من صور التعامل بين المعلم والمتعلم
2021-07-04 02:02:54 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أعمل مدرسًا بأحد المعاهد الفنية العليا، ويشتكي مني بعض الطلاب وخصوصًا الإناث من حدة تعاملي معهم، ويخيل لهم من أسلوبي في التعامل أني أكاد أن أبطش لهم نتيجة لحزمي في التعامل، وعدم تهاوني في ما يتعلق بالمحاضرات والالتزام بها وتقديم الفروض وما إلى ذلك.
ففي إحدى المرات طلبت من الطلاب تقييم شخصي لي كمعلم ؛ قرأت آراءهم فمنهم من قال أني مغرور ومتكبر ولا أبالي بمصلحة الطالب، ومنهم قال لي حسبي الله ونعم الوكيل، ومنهم من قالت أنها دخلت في غيبوبة نتيجة لخوفها من امتحاني.
علماً بأني أحاول قدر استطاعتي ألا أظلم أحدًا وأن يأخذ كل ذي حق حقه وزيادة، وأن أميز المجتهد عن غيره، وأعطي الجميع درجات فوق ما يستحقون، حتى من لم أره طول الترم ويأتيني مرة واحدة فقط أعطيه درجة النجاح، ولكن لا أُعلم أحدًا من الطلاب بهذا لكي لا يتهاونوا في التحصيل والمذاكرة.
للأسف التهاون والاستهتار عادة كل الطلاب في التعليم الفني، ولا يرسب في مادتي إلا القليل جدًا جدًا مقارنة بالمواد الأخرى.
السؤال هنا: يقول الرسول الكريم فيما معناه: (حُرم على النار كل هين لين قريب من الناس) فأخاف بعد ما ذكرت لكم أن لا أكون هينًا لينًا.
أرشدوني إلى الخير، أثابكم الله.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أستاذنا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص، ونحيي هذا السؤال الذي يدلُّ على خوفٍ من الله ورغبةً في الخير، ونسأل الله أن ينفع بك الطُّلاب والبلاد والعباد.
لا يخفى عليك أن الأستاذ والمُدرِّس ينبغي أن يكون على درجة عالية من الاعتدال والانضباط، والنبي عليه صلاة الله وسلامه كان يُقبل على أصحابه ويعدل بينهم، ويُظهر لهم الاهتمام، ويُقدِّم الرِّفق على غيره، عليه صلاة الله وسلامه، وكلُّ ذلك مطلوب، لكن كلُّ ذلك لا يعني أن يتهاون المُدرِّس مع الطُّلاب، فإن النُّصح لهم وللأُمَّة يقتضي أن يقوموا بالوظائف والواجبات ويُذاكروا ويهتمُّوا، دون أن يتجاوز ذلك المسألة الطبيعية ليكون رُعبًا وليكون خوفًا، فهذه هي التي نُريد أن تزول من نفوس الطُّلاب.
فرقٌ كبير بين أن يخافوا وبين أن يهتمُّوا، فالمطلوب هو الاهتمام بالدروس والمذاكرة والوظائف، حتى نُقدِّم قيادات للأُمَّة من الرجال ومن النساء يصلحوا لحمل الأمانة، ويُؤتمنوا على مستقبل الأجيال، والمُدرِّس الذي يريد أن يتهاون جدًّا حتى يزيد الطُّلاب في تسيُّبهم وتهرُّبهم وتهاونهم، هذا في الحقيقة يخون الأمانة.
إذًا رأي الطُّلاب الذين كتبوا ما ينبغي أن يُغيِّر أسلوبك إلَّا بالمقدار الذي يُوافق الشرع، أكرِّر: ما ينبغي أن يخافوا لكن ينبغي أن يهتمُّوا، والذي يُريد أن يرحم لابد أيضًا أن يكون عنده شيء من الحزم، والرحمة لا تعني التهاون والتساهل مع الطُّلاب وعدم التمييز بين المُجدِّ وغير المُجدِّ، هذا كلُّه ممَّا ينبغي أن ننتبه له.
إذا كانت رغبة الطُّلاب في أن يتهاون المُدرِّس فما ينبغي أن ننزل إلى رغبتهم، ولكن ينبغي أن ننزل إلى قواعد الشرع وضوابطه، ونُظهر الرِّفق في مكانه، والحزم في مكانه، والشدة في مكانها، والحكمة هي وضع الشيء في موضعه.
نسأل الله أن يُعينك على الاعتدال والتوازن، ولا مانع من أن تُبيِّن للطُّلاب أن ما عندك من شِدَّةٍ وحرصٍ إنما هو لمصلحتهم، إنما هو لأداء الأمانة التي ستُسأل عنها ليس في الدنيا فقط، ولكن بين يدي الله تبارك وتعالى، ونسأل الله أن يرفع همَّة الطُّلاب، وأن يعينك على الاعتدال والتأسِّي برسولنا الذي ما رأت الدُّنيا مُعلِّمًا قبله ولا بعده أحسن منه تعليمًا، عليه صلاة الله وسلامه.
والله الموفق.