وسواس الموت أصابني بالأرق، كيف الخلاص؟
2021-05-30 04:56:28 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا عمري 21 سنة، أعاني من وسواس الموت، ذهبت لأكثر من دكتور وعملت العديد من الفحوصات، منها تحليل الدم وتخطيط القلب وكل شيء سليم، إلا صفائح الدم عندي مرتفعة، كذلك أعاني من الأرق، واليوم لأول مرة لم أشعر بالنعاس إلى الآن، والتفكير بأنني سوف أموت الآن يزاملني في كل وقتي.
أشعر أن نفسي سوف ينقطع، ولا أشتهي الأكل، ضعفت كثيراً، وأعاني من صعوبة في البلع، هل شعوري حقيقي أم مجرد وسواس؟ أرجوا ذكر الدليل في ذلك الأمر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
رحب بك في الشبكة الإسلامية.
سؤالك حقيقة سوف نُجيبه من المنظور النفسي، وأنت لديك قلق مخاوف، وقلق الخوف من الموت موجود وبكثرة جدًّا، في عياداتنا النفسية يتردَّد علينا الكثير والكثير من الذين يُعانون من هذه المشكلة، والسبب في ذلك بصفة عامة أن الأمراض قد تكثرت، وموت الفجاءة قد كثر، والناس أصبحت مشغولة بكثير من أمور الدنيا التي صرفتهم من كثير من أعمال الآخرة.
والخوف من الموت أيضًا هو ناشئ من التقصير في بعض الأحيان، التقصير في العبادات، التقصير في الواجبات، لكن لا نقول أن هنالك أحدًا لا يخاف من الموت، والموت يجب أن يخاف منه الإنسان، لكن الخوف الذي نريده هو الخوف الشرعي، الخوف الذي يجعلك على يقين أن لا أحد يعرف متى سيموت، لكن يعرف أنه سيموت، هذا لا شك فيه، لكن أين ومتى وكيف؛ هذا علمه عند الله، والموت هو الوعد الحق، {إنك ميتٌ وإنهم ميتون}، يجب أن تكون القناعة هكذا.
هذا هو الخوف الشرعي من الموت، والخوف الشرعي يجعلك تعيش الحياة بقوة وبأملٍ ورجاء، وانبساط، وانشراح، وتسعى لما بعد الموت من خلال أعمالك الصالحات، فإذًا نحن نريد هذا النوع من الخوف، بل نشجّع الناس عليه، لكنّ الخوف المرضي أن يتكلم الإنسان أنه يخاف من الموت وأن الموت سوف يأتي وأن لديَّ ضربات وأنني سوف يحدث لي كذا وكذا، وأن أطفالي صغار، هذا نوع من الخوف المرضي، لا يُقدِّمُ ولا يُؤخِّر، وهذا لا نريده للناس أبدًا.
وطبعًا الإنسان يضعف ويُصاب بهشاشة نفسية، وهذا قد ينتج عنه الخوف والوسوسة حول الموت، وأعتقد أنه ربما يكون لديك شيء من هذا، وهذا -أيها الفاضل الكريم- لا أعتبره ضعفًا في إيمانك، ولا ضعفًا في شخصيتك، لكنّه جزءًا من عملية قلق المخاوف الوسواسي الذي تعاني منه.
فإذًا أريدك أن تخاف من الموت الخوف الشرعي من هذه اللحظة، ولا تخاف منه الخوف المرضي، هذا يجب أن تُحقّره وترفضه تمامًا، بأن تقول لنفسك: (أنا أعلم أن الموت حق، وأن الآجال بيد الله، وأن أجل الله إذا جاء لا يُؤخّر، وأنا أعيش حياتي بصورة طيبة، أعيش على تقوى، أعيش على إيمان، أعيش حياة إيجابية، طائعًا لربّي، بارًّا بوالديَّ، مساهمًا في إعمار الأرض، نافعًا لنفسي ولغيري)، هذا هو الذي نطلبه منك.
وهنالك أشياء مهمة جدًّا لعلاج هذه الوساوس والمخاوف:
أولاً: أن تعيش حياة صحيّة، وذلك بأن تمارس الرياضة، أن تتجنب السهر، أن يكون غذائك غذاءً متوازنًا، أن تُحسن إدارة وقتك، أن تجتهد في دراستك، أنت قطعًا في العمر الجامعي، وأن تكون لك نظرة إيجابية نحو المستقبل، وألَّا تخاف من الماضي، وأن تعيش الحاضر بقوة. هذا هو الشيء الرئيسي الذي أنصحك به.
وأيضًا لتتخلص من هذه المخاوف سوف أصف لك دواءً جيدًا وسليمًا، يُساعدك إن شاء الله في تخطّي هذه المشكلة، وإن أردتَّ أن تذهب إلى طبيب نفسي -إن كان ذلك ممكنًا- أيضًا فهذا أفضل، سوف يُدعم الطبيب نفس هذه النقاط التي ذكرتُها لك، وسوف يصف لك أحد الأدوية.
عمومًا الدواء الذي أراه مناسبًا يُعرف باسم (سيبرالكس) واسمه العلمي (اسيتالوبرام)، الجرعة المطلوبة في حالتك هي أن تبدأ بنصف حبة -من الحبة التي قوتها عشرة مليجرام- تتناول هذه الخمسة مليجرام يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم اجعلها عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعلها خمسة مليجرام يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم خمسة مليجرام يوميًا يومًا بعد يومٍ لمدة عشرة أيام، ثم توقف عن تناول الدواء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.