أطمع في رحمة الله لكني أفعل الذنوب!
2021-11-09 07:50:08 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم..
أنا ابنتكم وأستشيركم بكل أمر في حياتي أو من حولي، ولو شكرتكم العمر كله لما وفيتكم حقكم، كما أشكر لكم ردودكم وصبركم وتعاملكم اللطيف.
أنا أصيب وأخطئ، ولكن لا أجيد التوازن في المعصية والطاعة، حيث إني أميل للتشدد في الطاعة أو المعصية، فلو كنت على طاعة ألتزم تمامًا، لكن أنا نفس بشرية أخطئ، ومصيبتي عندما أخطئ فإنني أبتعد عن التزامي الوجداني وليس الفعلي، حيث لا أكون بمدى لهفتي للطاعات كما السابق، أي يقلّ إيماني، إلّا أنه والحمد لله بفضله لا أقطعها، وذلك بفضل الله أن يحميني.
لو سمحتم
- أريد أن تعينوني على ترك هذا التوجه السلوكي لديّ لعلمي تمامًا بأنه خاطئ.
- كما أريدكم أن تعينوني على تصحيح فكرتين وهنّ:
١- أؤمن برحمة الله لدرجة أني أفعل الخطأ ومتيقنة أن الله لن يحاسبني، على علمي التامّ أن هذا الفكر خاطئ، فلا يجب أن أطمع برحمته وعذابه سبحانه شديد.
٢- أني أُنسِبُ كل أخطائي بأنني نفس بشرية، ولا يمكن أن أبقى على صواب دائمًا، وأعلم أنه أيضًا خاطئ وباب لدخول الشيطان، واعتيادي الذنب تحت مسمى النفس البشرية، فأرجوكم وجّهوني وساعدوني في تصحيح مساري.
أدام الله شمعةَ عونكم لا تنطفئ.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ mawaddah حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك بنتنا الفاضلة في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والتواصل المستمر، ونحن نشرف بأن نكون في خدمة أبنائنا وبناتنا، نسأل الله أن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.
لا شك أن الإنسان يُصيب ويُخطئ، لكن التمادي على الخطأ وتكرار الأخطاء هو الأمر الذي يحتاج مِنَّا إلى وقفات، والكريم الرحيم التواب ما سمَّى نفسه (توابا) إلَّا ليتوب علينا، ولكنّ الإنسان ينبغي أن يتجنّب المعصية، ويتجنب تكرار المعاصي، ويخلص في توبته، ويصدق في أوبته، فإن توبة الكذّابين هي أن يتوب اللسان ويظلّ القلب متشوقًا للمعصية.
وعليه أرجو أن تُكثري من اللجوء إلى الله تبارك وتعالى، وأن تجعلي التوبة نصوحا، والتوبة النصوح تبدأ بالإخلاص لله فيها، والصدق مع الله فيها، والعزم على عدم العود، والتوقف عن العصيان، والندم على ما فات، فإن كان فيها حقٌّ لآدمي أيضًا يُضاف ردّ الحقوق إلى أصحابها.
وممّا يُعينك على الثبات الابتعاد عن أسباب الهبوط، والابتعاد عن الرفقة السيئة، والبُعد عن بيئة المعصية والمكان الذي تُمارس فيه المخالفة، والشعور بأن الله لا تخفى عليه خافية، وهي معنى (المراقبة) فإن الله ناظرٌ إلينا مطّلعٌ على ما يحصل مِنَّا، والتخوّف من الذنوب والمعاصي؛ فإنها الأسوأ عندما تكون في الخفاء، يعني: معاصي الخلوات والخفاء، كما أن الطاعات التي في الخفاء أجرُها عظيم وثوابها عند الله تبارك وتعالى عظيم.
إذًا تجنّبي الأخطاء في الخفاء، وأكثري من الحسنات بينك وبين الله تبارك وتعالى، وكرري التوبة، وأكثري من الاستغفار. ولابد أن تُدركي أن الله فعلاً رحيم، وهو الرحيم سبحانه وتعالى، لكنّه أيضًا شديد العقاب لمن يتمادى ولمن يستهين بالمعصية، فلا تنظري إلى صغر الخطيئة ولكن تذكري العظيم الذي تقومي بعصيانه، وأغلقي على الشيطان الأبواب، واعلمي أن النفس البشرية إذا راقبت الله صعدت وارتفعت، وهذا ما نريده من أمثالك.
فنسأل الله أن يُعينك على الخير، واجتهدي في البُعد عن المعاصي صغيرة كانت أو كبيرة، واجتهدي قبل ذلك في الابتعاد عن أسبابها ودواعيها، ونسأل الله لنا ولك الثبات والسداد، ونسأله أن يتوب علينا لنتوب، {ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم}.