بسبب الوساوس أصبحت بعيدًا عن حلاوة الإيمان، فما الحل؟
2022-05-16 00:44:55 | إسلام ويب
السؤال:
حياكم الله.
أنا شاب بعمر 17 سنة، منذ سنين بدأت الالتزام بالصلاة، الله المستعان، أهلكت نفسي بالتنطع والاسترسال مع الوساوس على مر الأعوام، ولم أكلف نفسي بالسؤال عن الوساوس وكيفية التعامل معها، والجاهل عدو نفسه.
تأخرت جدًا في أن أبحث عن طرق أسلكها مع الوساوس، وساوس في العقيدة في كل أبوابها، ووساوس الصلاة والطهارة في كل أبوابها، خيالات جنسية وساوسها أخاف دائماً من وساوس المستقبل، والمصائب وساوس تشكيك في أعراض الناس، وسوء ظنون بالله، وبالناس، وتشكيك في نواياهم ووساوس التكفير.
ذهب مني اليقين والإيمان، وكانت نفسي معمرة بالإيمان ولكني هدمتها، وأضعت نفسي وأهلكتها، دائمًا خائف وقلق ومتوتر، أشعر بالوحشة.
وصلت إلى مرحلة خطيرة جدًا من مراحل الموسوس مع وساوسه، وهو أني أصبحت أشك في وجود العالم والناس والحياة، أقصد إذا كانت حقيقية أم لا؟! ربما هذا من أعراض مرض نفسي " الوهم" وأخاف أن أصل إلى مرحلة انفصام.
أنا لا أستطيع الذهاب إلى طبيب نفسي ولا حتى شراء أدوية نفسية.
أصبحت بعيدًا جدًا عن القرآن، كنت أرى جمال الإسلام والقرآن، ولكني بعدما صار الذي صار خفي علي جمال الإسلام ونوره، عافاكم الله.
لا أعلم هل يمكني استعادة حياتي السابقة أم لا؟! وأنا وصلت إلى مرحلة خطيرة، وأخاف أن أصل إلى جامعة أو زواج وأنا ما زلت في مرض الوسواس القهري.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طارق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بك أخي الفاضل، ونحن سعداء بتواصلك معنا على موقع استشارات إسلام ويب، وبخصوصِ ما تفضلت بالسُّؤال عنه فأقول:
• بداية -أخي الحبيب- أنصحك بقطع كل الأمور التي تدعوك للوسوسة، أو كانت سبباً في وجودها كمواقع التواصل الاجتماعي أو متابعة بعض الشخصيات المشهورة أو التي تبث الشكوك والتلبيس، أو غير ذلك.
• عليك بالعلم الشرعي فإنه من أكثر ما يذهب الوساوس، يقول الإمام ابن الجوزي: "اعلم أن الباب الأعظم الذي يدخل منه إبليس على الناس هو الجهل، ...، وأما العالم فلا يدخل عليه إلا مُسارقة". فعليك بحضور مجالس العلماء وحلق العلم. وهي بحمد الله في بلادكم كثيرة ومنتشرة.
• اعلم أن الوسوسة من ضعف الشيطان؛ حيث لم يستطع على المؤمن فعاد إلى الوسوسة؛ ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة»؛ أي رد كيد الشيطان، ومعنى ذلك أن الشيطان إذا عجز عن صد المسلم عن دينه صار يلقي الوساوس فتؤذي صاحب الإيمان، وتسبب له القلق، خصوصاً إذا كان يجهل أنها لا تضره ولا تقدح في إيمانه، فيخشى على إيمانه ويقلق، ولذلك من رحمة الله بعبده المؤمن أنه لا يؤاخذه ولا يحاسبه على الخواطر السيئة والوساوس، ما دام المؤمن لا يصدقها، بل يبغضها ويكرهها، وقد أرشد ـ صلى الله عليه وسلم ـ من ابتلي بهذه الوساوس أن يستعيذ بالله ويعرض عن التفكير فيها، قال صلى الله عليه وسلم: «...، فليستعذ بالله ولينته»، فإن الإنسان كلما غض الطرف عن الوسواس ضعف وتلاشى، ولا يضرك ما يحصل لك، وليس عليك فيه إثم.
• استعذ بالله كلما جاءك طائف من الوساوس والشيطان، وأكثر من قول "آمنت بالله" وقول: "الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤ أحد"، فقد ثبت هذا عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
• أخي الفاضل قد يكون سبب هذا الوسواس البعد عن الله تعالى، والوقوع في المعاصي والذنوب، وإذا كان هذا فيك فعليك بسرعة التوبة إلى الله تعالى.
• اشغل وقتك ولا تترك فترات فراغ في يومك، قم بالمشاركة في الأعمال الخيرية والتطوعية، اهتم بالأنشطة الذهنية العقلية كتعلم لغة جديدة أو مهارات التفكير...، لكي تصرف تفكيرك عن الوساوس.
• مارس الرياضة يومياً، ولو تكون رياضة شاقة كألعاب الدفاع عن النفس؛ فالرياضة من أكثر ما يفرغ الطاقة، ويشغل الوقت، ويصرف التفكير، وتشعر الشخص بالراحة والسعادة.
• ابتعد عن الجلوس بمفردك واعتزال الناس؛ فهي مما يعين الشيطان عليك.
• احرص على صحبة الصالحين والسير معهم.
• حافظ على الأذكار وعلى الصلاة، وقراءة القرآن والاستغفار، قال ابن تيمية: "وينبغي للعبد أن يَثبُت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجر، لأنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان، قال تعالى: ﴿إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾.
• احرص على قراءة الرقية الشرعية من الفاتحة وآية الكرسي والمعوذات.
• أكثر من دعاء الله عز وجل والالتجاء إليه والاستعانة به تبارك وتعالى.
• ثم أعلم -أخي الكريم- أن الوسواس قد يكون له سبب مرض نفسي وتحتاج إلى مراجعة الطبيب المختص.
أسال الله أن يغفر لنا ولك وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين.