أشعر أن أمي تكرهني لأنها تسيء معاملتها لي، فماذا أفعل؟
2025-01-12 21:35:55 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أمي تعاملني بشكلٍ سيءٍ، وأنا حساس وأتعالج نفسيًا من الذهان، مشكلتي أنني دائمًا أشعر أن أمي تكرهني من خلال كلامها ومعاملتها لي، منذ صغري وأنا متعلق بوالدتي، ولا أعرف كيف أفعل شيئًا إلا بوجودها، حتى الأكل والغداء.
كل يومين يحدث بيننا شجار، وتتركني في البيت لمدة 3 أو 4 أيام، وتقفل الهاتف، ولا ترد، أي شيء أطلبه منها يتسبب في عراك، حتى لو كان طلبًا تافهًا، وتدعو عليّ بقولها "يا ليتني ما عرفتك" و"ربنا ينتقم منك" لمجرد أنني طلبت شيئًا واعترضت، ولو قلت لا، وتناقشت معها، تقول إنني أتكلم كثيرًا، وتطلب مني أن أجلس ساكنًا.
والدي متوفى، وإذا لم أتحدث معها، مع من سأتحدث؟! الأسوأ هو أنني أشعر أني لو مت، ستقول "يا ليته مات مبكرًا"، هي تكرهني بشكل واضح، ومعاملتها سيئة جدًا، ولا يهمها أمري.
عمري 37 سنة، ولم أتزوج ولا أعمل، عندما أتحدث معها، أشعر أنها غير مهتمة، ولا يهمها أمري، عندما أبكي، تقول لي: إنه لا يوجد رجل يبكي، وإنني أمثل.
عندما أرغب في إيذاء نفسي، تقول لي "المهم الزجاج، المهم الفازة (إناء الزينة)، أنت غير مهم "، عمرها ما قالت لي كلمة حلوة، ولا حتى تسأل عني كثيرًا، دائمًا تريد أن تثبت أنني الشخص السيء، وأنني لا أحبها، وتدعو عليّ بسبب أي طلب، رغم أن أغلبها تافه، تقول لي إنني أحبها فقط من أجل الطلبات، وربنا يشهد أنني أحبها، لكن من سأطلب منه؟ ليس لدي أحد آخر أطلب منه.
أشعر بالذل منها، تتركني في البيت لمدة أسبوع؛ لأنها تعرف أنني سأحتاجها، وهي لا تريدني حتى لو مت، تصرفاتها تثبت ذلك، كل شيء شجار؛ لأنني أتحدث معها كثيرًا، وإذا لم أتحدث معها، مع من سأتحدث؟ لقد دمرت حياتي ونفسيتي.
أريد أن أموت، أو أن يتوفاني الله مبكرًا، أنا رخيص بالنسبة لها.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ على أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بك -أخي الفاضل- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.
أخي الكريم: لقد أجبت عن علة الداء في أول سطر من حديثك، وذلك حين قلت: (أنا حساس)، وهذا هو أصل المشكلة مع بعض الأمور اللاحقة التي سنتكلم عنها.
أخي: من طبيعة النفس الحساسة أنها تبصر الجانب المظلم من الحدث، ثم تبدأ بتحليله، ثم يأتي تضخيمه، هذه هي الثلاثية السوداء التي تحيط بالنفس المتحفزة، ولعلنا نضرب لك مثالاً يوضح المعنى.
أنت في أواخر الثلاثين، وهذا يعني أن الوالدة -حفظها الله- قد تكون في أواخر الخمسين، أو ربما يزيد، ومن كانت في هذه السن دائمًا تحتاج إلى ولدها المعين ليخفف عنها الحمل، ويتحمل ما يجب عليه حمله، فهذا دوره الطبيعي، دعنا نفترض أن الأم تفكر في هذا المعنى، وهي تحضر طعامك، ثم جهزته وأنت نائم، أو متكاسل لا تفعل شيئًا، وهي بين تعب تنظيف البيت، وطهي الطعام، وثقل الحمل، وضعف الأمل في ولدها الراقد، ثم أثقلها ذلك، فوضعت الطعام بطريقة تنبئك أنها غير راضية عن هذا الطريق، ولا تلك الحياة.
أمام هذا الموقف الابن المشاهد للحدث أحد اثنين:
1- سوي النفس: سيحلل الموقف، ويدرك أن واجبه أن ترتاح تلك الأم، وأن تكرم، وأن تعان، فيبدأ بالبحث عن عمل والانخراط بالمجتمع، وتحمل واجباته.
2- من لا يبصر من كل ما مضى إلا طريقة وضع الطعام، وهو الجانب المظلم، ثم يبدأ التحليل ليصل إلى أنها كارهة وجوده، ثم يبدأ التضخيم ليستشعر أنه المظلوم، ويدخل في مرحلة الاكتئاب الحاد.
أخي الحبيب: إن مواقف الوالدة معك لا تدل إلا على المحبة والخوف الزائد عليك، إنها تدرك أن نهاية هذا الجلوس وخيمة، فأرادت أن تضعك أمام الأمر الواقع لعلك تنتقل من الدور السلبي إلى الإيجابي، لعلك تبدأ بممارسة طبيعية لحياتك، لكنك وعوضًا عن التفكير فيما أحسنت فيه بدأت تتهمها بما هي بريئة منه.
أخي الحبيب: ثق أن محبة الأم لولدها هي أصدق محبة عرفتها الحياة، تلك فطرة الله التي فطر الناس عليها، وأي حديث غير ذلك ضرب من الجنون، وتجاوز للمعقول واللامعقول، فأنت عندها أغلى من نفسها ومن حياتها، وقلبها عليك يتقطع كلما رأتك على تلك الحالة الانعزالية، فلا تخلط غضبها منك وقلقها عليك بحبها لك.
أخي: إن الوالد لا يزهد في الحديث مع ولده إلا لأحد أسباب منها:
1- كثرة التكرار، وعدم وجود منافذ للحل.
2- عدم استيعاب الابن مع الاجتهاد في التبيان من قبل الوالد.
3- كثرة مقاطعة الابن اللامنطقية للوالد أثناء الحديث.
4- أن يترتب على الحديث مشاكل أكبر، فيتجنب الحديث لأجل دفع المشاكل الأكبر.
5- توافه الأحاديث من قبل الأم، مع عدم استيعاب الحياة حوله
وبالجملة، فقد تكون والدتك من هذه الأصناف؛ لذا آثرت الابتعاد عن الحديث.
أخي: إننا ننصحك بما يأتي:
1- الجلوس مع الوالدة للاستماع فقط، اجعلها تقول لك كل ما تريد قوله بعد أن تبين لها أنك أدركت أنك مخطئ، وأنك يجب أن ستبدأ من جديد.
2- طرح الحساسية من الحياة العائلية، بل ومن الحياة الاجتماعية، وذلك بحسن الظن في كل فعل، أو سلوك، أو قول، احمل الكلام على أفضله وأتمه، واسأل عن المتحدث معك عن مقصوده قبل أن تتهمه.
3- أبدأ بالانخراط المجتمعي الآمن، وهذا يكون مع الأقرب من الأهل، فالأقرب.
4- ابدأ عن البحث عن عمل، ولو بدخل بسيط.
5- اذهب إلى المسجد، واتخذ من الشيخ والمصلين إخوة لك، وابدأ بمصاحبتهم، ونوصيك بالحديث مع الشيخ أولا.
6- أصلح علاقتك بالله عز وجل، وابدأ في المحافظة على صلاتك، وقرآنك، وأذكارك.
7- اقرأ عن الإيجابية، ونوصيك بكتاب( دع القلق وابدأ الحياة).
8- اجتهد في مساعدة والدتك في تنظيف البيت، في الطهي، في ترتيب الغرف، المهم أن تكثر من الأفعال لا الأقوال.
إننا على ثقة أنك لو فعلت ذلك لتغيرت الأمور إلى الأفضل، وبدأت تبصر ووالدتك فجرًا جديدًا وأملاً ناشئًا.
نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يحفظ والدتك، والله الموفق.