أضعت عملي وكثرت الديون والمعاصي، دلوني على المخرج؟
2023-09-11 00:52:48 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله
أعيش مواقف من الصعب لي تفسيرها، أعيش في بيت متسخ مع أهلي، لا يذكر فيه القرآن جداً، لم تعد البركة في جميع مجالات حياتي.
أضعت عملي، ولم أجد عملاً آخر بعد، ثيابي تتسخ وتفسد بسرعة، والديون كثيرة، وغير قادر على التحكم في أفعالي، ولا أستطيع عمل العبادات، وكثرت عندي المعاصي، وهذا شيء يدمرني، وأخاف أيضاً المستقبل، وعذاب الله.
لا أعرف ما بإمكاني فعله، هل ممكن إرشادي بما جاءكم من علم؟ جزاكم الله خيراً، علماً بأني زرت أطباء ولم يجدوا شيئاً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب.
أولاً: نوصيك - أخانا الكريم - باللجوء إلى الله سبحانه وتعالى بكثرة ذكره، من التسبيح والتهليل والتحميد والاستغفار، وأشرف الذكر قراءة القرآن، فلذكر الله سبحانه وتعالى فوائده جمَّة كثيرة، ومنها: انشراح الصدر، كما قال الله: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، ومنها: التحصين من الشياطين، ودفع المكروهات، فهو شفاء، كما قال الله عز وجل: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظةٌ من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين}، وقال: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين}، وقال: {قل هو للذين آمنوا هدىً وشفاء}.
حاول بقدر استطاعتك ملء أوقاتك بذكر الله تعالى وقراءة القرآن.
أمَّا المعاصي فالتخلُّص منها سهلٌ يسيرٌ بعون الله، إذا صدقت النيّة وعزمت العزم المؤكد على ترك هذه المعاصي خوفًا من عقاب الله تعالى؛ فإن سخط الله تعالى لا تقدر السماوات والأرض على القيام له، فكيف يقوم له إنسانٌ ضعيف؟!
إذا تذكّرت عقوبة الله تعالى وآثار هذه المعاصي؛ فإن ذلك سيقوّي عزمك على تركها والإقلاع عنها.
بتوبتك من هذه المعاصي يمحوها الله تعالى وتتخلص منها، والتوبة أمرها سهلٌ يسير:
- الندم على فعل هذه المعصية.
- والعزم على عدم الرجوع إليها في المستقبل.
- مع الإقلاع عنها في الحال.
إذا فعل الإنسان ذلك فقد وعده الله تعالى بأن يمحو ذنبه، بل ويُبدِّل سيئاته حسنات، من ذلك: {إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحًا فأولئك يُبدّل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورًا رحيمًا * ومن تاب وعمل صالحًا فإنه يتوب إلى الله متابًا}، وقال: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلَّا الله ولم يُصِرُّوا على ما فعلوا وهم يعلمون * أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين}، وقال: {إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}، وقال: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم، وأنيبوا إلى ربكم}، وقال: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون * ويستجيبُ الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله}، والآيات في هذا المعنى كثيرة جدًّا.
نوصيك - أيها الأخ الكريم - بمصاحبة الصالحين والارتباط بهم والتواصل معهم؛ فإن الصاحب والجليس الصالح يُؤثّر بلا شك في مَن يُجالسهم، فحاول أن تتعرف على الطيبين في مجتمعك، وأن تتواصل معهم وتُكثر من مجالستهم وستجد لهذه المجالسة آثارًا واضحة في حياتك.
توجّه إلى الله مُحسن الظنِّ به، وأكثر من دعائه أن يُفرّج عنك الكروب، ويسوق إليك الأرزاق، وما قد قدّره الله تعالى سيصل إليك، فكلُّ شيءٍ قد كُتب قبل أن نُخلق، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كَتَبَ اللهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ)، فلا تُكثر من القلق والهم والحُزن، فما قدّره الله وما كتبه سيصلك، وأنت مطالب فقط بالأخذ بالأسباب المشروعة المباحة، فاطلب الرزق الحلال بوسائله المشروعة، وأوّل هذه الأسباب: الاستغفار، والرجوع إلى الله تعالى، وكثرة الدعاء، والبحث عن العمل المناسب لقدراتك، والمناسب لك من الناحية الشرعية، بحيث لا يتضمَّنُ ارتكاب محرّم.
أمَّا ما تُشير إليه من أنه ربما يكون أمركم وما آل إليه من الأوصاف التي وصفتها، أنه قد يكون بسبب أمرٍ خفي كالسحر أو العين أو غير ذلك؛ فنوصيك بأن لا تستسلم لهذه الأوهام، ولكن لا بأس من استعمال الرقية الشرعية والاستعانة بمن يُحسن هذه الرقية من الصالحين، المعروفين بالتمسُّك بالدّين والالتزام بالسنّة في ظاهر أمرهم، وليسوا من أهل الكذب والدجل والشعوذة؛ فإن الانصراف إليهم لا يزيد الإنسان إلَّا مرضًا إلى مرضٍ.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكتب لك الخير، ويصرف عنك كل مكروه.