ابتليت بالإباحية منذ صغري..فكيف أتعافى منها؟

2025-02-09 23:27:58 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب، وطالب علم شرعي في السنة الرابعة، وابتليت بمشاهدة الإباحية منذ صغري إلى اليوم، حاولت مرارًا التعافي منها، ولكن دون جدوى، حتى ظننت أن الله ابتلاني بها؛ لأني لست أهلًا لحمل رسالة العلم ونشرها، مع ذلك فأنا ملتزم بالصلاة مع الجماعة، وأحفظ القرآن، وقاربت على الانتهاء من حفظه، وأبر والديَ كثيرًا، وأكره المعاصي كرهًا شديدًا، وأدعو الله دائمًا بأن أترك الإباحية نهائيًا، فأنا متعب ولا أدري ماذا أفعل!

أسألكم بالله العظيم الدعاء لي؛ لأني تعبت كثيرًا، وعاجز عن فعل أي شيء، وما هي وصيتكم لي للشفاء من الإباحية؟ وهل ابتلائي بها دليل على حب الله لي؟ أتمنى منكم الدعاء لي -جزاكم الله خيرًا-.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك معنا، ونسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يَمُنَّ عليك بالتوبة النصوح، ويُحبّبها إلى قلبك، ويشرح لها صدرك، ويُعينك عليها.

ولا شك أن شعورك هذا نحو هذه المعصية من حيث كرهك لها، وضيق صدرك منها، ورغبتك الأكيدة في التخلص منها، هذه المشاعر كلها دليل على وجود الخير والإيمان في قلبك، فقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في الترمذي وغيره، فقال: «مَنْ سَاءَتْهُ سَيِّئَاتُهُ، ‌وَسَرَّتْهُ ‌حَسَنَتُهُ، فَهُوَ مُؤْمِنٌ»، أو قال: "فذاك المؤمن"، ولهذا نحن نبشِّرُك بأنك ماضٍ في الطريق الصحيح، ولكنّك بحاجة إلى تكميل هذا الجهد، وتتميم هذا العمل الصالح، وهو الأخذ بالأسباب التي تُعينك على الإقلاع عن هذا الذنب.

ومن هذه الأسباب:
- قطع الوسائل التي تُذكِّرُك بهذه المعصية، ومحاولة إغلاق الأبواب التي تدخل منها إلى هذه المعصية، فالبيئة مؤثّرة في هذا الإنسان لا محالة، فلا تختل بنفسك مع وجود هذه الأجهزة ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، وإذا أردت أن تتصفّح شيئًا ممَّا فيه منفعة لك، فحاول أن يكون تصفحك بحضور أناس آخرين، حتى لا يُزيّن لك الشيطان النظر فيما حرّم الله تعالى عليك.

- الإكثار من دعاء الله تعالى أن يُخلّصك من هذا الذنب، وأن يتوب عليك.

- أن تتذكّر العقاب لهذا الذنب، فإن الخوف من الله يحفظ الإنسان من الانجرار وراء الشهوات والرغبات، واللذائذ تَفنى ويبقى العقاب، كما أن التكاليف والطاعات يزول عناؤها ويبقى الثواب، فهذه المقارنات مهمّة جدًّا في ترويض نفسك، وجرّها إلى التوبة والإقلاع، تُقارن بين اللذّة المؤقتة وبين العقاب بعد ذلك، وتذكُّرك للعقاب يزرع فيك الخوف ويقوّيه.

- تذكّر أن الموت يأتي فجأة، وربما يتوفّاك الله تعالى قبل أن تندم وتتوب، فتلقى الله تعالى بذلك الوجه.

- تذكّر أيضًا أن المولى سبحانه وتعالى قد يُعاقب الإنسان بسبب ذنبه، بأن يصرف رغبته عن التوبة تمامًا، كما قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {واعلم أن الله يحول بين المرء وقلبه}.

فتذكُّرك لهذه الأمور كلها (العقاب - ومباغتة الموت - وإمكان أن يصرف الله تعالى قلبك عن هذه التوبة)، هذه الأمور كلها من شأنها أن تغرس في قلبك عظمة الخوف، أو كِبر الخوف من الله تعالى، فتنزجر النفس عن اتباع شهواتها وغيِّها.

وعلى كل تقدير أنت مطالبٌ -أيها الحبيب- بأن تتوب إلى الله تعالى بعد فعلك الذنب، بأن تندم على فعله، وتعزم على ألَّا ترجع إليه في المستقبل، وتتركه، فإذا زلّت قدمك وضعفت نفسك ورجعت إلى الذنب مرة أخرى، فأنت مطالب بتوبة جديدة، فإذا استمررت على هذا الحال، فإن الله تعالى يتوب عليك، نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يَمُنَّ عليك بالتوبة، وييسّرها لك.

وكل ما ذكرته في استشارتك من الأعمال الصالحة الخيّرة التي أنت محافظ عليها ومداوم عليها؛ هي عنوان الفلاح والنجاح -إن شاء الله-، فندعوك إلى الثبات عليها، والاستزادة منها، واعلم أن الله سبحانه وتعالى برٌّ رحيمٌ، لن يُضيّع عملك، ولن ينسى ما عملت من عملٍ صالح، فإنه لا يضيع أجر من أحسن عملاً، ويجزيك بحسناتك، فاسألْه سبحانه وتعالى أن يتجاوز عن سيئاتك.

وليس بالضرورة أن يكون وقوع الإنسان في ذنبٍ من الذنوب؛ ليس بالضرورة أن يكون ذلك دليلاً على أن الله تعالى يمقته ويكرهه، ولكنّ الله تعالى قد يُؤدّب هذا العبد فيُقدّر عليه أن يقع في بعض الذنوب، ليعرف قدر نفسه، ويخاف من ربه ويكسر ما فيه من الكبرياء والغرور، وغير ذلك من الأخلاق المرذولة التي يريد الله تعالى أن يُطهّر عبدَه منها، فيُقدّر عليه الوقوع في الذنب ليتوب وينكسر.

فنرجو الله تعالى لك الخير، عجّل بالتوبة وسارع إليها وخذ بأسبابها، وستجد من ربك الإعانة والتوفيق والتيسير.

www.islamweb.net