أمي وبعد زواج دام 50 سنة تصر على الطلاق، فماذا نفعل؟
2020-12-09 01:33:26 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نحن 4 أبناء، 2 بنات و2 أولاد، أنا الثالثة، عندي 40 سنة، بمعنى بأني لست صغيرة، أمي وأبي متزوجان منذ 50 سنة تقريبا، أمي تعدت الـ70 وأبي قارب على 80 سنة.
المشكله أن أمي تصر على الطلاق ونحن احترنا ولا نعرف ماذا نفعل أو كيف نهدئها، أمي عصبية جدا لكنها طيبة ومحبوبة، وأبي طيب ومحبوب بين الناس لكنه هادئ جدا، طول فترة زواجهم حصلت مشاكل كثيرة لكن لم تصل إلى الطلاق، وقالت لنا لن أسامحكم إن مت ولم يطلقها، ولم يطلقها بعد، ونحن في حيرة ولا نعرف كيف نصلح بينهم ولا نعرف ماذا نفعل! ولا أعرف إن كان الحاصل بينهما ممكن أن يكون حسدا أو سحرا.
أرجو أن تفيدونا، فماذا نفعل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ محتارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -أختنا الكريمة-، وردا على استشارتك أقول:
لا يوجد بيت إلا وفيه شيء من المشاكل سواء كان بين الزوجين أو بين بقية أفراد الأسرة، وهذا ناتج عن اختلاف الطبائع والسلوكيات المكتسبة، فأمك مثلا عصبية ووالدك هادئ، فالعصبي يتأثر من أدنى خطأ وقد يكون غير مقصود من الطرف الآخر أو قد يكون على سبيل المزاح.
مما يغير الطبائع قوة الإيمان فنوصيكم بالاجتهاد في تقوية إيمان والديك من خلال إرشادهما إلى كثرة العمل الصالح، فبعد أداء الفرائض يأتي نوافل الصلاة والصوم وتلاوة القرآن وكثرة الذكر.
شدة الغضب من الشيطان الرجيم لقوله عليه الصلاة والسلام حين رأى رجلا قد غضب فاحمرت عيناه وانتفخت أوداجه: ( إني لأعلم كلمة لو قالها هذا لذهب عنه ما يجد، لو قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم لذهب عنه ما يجد).
قال مجاهد -رحمه الله-: (قال إبليس لعنه الله: ما أعجزني بنو آدم، فلن يعجزوني في ثلاث: إذا سكر أحدهم أخذنا بخزامته فَقُدناه حيث شئنا، وعمل لنا بما أحببنا. وإذا غضب قال بما لا يعلم، وعمل بما يندم).
جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: أوصني يا رسول الله فقال: (لا تغضب)، فردد مرارا فقال: (لا تغضب).
من الوصايا النبوية في حال الغضب أن الغاضب إذا جاءه الغضب وهو قائم فليقعد، وإن كان قاعدا فليقم أو يستلقى على جنبه، ومن الوصايا أيضا أن يتوضأ لأن النار لا يطفئها إلا الماء.
المشكلة عند بعض الناس أنهم يتزوجون وهم مثقلون بعادات المجتمع والتي منها احتقار المرأة والتعامل معها على أنها يجب أن تتلقى الأوامر وتنفذ كل ما يريده الرجل وهذا خطأ كبير تحصل بسببه الكثير من المشاكل.
المرأة من أفضل ما وهب الله للرجل ولا يمكن أن يعيش بسعادة بدونها فكيف يفرط فيها، وكيف يكسر بخاطرها، وكيف يهينها فضلا عن أن يضربها، أليست أنيسته وجليسته ومحل قضاء شهوته وأم أولاده ومربيتهم، ومرتبة بيته، وغاسلة ثيابه، وطاهية طعامه، فلم ينكر الرجل مكانة المرأة الضعيفة التي أوصى بها نبينا عليه الصلاة والسلام فقال: (استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوان عندكم) ومعنى عوان: أي أسيرات.
كان من المفترض أن طول العشرة يزيد في المحبة كون كل طرف يتذكر ما قدمه الطرف الآخر له وكيف أنه صبر في السراء والضراء، ولكن البعض على العكس من ذلك فلا يتذكر إلا المواقف السيئة وهذا من الخواطر التي يلقيها الشيطان الرجيم من أجل هدم البيوت، فطلب والدتك للطلاق هو من هذا الباب وإلا فأخبريني كم بقي من عمرها أو من عمر والدك.
كلمة طيبة من الرجل تغير من سلوكيات المرأة وتقلبها رأسا على عقب؛ لأن استمالة المرأة من عاطفتها أهم من أي أمر آخر، فالعاطفة هي نقطة ضعفها الوحيدة فأوصيكم بتفهيم والدكم هذا الأمر حتى ولو كانت أمكم هي المخطئة، وعليه أن يجبر نفسه على ذلك؛ لأن من لم يتعود على الاعتذار يكون الأمر عليه في غاية من الصعوبة فلو كلف بنقل جبل لرآه أخف من الاعتذار.
يجب إقناع الوالدين أنه ليس من الأسلوب الصحيح مناقشة أي خلاف في حال الغضب؛ لأن ذلك يزيد الأمر تفاقما والأفضل في حل أي مشكلة أن يكون بعد ذهاب الغضب وتهدأ العاصفة.
إن رمي كل طرف من الزوجين بأنه هو السبب يعقد المشكلة واعتراف كل منكما أنه هو السبب وأنه مشارك يسهل في حل المشكلة حتى لو كان الطرف الآخر لا دخل له في المشكلة؛ لأن الاعتراف يجعل الشخص يسعى لإيجاد الحل بخلاف الذي لا يعترف فإنه ينتظر من الطرف الآخر حلا سحريا ولن يكون ذلك، فعليكم أن تقوموا بهذه التوعية للطرفين.
لا بد من توعيتهما بأجر الصبر عند الله فإن صبر كل طرف على الآخر مما يثيب الله عليه: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب).
يقول العلامة ابن الجوزي -رحمه الله-: "متى رأيت صاحبك قد غضب، وأخذ يتكلم بما لا يصلح فلا ينبغي أن تعقِد على ما يقول خِنصراً -أي لا تأخذ ما يقول بعين الاعتبار- ولا أن تؤاخذه به فإن حاله حال السكران، لا يدري ما يجري بل اصبر لفورته، ولا تعوِّل عليها؛ فإن الشيطان قد غلبه، والطبع قد هاج، والعقل قد استتر.
عليك وعلى جميع إخوتك التعاون من أجل إصلاح ذات البين والتوعية التي سيكون من ثمارها تضييق مساحة الخلاف والصراع.
الهدية تعمل عملها في القلب فلو أن والدك قدم هدية لزوجته ولو تقومون أنتم كأبناء بشرائها ويقدمها لوالدتكم على أنها منه لرأيتم العجب في تغير سلوكياته، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (تهادوا تحابوا).
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يصلح ذات بين والديك وأن يؤلف بين القلوب آمين.