ظروف والدي تشعرني بالضيق، ماذا أفعل؟
2021-11-23 03:21:47 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا فتاة، عمري 13 سنة, والداي واقعان في مشاكل مادية صعبة، والديون متراكمة عليهما، أنا الأكبر بين إخوتي، وإخوتي يطلبون من والدي حاجيات، أحاول توعيتهم أن لا يطلبوا منهم شيئا؛ لأنهم حاليا لا يستطيعون شراء ما نريد؛ ولكن للأسف لا يصغون لي، كل يوم قبل أن أنام أبكي؛ لأني أكره أن أرى والدي مهمومين، وبدأ يؤثر هذا علي في المدرسة، فلقد بدأت أشعر بالنقص بين زميلاتي في المدرسة، فهن يمتلكن ما لا أملك، وبدأت لا أرى صفة واحدة تميزني عنهن، لم أعد أرى شيئا يجعل والدي فخورين بي.
أنا أريد أن ألبس، وأريد آن آكل ما أشتهي، ولكني لا أطلب من والداي شيئا، كي لا يشعران أنهما مقصران في حقي، والداي يقولان لي: أن أدرس وأنجح وأعمل وأغير حياتنا إلى الأفضل، وبسبب هذا أصبحت أخاف من الفشل في دراستي وامتحاناتي، وحتى صرت أخاف من الموت، لأني إن مت لن أحقق رغبتهما، وأخاف أن يموت أحد منهما، لأنه إن حصل لهما شيء لن ينظرا إلي وأنا أنجح، غير ذلك أصبحت كثيرة الشجار مع أمي، فلم أكن أقل لها (لا أريد)، وأصبحت كثيرة التذمر، وحتى إن شعرت أنني مخطئة أذهب إلى سريري وأبكي، لا أستطيع أن أقول لهما (آسفة)، شيء ما يمنعني، رغم حبي الكبير لهما.
أصبحت غير اجتماعية، لم أعد أكون صداقات في المدرسة، ولا أجلس كثيرا مع والدي، صرت كثيرا ما أحب الجلوس أمام الحاسوب، وأستمتع بالنوم على سريري والسرحان بخيالي، رغم أنني كنت أحب الخروج والجلوس مع والدي.
ماذا أفعل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أفنان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابنتنا الرائعة الفاضلة- المهمومة بأمر والديها، ونسأل الله أن يُصلح الأحوال، وأن يُحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.
لا شك أن هذا الشعور النبيل تُحمدين عليه، وهو ممَّا يُميّزك، فهذه صفة رائعة مفقودة عند معظم البنات ومعظم الأولاد، وهنيئًا لك بهذه الصفة، أن يكون عندك الهم والاهتمام لما يحصل للوالدين، وأرجو أن تعلمي أن الاجتهاد في الدراسة، وقبل ذلك الاجتهاد في العبادة، والتوجُّه إلى الله تعالى بالطاعات، وتربية إخوانك على السجود لله ربِّ الأرض والسماوات هو أهم ما يُعين الوالدين ويُسعدهم، بل هو أهم ما يجلب الأرزاق، {لا نسألُك رزقًا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى}، هذه ختام الآية التي قال الله فيها: {وأْمُرْ أهلك بالصلاة واصطبر عليها}، ففي الصلاة بابٌ للرزق، والاستغفار سبيل للرزق، والطاعات سبيل للرزق.
واحمدي الله تبارك وتعالى أنك تُفكرين بهذه الطريقة، لا تنظري إلى الزميلات، ولكن احمدي ربَّ الأرض والسماوات، واعلمي أن الله ميّزك بنعم كثيرة منها هذا الجانب الذي أشرنا إليه، ثم هذه القدرة على التواصل مع موقعك وكتابة هذه الاستشارة المميزة؛ وعليه أرجو أن تكتشفي نعم الله عليك ثم تحمدي الله عليها، لتنالي بشكرك لربنا المزيد.
أمَّا بالنسبة للوالدة: فتعوّذي بالله من شيطانٍ لا يريد لك الخير، يُريد أن يُخرجك من دائرة البر، ونبشرك بأن قلب الوالدة طيب، وهي لا تزال تُحبك، وأنت كذلك تحبينها، ولكن تجنّبي الاحتكاك بها، وعبّري لها عن الأسف إذا ارتفع صوتك أو ظهرت صور من الصور التي لا تُحبها الوالدة، وكوني أيضًا مستمرة في النصح لإخوانك والإرشاد لهم، واعلمي أن أكبر مكافأة للوالدين هي أن يروا الأبناء ساجدين راكعين لله رب العالمين، وهذا يقودهم للنجاح في حياتهم، فنجاح الحياة فرعٌ عن النجاح في الارتباط بالله تبارك وتعالى، وإذا أصلح الإنسان ما بينه وبين الله يسَّر الله تبارك وتعالى أموره.
إذًا ندعوك إلى:
1. الدعاء.
2. كثرة الاستغفار.
3. الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
4. القُرب من الوالدين وإدخال السرور عليهم.
5. الاستمرار في توجيه الصغار وتربيتهم.
6. عدم التمادي في الهموم والغموم، لأن هذه من الشيطان، وهمُّ الشيطان أن يُحزن أهل الإيمان.
واعلمي أن هذا الهم أو الغم أو الحزن أو الدموع لا تُغيّر الواقع، لكن الذي يُغيره هو الدعاء، هو فعل الأسباب ومنها الاجتهاد في طلب العلم، ومنها الاجتهاد في مساعدة الوالدين، حتى بالبدن، بأن تُخففي عليهم، وأن تكوني إلى جوارهم، وتُرتبي جدول المذاكرة، هذا الذي يُسعد الوالدين، وصدّقيني: الفلوس ليست كل شيء، فمن الناس مَن وجد الفلوس لكنّه حُرم السعادة، وحُرم العافية.
فاحمدي الله على العافية، واحمدي الله على هذه الأسرة المستقرة، واحمدي الله تبارك وتعالى على هذا الوعي الذي رزقك الله إيَّاه، فلا تنزلي من هذه الرتبة العالية في الأخلاق والفضائل، وتعوذي بالله من الشيطان الرجيم، وعودي إلى ما كنت عليه، خالطي الصديقات والصالحات على وجه التحديد، واقتربي من والديك، وكوني عونًا لهم، علَّمي إخوانك الصغار الأشياء الصحيحة، ونسأل الله لنا ولك ولهم التوفيق والسداد.