أحب التواصل مع الآخرين، ولكن أشعر بنفورهم مني، فما الحل؟
2022-07-03 00:01:30 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أنا أعاني من الوحدة منذ كنت بالمدرسة، والآن تخرجت في الجامعة، ولا تكلمني أي صديقة من صديقاتي، وعلاقتهم معي غريبة، فقط يسألون بالمناسبات.
أنا لا أريد أن أظل هكذا -دائماً لا يتكلمن معي-، ولا أعرف لماذا؟ هل العيب في شخصيتي؟ وحتى بالسوشال ميديا لا أحد يتكلم معي ولا أحد يريد أن يصبح صديقي، لا أعرف لماذا أشعر بالحاجة للناس؟!
أحس بأنهم ينفرون مني، وأنا هادئة ولكن اجتماعية، وأحب العلاقات، أحياناً أشعر بأن الذين يكلمونني يحبونني، وأجلس أتخيل ولا أعرف لماذا وكيف الحل؟ هل أغير شخصيتي أو أغير طريقتي؟ تعبت وصار عندي مرض نفسي، أشرب مضادات الاكتئاب.
أرجو الرد، جزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكركم لتواصلكم معنا وثقتكم بموقعنا.
كنا نود أن نعرف التشخيص الذي ذكره لك الطبيب حول أسباب الاكتئاب الذي تشربين الدواء لأجله، بمعنى هل تم التطرق إلى الأسباب الإمراضية والحوادث التي سببت لك الاكتئاب؛ فإذا لم يتم التطرق للأسباب الإمراضية فقد يكون من المفيد زيارة الأخصائي النفسي وليس الطبيب النفسي، حتى يحلل لك أسباب الاكتئاب ويضع لك برنامجاً علاجياً للتعامل معه، وحتى ذلك الحين يمكنك الاستفادة من النصائح التالية:
1- الإنسان كائن اجتماعي بطبعه، ولذلك ليس غريباً أن يبحث الرجل عن أصدقاء، وأن تبحث المرأة عن صديقات، ولكن حتى لا يقع الشخص في براثن الصداقات السيئة التي تتسبب له في كثير من المتاعب، فعليه أن يحرص على انتقاء الأصدقاء والصديقات الجيدين، الذين يعينونه على الطاعة ويبعدونه عن المعصية، فعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- مرفوعًا: «إنما مَثَلُ الجَلِيسِ الصالحِ وجَلِيسِ السُّوءِ، كَحَامِلِ المِسْكِ، ونَافِخِ الكِيرِ، فَحَامِلُ المِسْكِ: إما أنْ يُحْذِيَكَ، وإما أنْ تَبْتَاعَ منه، وإما أن تجد منه رِيحًا طيبةً، ونَافِخُ الكِيرِ: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه رِيحًا مُنْتِنَةً». متفق عليه.
2- التواصل مع الآخرين ينبغي أن يكون وسيلة لا أن يتحول إلى هدف! فإذا تحول إلى هدف فبمجرد غيابه أو عدم حصول تواصل ستشعرين بالتعب النفسي، والحل هو إبقاؤه كوسيلة من الوسائل المتعددة التي يشعر معها الإنسان بالراحة النفسية.
3- التواصل مع الآخرين ينبغي أن يبقى في إطار اهتمامك الإضافي لا الأصلي! فإذا تحول إلى اهتمام أصلي عندها ستحصل المتاعب، والحل هو أن يبقى كأمر إضافي، بمعنى أنه ينبغي أن يكون لديك ما يشغلك تماماً عن التواصل الدائم مع الآخرين، كمشروع دراسي أو مشروع وظيفي، أو هواية معينة تأخذ منك جل وقتك، فإذا تبقى شيء من الوقت عندها يمكنك صرفه في التواصل مع الآخرين!
4- التواصل مع الآخرين ينبغي أن يكون تعلقك به تعلقاً داخلياً لا خارجياً! فالناس صنفان في التعلق بالآخرين: صنف يتعلق بهم خارجياً، حيث تعتمد حياته على التواصل مع الآخرين، فإذا انقطع هذا التواصل لسبب أو لآخر شعر بالحزن ودخل في دوامة الاكتئاب، وصنف آخر يكون تعلقهم داخلياً، بمعنى أن الذي يحكم تواصلهم مع الآخرين هي المنفعة والقيمة، لا مجرد التواصل لأجل التواصل، فحيثما كانت هناك منفعة أو قيمة فحينها سيكون التواصل مفيداً وفعالاً.
أما إن غابت المنفعة والقيمة فسيكون التواصل غير مفيد وقد يكون ضارًا.
يمكنك القراءة والمطالعة عن هذا الأمر حول مفهوم مركز التحكم Locus of control وهو نوعان: داخلي وخارجي.
5- التخيلات التي تصنعينها لنفسك تشبه ما يسمى بأحلام اليقظة Day dreams وهي قد تكون مفيدةً نوعاً ما كجزء من التفريغ النفسي؛ ولكن إن زادت عن حدها فستتحول إلى أوهام تجعل الإنسان يصدم بعدها بالواقع وتتسبب له بمزيد من الأسى والحزن.
أخيراً.. نرجو أن تجربي صديقاً جديداً، وهو أن تكوني بقرب كتاب الله تعالى، وتجعلي لك حظاً من القرآن بشكل يومي، ولو شيئاً يسيراً كقراءة صفحة يومياً، جربي هذا لمدة شهر على الأقل وراقبي التغيرات التي تطرأ على نفسيتك.
نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.