أصبحت أبكي ليل نهار بعد أن أقنعني صديقي بالزنا!

2025-01-29 01:11:03 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

هذه رسالة من صديقي، فقد أتعبه التفكير، ولم أستطع أن أصبره، فنصحته بموقعكم لعلكم تفيدونه في مشكلته، يقول صديقي: أنا شاب تربيت في عائلة محافظة منذ صغري، لا أدخن، ولا أتعاطى المخدرات، ولا أفعل الفواحش، ولا أؤذي أحدًا.

بين سن 16 و 18 تعرفت على شاب أصبح صديقي، وكان يدخن، ولم أدخن مثله؛ لأنني أعلم أنه شيء خطير، لكن في سن 18 أقنعني بالزنا، وأن الله غفور رحيم، وأنا لا أعلم أنه ذنب عظيم جدًا، ظننته ذنبًا صغيرًا، ويشهد الله أنني لا أعلم، ففي تلك السنة كانت جارتي تدرس معي في الثانوية، وأحبتني، وكانت دائمًا ترسل لي الرسائل، وأنا كنت لا علاقة لي بالفتيات، لكن الشيطان لعب بي، وفعلت فعل قوم لوط، وأنا لا أعلم أنه شيء خطير.

مع العلم أنني لم أكن أصلي في ذلك الوقت، أصلي وأتوقف، وبعد ثلاث سنوات من الحادثة كنت في الليل، فتذكرت ذنبي، ودخلت إلى موقع "قوقل" ورأيت حجم الذنب الذي وقعت به، فنهضت في الصباح مباشرة إلى الصلاة، ولم أتوقف عنها إلى يومنا هذا، وأصبحت أبكي ليل نهار، وصليت صلاة التوبة، وأصبحت أستغفر، وأقرأ القرآن، وأصلي كل صلواتي في المسجد، وتغيرت عاداتي بعد ذلك.

أرسلت إلى جارتي رسالة أطلب منها المغفرة، لكن ما زال هذا الذنب يؤلمني عند الجلوس مع أهلي، أتذكر الذنب، وعند دراستي، وعند مشاهدة شخص يتكلم عن الذنب، وأصبحت أقول كيف لشخص فعل ذنب كذا أن يوفقه الله في دراسته، وأن يصبح شيئًا في المستقبل؟! والشيء الذي يحزنني أن ألتقي بأبي جارتي، قلبي يؤلمني مع أنني لا أتكلم معه، فهل أخبره؟ وهل يصبح عدوًا لي يوم القيامة؟ وأنا أيضا أخاف عليه.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يصلح حالك وحال صاحبك، إنه جواد كريم.

قبل أن نجيب على صاحبك نحب أن نشكرك على وقوفك بجواره، كما نحب أن نخبرك بأن هذا الشاب فيه خير كثير، فالزم صحبته، وأعنه على التوبة، واحذر -أخي الكريم- أن تكشف عيبه، أو تهتك ستره، أو يغويك الشيطان، فتحاول التعرف على تلك الفتاة، احذر فإن للشيطان أساليب ووسائل، واعلم أنك في ستر من الله ما سترت على المسلمين، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته).

من هنا يبدأ الجواب على صاحبك.

أخي الكريم : لا شك أن ما وقعت فيه كبيرة من الكبائر؛ ولأنك قرأت عنها وتبت إلى الله منها، فلن نكثر معك الحديث عن ذلك.

أخي: نرجو منك أن تقرأ ما سنكتبه بعناية:

أولاً: اعلم أن سعة رحمة الله عظيمة لا يحدها حد، ولا يقف دونها ذنب، قال سبحانه: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، وهو جل وعز القائل عن نفسه: {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ}، والقائل: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}.

وانظر -أخي- إلى قول الله (كل شيء) كل شيء عظم أو كبر، فرحمة الله تشمله، ولعل أعظم ما يدل على سعة تلك الرحمة هذا النداء الرقيق: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}، فمن فعل الذنوب حتى أسرف وجاوز الحد، فالله يخاطبه بأن لا يقنط، وأن الله سيغفر ذنبه.

وعليه -أخي- فاعلم أن الله ما وفقك للتوبة إلا وهو يريد أن يتوب عليك، ألم تقرأ قول الله تعالى: (ثم تاب عليهم ليتوبوا)، تاب عليهم أولاً فتابوا إليه ثانياً.

ثانياً: كلما أتاك الشيطان قائلاً: هل سيغفر الله لك؟ قل له: ومن يحول بيني وبين الله؟

واعلم أن هذه مقولة الرجل العالم لمن عصى الله، وأسرف على نفسه بالذنوب، فقال له: ومن يحول بينك وبين الله. كررها كلما وسوس لك الشيطان، قل له: ومن يحول بيني وبين ربي، أنا عبده وهو سيدي، وطبيعة العبد الخطأ، والعودة إلى الله، مع الندم، والعزم على عدم الرجوع، وقد وعد الرب الرحيم بقبول توبة التائبين، ومغفرة ذنوبهم متى ما حسنت توبتهم.

ثالثاً: كن علي يقين -أخي- أن الذي هداك للتوبة، وشرح صدرك لها قد تاب عليك، بل قد فرح بتوبتك، واستمع معنا إلى هذا الحديث عن أنس بن مالك الأنصاري خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره، وقد أضله في أرض فلاة" متفق عليه، وفي رواية لمسلم: (لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة، فاضطجع في ظلها، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح).

رابعاً: الزم الصحبة الصالحة، واستعن بالله ولا تعجز، واعلم أن الذئب يأكل من الغنم القاصية.

خامساً: لا تخبر كائناً من كان بما حدث معك، واحذر -أخي- أن تخبر والدها، أو حتى تستسمح منه أو منها؛ فالمطلوب السماح منه هو الله وحده لا شريك له، وإذا تاب الله عنك تحمل عنك ما كان منك، فلا تقلق، ولا تفكر فيما مضى، واستقبل حياتك بالإقبال على الله، والإكثار من الطاعات، وحصن نفسك بالذكر، وخاصة أذكار الصباح والمساء والنوم، ولا تسمح بالتواصل مع أي امرأة قط.

نسأل الله أن يوفقك، وأن يسعدك، والله الموفق.

www.islamweb.net