نسبة نجاح الطب النفسي في علاج الأمراض النفسية
2006-02-14 11:40:29 | إسلام ويب
السؤال:
إلى الإخوة في الشبكة الإسلامية المحترمين! أرجو منكم تقبل مساهمتي وإن كانت في الاتجاه المعاكس لكم، وأن تتقبلوا ذلك، وإن أمكن أن تردوا علي بشكل إيجابي أو أن تغيروا نظرتي لهذا الأمر، وحيث إنني مدمن على موقعكم، وخاصة الاستشارات النفسية، والتي يقوم بالرد عليها الدكتور الفاضل محمد عبد العليم.
سأعنون مقالي هذا عن الطب النفسي بعنوان: الطب المفلس.. لماذا؟
لأنه -وبصراحة شديدة- الأمراض النفسية ليس لها علاج فعال ونهائي، مع احترامي الشديد للأطباء النفسيين، فلم نسمع أن مريضاً نفسياً قد شفي نهائياً وعاد لطبيعته، كل الأدوية التي تصرف للمرضى قديمة كانت أو حديثة ما هي إلا مهدئات وقتية، وبمجرد تركها تعود الحالة إلى صاحبها أعنف مما كانت عليه من قبل!
ومن خلال تجربتي الشخصية التي مررت بها فقد ذهبت لأشهر الأطباء في العالم العربي وأكبر العيادات التخصصية، وتناولت الأدوية ومازلت، وصرفت من المال والجهد الشيء الكثير، على أن تشخيص الحالة أنه مرض معروف وشائع، وبمجرد شرحه للدكتور يقول: الأمر بسيط وله علاج، حيث أمشي على وصفته شهوراً طويلة، وربما سنوات في مثل حالتي، مع جلسات، وفي نهاية الأمر لا شيء! ثم إنك تسمع كلامهم المعسول عن علاج الحالة وأن أمرها بسيط ولا تخف، وغيرها من هذه الكلمات المنمقة! ولكنني أقولها بكل صراحة: أن الطب النفسي مفلس، وأن الأطباء النفسيين ضيعوا عمرهم بطلب شهادات ليس لها قيمة غير التربح المالي واستنزاف جيوب المرضى! والدليل طوابير المرضى الذين يتنقلون من عيادة إلى عيادة دون تحسن، وأنا أعرف الكثير منهم، ومع ذلك كله الأدوية أسعارها خيالية، ويقولون لك: نتائجها لا تظهر إلا بعد عدة شهور، هذا إذا كان لها نتائج أصلا.
ثم إن الدكتور يتنقل إلى جميع الأدوية الموجودة في صيدلية الطب النفسي، ويجربها على المريض كأنه فأر تجارب، بعكس طب الأبدان والتي مهما كانت شكواك ومعاناتك حيث يصرف لك علاج تأخذه في أسبوع، وبإذن الله يزول كل ما تعانيه وبأدوية لا يتعدى سعرها دراهم معدودة، هذا هو الطب الفعال، وهذه هي الشهادات التي تشر ف صاحبها.
وفي الختام: أود أن أقول نصيحة لوجه الله: من يريد أن يبدأ رحلة علاج نفسي أن يضع نصب عينيه فشل هذه الرحلة مقدماً ولا يتفاءل كثيراً، وأن يعتبرها محاولة، وأن يستعين الجميع على الصبر واحتساب الأجر وأن يفوضوا أمرهم لله أولاً وأخيراً.
والله من وراء القصد.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الصريح جداً حفظه الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
جزاك الله خيراً أيها الأخ الكريم على هذه المساهمة، والتي أقبلها بكل رحابة صدر، ولا شك أن هذه المواضيع لابد أن تُطرح بموضوعية وتجرد.
هنالك الكثير من الخلط لدى بعض الناس فيما يمكن أن يقوم به أو يقدمه الطب النفسي، ويبدأ هذا الخلط بنوعية الحالة التي يُعاني منها المريض، هل هي حالة نفسية أم هي حالة ذُهانية (عقلية)؟ أم هي اضطرابات في الشخصية؟
أريد أن أبدأ بالجانب الذي يوافق رسالتك، وهو أن 40% من المرضى الذين يترددون على عيادات الطب النفسي لا يستفيدون منها كثيراً، وهنا أؤكد لك وبكل صدق أن 60% من الذين يترددون على العيادات يستفيدون استفادةً تامةً وكاملة، وهذه بالمقارنة تُعتبر نسبة عالية جداً في الطب؛ لأننا إذا قارنا لوجدنا أنه حتى مرضى السكر أو مرضى القلب لا يستفيدون مثل هذه الفائدة.
هنالك حالات ذهانية وكذلك حالات نفسية لا زال الطب النفسي عاجزاً في أن يقدم لها الكثير كما ذكرت؛ وذلك نسبةً لعدم وضوح الرؤية فيما يخص الأسباب المهيئة أو التي تؤدي إلى استمرارية هذه الحالة، وهنالك جانبٌ آخر وهو أن العلاج في الأصل هو عقد شراكة بين المعالِج والمعالَج، ولابد لكل واحد منهما أن يقوم بدوره، ولا أقول أن كل المعالجين جيدين وملتزمين علمياً وأخلاقياً، ولكن الجانب الآخر نجد أن الكثير من المرضى -ومع احترامي الشديد- لا يطبقون التعليمات الإرشادية التي تُذكر لهم، ومن تجربتي فإن المريض يقبل كثيراً بالوصفة الطبية الدوائية التي تكتب له، ولكن قل من يقوم بتنفيذ التعليمات السلوكية، والتي لا تقل في كثيرٍ من الحالات عن العلاج الدوائي.
هذا جانبٌ مهم جداً ربما يكون أعطى الانطباع السلبي عن الطب النفسي، ولكن كما ذكرت هنا المسئولية مشتركة بين المعالِج والمعالَج .
أيها الأخ الكريم: أعرف الكثيرين الذين تغيرت حياتهم عن طريق الطب النفسي، وأعرف أناساً عاشوا تحت قسوة الألم النفسي، والحمد لله الآن هم يهنئون بحياة سعيدة، وأعرف أناساً كانت حياتهم قد تعطّلت تماماً تحت وطأة الاكتئاب النفسي أو خلافه من الأمراض، وهم الآن والحمد لله في صحةٍ ممتازة، وأصبحوا يدعون الكثير من الإخوة الذين لديهم معاناة وكانوا لا يتقدمون للطب النفسي خوفاً من الوسمة الاجتماعية، أصبح هؤلاء سبباً في إقناعهم للتقدم للأطباء النفسيين، وأعرف أناساً آخرين كانوا يعيشون في عالمٍ مرضي تام غير مرتبطين بالواقع، مفتقدي البصيرة، يعيشون في عالمهم الخاص المليء بالهلاوس والضلالات وسوء التأويل، وتفكك الأفكار وتطايرها، وهم الآن والحمد لله يعيشون حياتهم الزوجية والعملية والاجتماعية بصورةٍ جيدة جداً .
هذا الأمر أمرٌ طويل ومعقّد أيها الأخ المبارك، ولكن أؤكد لك أن الإنسان إذا ذهب للطبيب النفسي الصحيح، وأخذ الدواء الصحيح وللمدة الصحيحة، واتبع الإرشادات النفسية الصحيحة لابد له أن يستفيد من الطب النفسي، على الأقل إذا لم يشف أو تتحسن حالته فإنها لن تتدهور، علماً بأن الكثير من الأمراض العقلية والنفسية إذا لم تُعالج تؤدي إلى تفتت كامل لشخصية الإنسان، وهذا هو التدهور الذي نعنيه.
أنا أحترم كل ما ورد في رسالتك أيها الأخ الكريم، ولكن قطعاً يجب أن لا نعتقد في أن ما يقدمه الطب النفسي أنه مضيعة للوقت، كلا، ففيه الكثير من الخير بإذن الله، والحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها .
وبالله التوفيق.