوقت بدأت أحس أن الصدف تلاحقني كثيرا، فمرة أفكر في شيء فأراه، أو أسمع عن شيء فيردده أحد أفراد أسرتي، وأستغرب من هذا، وأتساءل لماذا يحدث معي ذلك؟ خاصة أني كنت قبل ذلك أهتم بالأشياء التي ترتبط ببعضها، وأتصورها رسالة على شيء ما، مثلا: أسمع الناس تتحدث عن الموت، فأجد نفس الموضوع عند تشغيل التلفزيون، فأتصور أنها علامة على قرب موتي، وكثير من هذه الأشياء، مع الوقت أصبحت أحس بنوع من اضطراب الأنية، وبغرابة الموضوع، وأصبح الشك في كل جوانب حياتي، فهل ما يحصل معي أمر طبيعي؟ علما أن هذه الصدف أصبحت تأتيني يوميًا منذ سنتين، وكيف أتعالج من الوسواس؟
وشكرا على اهتمامكم، وعلى هذا الموقع الذي يوفر لنا الإجابات دائما.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بنهاشم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
أنت تحدثت عن معاناتك مع الوسواس القهري، وصعوباتك الأسرية التي واجهتها، والشيء الأكبر الذي يشغلك الآن هو أن الأشياء التي تتوقعها تصادفها.
أيها الفاضل الكريم: هذا الموضوع -موضوع الأشياء التي تحدث بعد أن تأتي كخواطر للإنسان- هذا أمرٌ معروف بين مرضى الوسواس القهري، والأمر ليس له تفسير علمي حقيقي، وكثير من الناس -أي من المختصين في مجال الصحة النفسية- يرون أن هذا مجرد نوع من التوتر ونوع من التوقع الوسواسي الذي يُصادف أنه قد يحدث، أو أن الأمر فيه شيء من المبالغة والتضخيم والتجسيم والتأويل الخاطئ.
من وجهة نظري هذه الظاهرة إن كانت حقيقية لا تعني أي شيء، فالإنسان لا يعلم الغيب قطعًا، وأنا شخصيًا أنصحك وأنت في هذا العمر ألَّا تهتمَّ بهذا الأمر، وحتى موضوع المس وخلافه لا أريدك أبدًا أن تُضخمه وتُجسّمه حتى لا يؤثّر عليك. نحن نؤمن بالجوانب الروحية، ونؤمن بوجود العين والسحر والمس، ونؤمن بتأثيرها على الإنسان، لكن ليست بهذه المبالغة التي يتحدث عنها الناس.
الله تعالى خيرٌ حافظًا، والإنسان الذي يكون متيقنًا أنه لن يُصيبه إلَّا ما كتب الله له، ويكون حريصًا على صلواته، وتكون عقيدته سليمة، ويحرص على الدعاء والأذكار ويحرص على الرقية؛ قطعًا هو في حفظ الله، ولن يمّسه أي شيء من هذه الأشياء، لأن الإنسان أصلاً مُكرَّم، وإن حدث منها شيء ما دام الإنسان على قناعة وتوكل على الله تعالى فإن الله سيبطل كل هذه الأشياء.
أرجو أن يكون هذا هو منهجك، وأرجو أن تحقر الأفكار الوسواسية تمامًا، ولا تهتمَّ بها، وتصرف انتباهك منها، وتستفيد من وقتك: في دراستك، في ممارسة الرياضة، في التواصل الاجتماعي السليم، لا تترك مجالاً للفراغ، ويجب أن تكون لديك آمال وتطلعات مستقبلية، وأهم ما تتزود به هو سلاح العلم والدين. كن متواصلاً مع أسرتك، كن بارًّا بوالديك.
هذه هي الأسس الصحيحة والسليمة التي تجعلك تطور من ذاتك، وتزيد من مهاراتك، وتعد نفسك للمستقبل إعدادًا صحيحًا.
والكلام حول هذه الصدف والمس وخلافه لا أعتقد أنه ذو فائدة بالنسبة لك، أرجو أن تتجاهل ذلك تمامًا، وأنت فيما سبق ذكرت أنك ذهبت إلى طبيب نفسي وتلقيت العلاج وتحسّنت، ثم راودتك وعاودتك هذه الوساوس، والوساوس حقيقة فيها الجانب الانتكاسي –خاصة في مثل عمرك– لكن -إن شاء الله تعالى- مع تقدّم العمر، وإذا عالجت الموضوع بصورة جادة سوف تختفي هذه الوساوس.
أنا أشجعك أيضًا الآن أن تذهب إلى الطبيب -الطبيب النفسي الذي قابلته- وأنا متأكد أنه سوف يؤكد لك على كل ما ذكرتُه لك، وفي ذات الوقت يمكن يعطيك أحد الأدوية السليمة والممتازة التي تناسب عمرك.
وعقار فافرين -والذي يُعرف علميًا باسم فلوفكسمين- سيكون مناسبًا جدًّا من وجهة نظري لحالتك، لكن أتركُ الأمر لطبيبك المعالِج.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.