تأخرت في ترك العمل لرفض استقالتي، فطلقني زوجي!
2025-01-28 22:25:11 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أنا معلمة، أعمل في أحد البلدان العربية منذ ١٠ سنوات من غير محرم، فمنذ ٥ سنوات تمت خطبتي، وكان يعلم بمكان عملي، وأنه ليس لي مورد رزق غيره، تمت خطبتنا لمدة سنتين، وخلال هذه السنتين لم يطلب مني أن أترك العمل.
بعد الزواج عدت إلى عملي أيضاً من غير محرم، وهو رفض أن يسافر معي، وبعد مدة طلب مني أن أستقيل، فوافقت، ولكن كانت بداية السنة الدراسية، ويجب أن أنتظر موعداً محدداً، ومع قرب الموعد استلمت الطلب من إدارتي، واتصلت بزوجي وتناقشنا حسب ظروفنا، ووافق أن أزيد سنة أخرى (وافق على مضض).
في السنة التي بعدها فعلاً قدمت استقالتي (وصليت استخارة وتوكلت على الله)، ولكن استقالتي ردت إلي من الإدارة بعدم القبول، فغضب غضباً شديداً مني، وطلب مني إعادة الاستقالة، ولكنني خفت أن تكون إشارة من عند الله، المهم بعد العودة إلى البلد، ولبيتي كان غاضباً جداً، وتولدت الكثير من المشاكل، وقال إني عصيت كلامه، وبهذا الشيء عصيت الله، وتم الطلاق.
سؤالي الآن: هل فعلاً أنا عصيت الله وعلي إثم كبير؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.
أولاً: نسأل الله تعالى أن يجبر كسرك، ويُخلف عليك خيرًا بما أصابك من فراق زوجك، وأن يُقدّر لك الخير حيث كان.
نحن رأينا من خلال كلامك -ابنتنا الكريمة وأختنا العزيزة- أنك قد بذلت ما تقدرين عليه وتستطيعينه لإرضاء زوجك في شأن العمل الذي كنت فيه، فإنه قد تزوّجك على حالٍ هو يعلمه، ثم لمَّا طلب منك أن تتركي هذا العمل نفّذت ما أمرك به، وعدم قبول الاستقالة إذا كان يترتّب عليه أمرٌ يضرُّك وتتعرَّضين بسبب تركك للعمل بأي أضرار أخرى؛ فإن صبرك إلى أن تنتهي المدة حتى ترجعي إلى بلدك، ليس فيه معصية للزوج؛ لأن الشريعة الإسلامية قائمة على مبدأ (لا ضرر ولا ضرار).
أمَّا إذا كان تركك للعمل لا يضرُّك، ولا تتعرَّضين بسبب تركه بدون الموافقة على الاستقالة، لا تتعرَّضين بسببه إلى ضرر، وكان الزوج قائمًا بالإنفاق عليك إذا تركت العمل، وسيتولى الإنفاق عليك بالمعروف، ففي هذه الحالة إذا لم تستجيبي لطلب زوجك تكوني قد وقعت في معصية الزوج نعم؛ لأن الزوجة لا تخرج من بيت الزوج إلَّا بإذنه.
في ضوء هذه الحالات التي ذكرناها لك أنت تُقدّرين أي الحالين هو حالك، هل هو حال الوقوع في المخالفة والإثم، أو الحال الأخرى؟ وعلى كل حال: حتى على فرض أنك وقعت في المخالفة، ثم رأيت أنك أخطأت، وأنه ينبغي أن تتراجعي عن قرارٍ كان خاطئًا، فإن إصلاح الحال ليس بالأمر العسير، ولا يحتاج الأمر إلى فراقٍ وطلاقٍ، ما دام الأمر سيحلُّ بالتفاهم.
فنصيحتُنا لك ألَّا تيأسي من إصلاح الحال، وإرجاع الأمور إلى ما كانت عليه، وخذي بالأسباب التي تعين على ذلك، ومن ذلك الاستعانة بمن لهم كلمة عند هذا الرجل الذي طلقك، وإبداء حُسن القصد والنيّة والالتزام من جانب كلّ واحد منكما بما كلَّفه الله تعالى به، فإن فعلت ذلك، وكان الله تعالى قد علم أن الخير لك في الرجوع؛ فإنكما سترجعان، وإذا لم تفعلي ذلك، فاعلمي أن الله سبحانه وتعالى رحيم حكيم، يُقدّر الأمور بحكمة بالغة، فما قدّره عليك هو الخير وإن كنت تكرهينه وتتضايقين منه، فقد قال سبحانه وتعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تُحبوا شيئًا وهو شرٌّ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون).
لكنَّنا في الوقت نفسه لا ننسى أبدً - أيتها الأخت الكريمة والبنت العزيزة- أن نوصيك بأن تكوني مع الله تعالى في حالة حسنة، أن تتقي ربك وتلتزمي حدوده، وتجتنبي الوقوع في مساخطه سبحانه، فعملُك هذا ينبغي أن يكون مضبوطًا بالضوابط الشرعية، عملاً يُناسب المرأة ويصلح لها، وتجتنب فيه المرأة الوقوع في المحرمات، من الخلوة برجلٍ أجنبيٍّ، أو خلع الحجاب أمام الرجال الأجانب، أو مُمَاسّة الرجال الأجانب، أو غير ذلك من المحرمات التي هي من هذا الشكل، فكوني على ثقة من أن إصلاح حالك مع الله تعالى هو سببٌ جالبٌ لكل رزقٍ وسعادة لك.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسّر لك الخير حيث كان، ويرضيك به.