كيفية اختيار شريكة الحياة المناسبة
2005-12-17 11:03:45 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالب في الثانوية العامة وبإذن الله تعالى سوف أكمل الدراسة في باكستان بلدي وأنوي الزواج تحصينا لنفسي واستجابة لرغبة وإلحاح الأهل.
وبدأت أقرأ في الإنترنت كيفية اختيار الشريك المناسب وذلك في المواقع الإسلامية مثل إسلام أولاين، والنقطة التي توقفت عندها هي نصحهم بالتعرف على المخطوبة والتحدث معها بعد الخطبة ونحن في عادات بلدنا أن التحدث حتى وإن كان بعد الخطبة غير مسموح به، ولكن تجري العادة بأن يختار الأهل للخاطب المخطوبة ويسألون عنها وبالزيارة أو بطلب الخاطب من أهله خطبة فتاة هو اختارها حيث المصدر الرئيسي لمعرفة أخبار المخطوبة هو عن طريق الناس وشهاداتهم، فهل هذا المصدر كاف لإجراء الخطبة؟ علماً بأن فسخ الخطوبة أيضاً يعتبر إساءة كبيرة جداً ويترتب عليها عداوات بين العائلات، وأستشير فضيلتكم إن كان الزواج المبكر (بالنسبة للبلدان العربية) جيد ومستحسن وأظن أن ذلك لن يؤثر على دراستي وإنما سيساعدني ويريحني نفسياً إن وفقت في الاختيار.
ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعيننا جميعاً على ذكره وشكره وحسن عبادته.
فإن في الزواج حفظٌ للنفس وعونٌ على الخير وتأسي بهدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) ولم تعرف الشعوب الإسلامية تأخير الزواج إلا بعد مجيء الاستعمار إلى ديار الإسلام، وتأثر كثيرٌ من الناس بثقافته وعاداته -والعياذ بالله-، وقد شاهد الشافعي رحمه الله جدة عمرها إحدى وعشرين سنة، وكان الفرق بين عبد الله بن عمرو بن العاص وأبيه إحدى عشر سنة، وقد أسعدتني رغبتك في الزواج، وسرني سؤالك عن أسس الاختيار، وأفرحتني رغبة أهلك في أن تتزوج، فاحمد الله على كل ذلك، واشغل نفسك بطاعته، وأكثر من ذكره وشكره .
ولما كانت رحلة الحياة الزوجية طويلة قد تمتد بأهلها في الصلاح إلى الجنة، قال تعالى: ((أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ))[الطور:21]، كان لابد أن تُبنى على قواعد متينة من الرضا والقبول، وأن تؤسس على أساسٍ من التقوى والإيمان، وأن يكون منهاجها المودة والرحمة، وثمرتها الذرية الصالحة والسعادة الحقيقية.
وعندما أراد الإمام أحمد أن يتزوج أرسل قريباته لتختار له فتاة، فجاءته وقالت له: لقد وجدت فتاتين إحداهما بارعة الجمال متوسطة الدين، والثانية قوية الدين متوسطة الجمال، فقال رضي الله عنه ورحمه: (أريد صاحبة الدين) ولذا فلا مانع أن تكون الخطوة الأولى عن طريق شقيقاتك أو عماتك أو إحدى محارمك بعد أن تحدد لهم ما تريد، ثم تسأل عن الفتاة وأخلاقها، وقبل أن تحسم الأمر تصلي ركعتين استخارة، ثم تشاور من تثق به، ثم تطلب الرؤية الشرعية للفتاة، وقد كان بعض الأنصار يختبئ لمن يريد خطبتها إذا تعذر ذلك، فيمكن أن تطلب صورة فوتوغرافية من الفتاة تتحصل عليها عن طريق إحدى محارمك، فإذا وجدت في نفسك ميلاً فلا مانع بعد ذلك من الخطوبة الرسمية ثم الزواج، ولا يخفى عليك أن الشريعة أباحت لكلٍ من الخطيب ومخطوبته الرؤية الشرعية، وعللت ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: (فإنه أحرى أن يؤدم بينكما) ويجوز للرجل أن ينظر من المرأة ما يدعوه إلى نكاحها، وقد تكون الفتاة جميلة والفتى مناسب، ولكن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، ويؤسفنا أن نقول: إن الناس في هذا الموضوع بين إفراطٍ وتفريط، ويخطئ من يمنع ذلك بالكلية ويخالف الهدى النبوي، ويخالف أحكام الدين، كذلك من يخلو بخطيبته أو يخرج معها ويتوسع معها في العواطف والكلام.
ومن مصلحتك أن ترضى بالمرأة التي ترتضيها والدتك ويقبل بأهلها والدك؛ لأن في ذلك عون لك على التوفيق بين حق الزوجة وحق الوالدين، كما أن رضا الوالدين من أسباب التوفيق والسداد بعد التوكل على خالق الأكوان، ونحن نتمنى أن يتمكن الشباب من مراعاة العادات الموجودة رعايةً لمشاعر الناس، مع الاجتهاد في تصحيح ما يُخالف ديننا من العادات والتقاليد.
وفي الختام ننصحك بما يلي:
1- تقوى الله، والحرص على طاعة، والإكثار من ذكره وشكره وتلاوة كتابه.
2- إقامة مراسيم الزواج بدون مخالفات شرعية، فإن للمعاصي شؤمها وآثارها.
3- التركيز على صاحبة الدين، والتي نشأت في بيت الدين والأخلاق.
4- أن يكون سنها مناسباً، وثقافتها وعاداتها مشابهة لك.
5- أن تتفق معها على الخطوط العريضة عند أول لقاء.
6- أن تتذكر أن الزوجة أختٌ لك في الإيمان والعقيدة.
7- أن تتذكر وصايا النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء، فالمرأة ضعيفة، فاتق الله في نفسك وأهلك.
ولاشك أن في الزواج عونٌ على النجاح والفلاح والطاعة؛ لأنه يحقق الاستقرار النفسي، ويعود الشاب على تحمل المسئولية.
وأرجو أن تعلم أن الزوج هو الذي يحدد مسار زوجته بالتزامه وحرصه على صيانة حقها، وإذا أصلح الإنسان حاله مع الله أصلح الله له زوجته وبيته وولده ووفقه لكل خير.
نسأل الله لك التوفيق والسداد.