توهم المرض وعدم الرغبة في الحياة، ما علاجه؟
2006-03-18 18:36:38 | إسلام ويب
السؤال:
لست أدري ماذا أقول، كل ما في الموضوع أني مررت بظروف، والظروف كانت عبارة عن أني متوهم أني مريض: مرة بالقلب وأحياناً كنت أشعر بدوخة، فذهبت إلى طبيب قلب وقال: لا أعاني من أيّ شيء، أما من ناحية الدوخة فأجريت تحليل دم، فاتضح أنه عندي أنيميا عادي، ومن هنا كانت بداية المشكلة.
ومن بعدها بدأ شعور بعدم الرغبة في الحياة بعدما كنت أحبها جداً، فذهبت لدكتور نفسي، فقال: إني أعاني من الاكتئاب، فزادت عدم رغبتي في الحياة؛ لأني علمت أني أعاني من الاكتئاب، وبمرور الوقت -طبعاً مع المداومة على العلاج- بدأت الحالة تتطور والأفكار الغريبة تأتي، أفكر أن الموضوع سيصل معي لدرجة الجنون، وخفت من ذلك، وبعدها أحببت أن أكون كذلك، مع العلم لا أعرف ماالسبب!
وحالياً لو جلست مع أيّ شخص يعاني من أيّ حالة نفسية أفكر فيها وأعيشها، قال لي صديق أنه يستغرب وجوده بين البشر ويستغرب كل ما هو حوله، حتى أنه يستغرب أشكال البشر! ولماذا خلقوا بهذه الأشكال!
حاليا لا أستطيع التفكير بطريقة صحيحة في أمور حياتي، ولا أهتم بمظهري أمام الناس، ولا أعرف أفكر، ولا أبالي بأيّ شيء، مع أن تصرفاتي مع الناس جيدة، فقط بيني وبين نفسي وأفكاري أحس أنها ليست طبيعية، وأحس أني لست طبيعياً، والتفكير مسيطر عليّ بقوة، أتمنى أن أرجع طبيعياً مثل ما كنت، وفي نفس الوقت لا، ولا أعرف لماذا!
لا أريد الموضوع يطول، ولا أعرف أعيش حياتي، وعندي لا مبالاة رهيبة، وأحس أني سأظل هكذا! أنا أعرف أن الكلام الذي أقوله ليس طبيعياً! لكن هذه هي الحقيقة.
أخاف أن الموضوع والتفكير يوصلني -والعياذ بالله- للكفر!! أستغفر الله العظيم، هل أنا مبالغ في ما أنا فيه وواهم؟ وما هو الحل؟ أفيدوني أفادكم الله.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سلمان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أولاً: الحالة التي مررت بها حقيقةً والتي أدت إلى ما تعانيه من توهم مرضي كما ذكرت، هي في الغالب أنك كنت تمر بنوعٍ من القلق، وأتت عليه حالة ضعف الدم أو الأنيميا، والتي زادت من قلقك، ثم بعد ذلك حين ذكر لك الطبيب أنك مصاب باكتئاب نفسي حدث نوع من التضخيم والتجسيم الزائد لهذا المفهوم لديك، مما جعلك تحس بإحباط أكثر، علماً بأن الاكتئاب مرض شائع جداً، وهو بسيط ويمكن علاجه، إذا التزم الإنسان بالعلاج.
الذي أراه أن شخصيتك تحمل صفات القلق، كما أنك حساس، وربما تكون أيضاً تعاني من نوع من الوساوس البسيطة، مما جعلك تتساءل فلسفياً حول نفسك، وطريقة تفكيرك، وهذه أيضاً تأتي تحت القلق النفسي.
أرجو أن أؤكد لك أن مثل هذه الأفكار تحدث لكثير من الناس في هذه المرحلة العمرية، ويضعها البعض تحت طائلة أحلام اليقظة أو التفكير الغير منطقي، والذي يسترسل فيه الإنسان، علماً بأن هذه الحالات تختفي تماماً بمرور الوقت.
نصيحتي لك أيها الأخ الكريم هي:
أولاً: أن لا تكثر من مراجعة الأطباء.
ثانياً: أن تحاول أن تقنع نفسك بأن ما تسمعه من الآخرين ليس من الضروري أن ينطبق عليك مطلقاً، فلكل إنسان خصوصيته، ولكل إنسان والطريقة الفيزيائية التي يعمل بها جسمه، والطريقة التي تدار بها عواطفه ونفسه مختلفة عن الآخرين.
أرجو أن تقتنع بمثل هذه الخصوصية، فإذا اقتنعت بأن ما يقوله الآخرون ليس من الضروري أن ينطبق عليك، أرى أن ذلك سوف يساعدك كثيراً.
ثالثاً: من الضروري جداً أن تضع لنفسك أهدافاً محددة، وتشغل نفسك بهذه الأهداف.
أرى أنك استبدلت الأهداف التي يجب أن تعمل من أجلها، بهذه الأفكار التي تسلطت عليك لدرجة الوسواسية.
ركز في عملك إن كنت تعمل الآن، وأشغل نفسك أيضاً بالتواصل الاجتماعي، أو الانضمام إلى أحد الأندية، أو إحدى الجمعيات، وكن فعالاً.
كما أنه سيكون من المفيد لك جداً أن تدير وقتك بصورة صحيحة، أي: أن تحدد وقتاً لنومك ووقت لراحتك، ووقت للعمل، ووقت للترفيه، ووقت للتواصل الاجتماعي، ووقت للعبادات، وهكذا.
هذه أمور بسيطة جداً، ولكنها مهمة جداً، وإن شاء الله ستحس أنه قد أصبح لحياتك نوع من الهيكل العظمي الذي تستطيع أن تتلمسه في حياتك، وأن تكون واضح المعالم، وأن لا تتقاذفك هذه الأفكار الناتجة عن القلق والوساوس القهرية.
أنا لا أعرف إلى أي مدى قد تناولت علاج الاكتئاب، ولكن من الضروري جداً أن تأخذ بعض العلاج؛ لأن العلاج أيضاً كما أنه سوف يزيل الاكتئاب، سوف يقلل من القلق والتوتر وهذه الأفكار المسترسلة، وكذلك الوساوس.
ربما يكون العلاج الجيد في حالتك هو العقار الذي يعرف باسم بروزاك، أود منك أن تأخذه بمعدل كبسولة واحدة 20 مليجراماً في اليوم، لمدة ثلاثة أشهر، وإن شاء الله ستجد أنه قد أفادك كثيراً.
وأخيراً: أود أن أقول لك أنك لست مبالغاً فيما تقول؛ لأن هذه أفكار متسلطة عليك، وكما ذكرت لك هي ذات طابع وسواسي يمكن الحد منها قطعاً، إذا اتبعت الإرشادات النفسية البسيطة السابقة الذكر، وتناولت العلاج الذي وصفته لك.
وبالله التوفيق.