أصدقائي وأهلي ينفرون مني، فما الحل؟
2021-09-26 02:05:39 | إسلام ويب
السؤال:
السلام وعليكم ورحمة الله.
أكتب في ليلة كئيبة كمثل باقي الأيام، أرجو من سيادتكم الرد على سؤالي، ومساعدتي فأنا في حالة نفسية خطيرة لا يعلمها إلا الله.
أنا شاب عمري 24 سنة، أعاني من عدة أمور أكاد أفقد عقلي منها، فأنا من مدينة صغيرة، أمتلك موهبة الرسم، وكنت أطمح أن أصل إلى مستوى عال، لكن صدمت عندما رأيت لا أحد يكترث لي، هذا أمر قد لا يهم، فلكل شخص نظرته، لكن ما يمرضني أن كل أصدقائي وعائلتي نفروا مني، فوصل بهم الخبث أن ينصحوا أولادهم بعدم الكلام معي، وإذا اجتمعنا أصدقاء أو عائلة فإنهم لا يكترثون لي، زد على ذلك عبارات الاستهزاء والنظرات التي تمر بينهم، وأنا ألاحظ ولا أستطيع الرد، فقد فقدت طعم الحياة تقريبا، أصبحت ميتا في جسد حي، حتى أخي لا يكلمني أبدًا، وهذا يمرضني، لم أجد من يساعدني على تخطي الأمر، فأغلب الأصدقاء اللذين صارحتهم بما أشعر به نفروا مني، أحيانا ينفرون بدون سبب، أصبحت أعيش لوحدي، لا آكل إلا أحيانا، سأجن، يوميا تنتابني أفكارًا انتحارية، لكن لا أريد أن أعيش عذاب الدنيا والآخرة، تخيلوا عندما ألقي التحية ولا يجيبني أحد، أو يديرون وجوههم عني، أو يسلمون على الكل إلا أنا، ولا حتى مجاملة.
ساعدوني، جعلها في ميزان حسناتكم، فكرت في تغيير المحيط لكن لم أقدر على الأمور المادية، لذا لا زلت أعيش الصراع داخل البيت، أصبحت منفرا جدا، والكل يستهزئ بي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ المهدي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والتواصل والسؤال، ونسأل الله أن يجلب لك الطمأنينة والسكينة، وأن يُصلح الأحوال.
أرجو أن تشغل نفسك بذكر الله وطاعته، وتعوّذ بالله من شيطانٍ همُّه أن يُحزن أهل الإيمان، واعلم أن للقلوب وحشة لا يُذهبها إلَّا الأُنس بالله تبارك وتعالى، فأصلحْ ما بينك وبين الله يُصلح الله ما بينك وبين الناس، واسألْهُ دائمًا أن يُحبِّبْك إلى خلقه، وأن يُحبّب إليك الصالحين منهم، واعلم أن الطريق إلى قلوب الناس يبدأ بطاعة ربّ الناس، قال الله: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وُدًّا} أي محبة في قلوب المؤمنين، وقبولاً ومودة، وسيثيبهم الله ويرزقهم ذلك، يحبهم الله ويُحبِّبهم إلى خلقه.
وإذا أقبل الإنسان بقلبه على الله أقبل الله بقلوب الناس عليه، واعلم أن الإنسان عليه أن يسعى لإرضاء الله تبارك وتعالى، فإن رضي الله عنه فكلّ الذي فوق التراب تراب، ولا تجعل همّك إرضاء الناس، وافعل ما عليك من الواجبات، خاصّة تجاه والديك، اقتربْ من أفراد أسرتك، وتعوّذ بالله من هذه الوساوس، واعلم أن الذي يسخر من إنسانٍ إنما يسخر من نفسه، والموهبة التي عندك لها مكانة، ولها موضع، والإنسان ينبغي أن يتدرّب أيضًا على عددٍ من المهارات، ويُطوّر ما عنده من قُدرات، ويسعى أيضًا في تغيير بيئته، والبحث عن الصالحين.
وأنت من خلال تواصلك مع موقعك يتضح أنك تستطيع أن تتواصل مع آخرين يُفيدونكَ ويُساعدونك، بل تستطيع أن تتصفّح الموقع وتتواصل لتعرض ما عندك، لتأخذ الجديد والمفيد، ونسأل الله أن يُعينك على الخير.
تجنّب الوحدة؛ لأن الشيطان مع الواحد، وأشغلْ نفسك بالقراءة وبالأمور المفيدة وبتنمية المهارات، واعلم أن ما يحصلُ من الناس ما ينبغي أن تغتمَّ له طويلاً، فإن الإنسان ينبغي أوَّلاً أن يجتهد في أن يبحث عن الصالحين، فإن الخُلطة مع الناس مِنَ الناس مَن خُلطته كالغذاء، يحتاجه الإنسان أحيانًا، ومن الناس من خُلطته أيضًا كالدواء، لا يحتاجه إلَّا عند لحظات الضعف، ونحن معك نتواصل، وهذا موقعك، ومرحبًا بك.
ومن الناس أيضًا مَن التواصل معه داء (مرض)، ومع ذلك فالإنسان عليه أن يسعى في أن يكتشف الأخيار (الصالحين) ليكون إلى جوارهم، ونسأل الله أن يُعينك على الخير، ونسعد بتواصلك، ونُؤيِّد فكرة السعي في تغيير المحيط متى ما تيسّر لك ذلك، وتغيير البيئة، لأن الإنسان إذا سافر وذهب إلى بيئة جديدة فإنه يُتيح له أن يكتشف ما عنده، ويكتشف أيضًا مجتمعاتٍ جديدة، ولكن أرجو ألَّا تُركّز مع الناس، ولا مع نظراتهم، ولا تهتمّ لهم، وإنما عليك أن تُلقي السلام، فإن ردُّوا عليك فبها ونعمتْ، وإلَّا فالثواب لك والأجر عندك، والإثم على مَن يُقصِّر في حقك.
فلا تغتمّ وتهتمّ، وإذا كنت وحدك – كما قلنا – عليك أن تشغل نفسك بالمفيد، واشغل نفسك بالخير قبل أن يشغلك الشيطان بغيره، وتعوّذ بالله من العجز والكسل، فإن العجز نقصٌ في التخطيط، والكسل نقصٌ في التنفيذ. وعوّد نفسك التفاؤل بالخير واللجوء إلى مَن بيده الخير، ونكرِّر الترحيب بك في الموقع، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.