زوجتي شكاكةٌ بشكل لا يوصف!!
2023-09-26 00:16:08 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أريد حلاً أثابكم الله وجزاكم خيراً.
أنا متزوجٌ منذ سنتين، وللأسف أعاني مشاكل لا حصر لها في بيتي، لدرجة أني بدأت أشكُّ في صحتي العقلية.
زوجتي شكاكةٌ بشكل لا يوصف، وسيئةُ الظنّ بي في كل أفعالي، على الرغم من أن حياتي كلها تتلخص في العمل والمنزل فقط، ليس لدي أي صديقٍ، ولا أذهب لأي مكان غير العمل أو أن أكون معها هي وابنتي، وأسمح لها بأن تتفحص جوالي في أي وقت تريد؛ ظناً مني أن هذا سوف يوقف عمل الشيطان والشك، ولكن أيضاً يظل الشك موجوداً، وكل هذا مبنيٌ على أيام الخطبة؛ حيث وجدت أني كنت أتحدث مع إناث في ذلك الوقت، وقد مر زمنٌ، وإلى الآن تشك فيّ، وأنا أقسم بالله العظيم لا أفعل أي شيء يغضب الله من يوم تزوجت إلى الآن.
يوجد أيضاً مشاكل أخرى بعيدة عن الشك، وهي كثرة الشكوى من عدم إظهار حبي لها كفاية، أو أني مقصرٌ في العلاقة الحميمة، وأيضاً أني لست متحملاً المسئولية، والله يعلم أني أساعدها في مهام البيت بسبب حملها، وأتغاضي عن أنها تعمل وتقصر في بيتها؛ حيث إننا لا نأكل أبداً أكل البيت، وكل أكلنا من مطاعم.
وأيضاً لا أستطيع أخذ موقفٍ صارمٍ تجاهها؛ حيث إنها حين تغضب تبدأ في التلفظ بألفاظٍ جارحةٍ وتبدأ في تكسير الأشياء في المنزل، وأنا لا أريد أن تحدث مثل هذه المصادمات، تكلمت مع أهلها ولكن للأسف سواء أهلي أو أهلها الكل متفقٌ على أني الرجل، وأنه يجب أن أصبر وأحتسب وأكون هادئاً ولا أنفعل؛ كل هذه الأمور بدأت تؤثر في نفسيتي، وبدأت أهمل في نفسي، وأهمل في عملي؛ لأن كل ما أريد هو إرضاؤها والحفاظ على بيتي وابنتي وابني القادم من أن يعيشوا في أسرةٍ مفككةٍ بدون وجود والدهم.
للأسف زوجتي تتابع مع دكتورة نفسية، ولكن لا تستطيع البدء في العلاج بسبب حملها، وبعد الحمل يوجد أيضاً رضاعة، وسوف يطول الوقت لبدء علاج الاكتئاب!
توجد تفاصيل كثيرة لا تتسع للكتابة هنا، ولكن هذا باختصار، فأريد أن أعرف هل أنا على صح أم خطأٌ؟ وكيف أتعامل معها؟ وكيف أحمي أولادي من وجود صراخ وخناق في البيت كل فترة وأخرى؟
أنا مقيم في دولة خليجية، وللأسف الاستشاريون الاجتماعيون قليلون، ولو وجدت فأسعار الاستشارة مرتفعةٌ جداً.
فما الحل جزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، نشكر لك حُسن خُلقك، وكريم عشرتك مع زوجتك، ونحن على ثقة تامّة - أيها الحبيب - من أن كل ما تفعله من إحسانٍ لزوجتك أو صبرك على إساءتها؛ فإن ذلك عملٌ صالحٌ لا يُضيّعه الله تعالى، فإنه سبحانه أخبر في كتابه أنه لا يُضيع أجر من أحسن عملاً، وممَّا لا شك فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رغّب الإنسان في أن يبذل خيره وإحسانه لأهله، وأن مقام الإنسان عند الله يعلو بقدر ما يكثر خيره لأهله، فقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).
فصبر الإنسان على أهله وتحمُّله ما يصدر منهم من إساءات ونحو ذلك؛ هذا خيرٌ كثيرٌ وليس خطأً، فنحن نحثُّك - أيها الحبيب - على الاستمرار في هذا السلوك الجميل وهذه المعاملة الطيبة، فتصبر على زوجتك بقدر استطاعتك، ولكن ينبغي أن تعلم - أيها الحبيب - أيضًا أن الوسط ممدوحٌ دائمًا، وكما قال الشاعر:
عَلَيكَ بِأَوساطِ الأَمورِ فإِنّها … طَريقٌ إِلى نَهجِ الصِراط قَويمُ
وَلا تَكُ فيها مُفرطاً أَو مُفرطاً … فَإِنّ كُلا حالِ الأُمورِ ذميمُ
فينبغي أن تعرف أن التوسُّط دائمًا في الأمور هو الصواب، والرسول -صلى الله عليه وسلم- أوصى بالقصد - وهو التوسُّط - في أمور كثيرة، وكما يُقال: (لا تكن لينًا فتعصر، ولا جامدًا فتكسر)، وهكذا ينبغي أن يكون حال الزوج مع زوجته، والوالد مع أولاده في بيته ينبغي أن يكون وسطًا، ليس ليِّنًا لدرجة أن يضيع دوره، ولا قويًّا شديدًا صلبًا، فينبغي أن يكون لك مواقف مع زوجتك تتبيّن فيها هذه الوسطية، فتحافظ على ما ينبغي أن تحافظ عليه من خصوصياتك كزوج.
أمَّا ما ذكرته من كونك تُعطي رسائل الطمأنة لزوجتك وتُتيح لها أن تطلع على ما يُطمئنها من أحوالك الخاصة؛ فهذا شيءٌ حسنٌ، ولكن في نظري - أيها الحبيب - أن ثمَّ بواعث ربما تبعث هذه الزوجة على كل هذا الشك الذي تعانيه منك؛ فينبغي أن تتجه همَّتُك ويتجه سعيك لمعالجة هذه الأسباب، ومن هذه الأسباب ما ذكرته أنت في استشارتك من أنها اطلعت على علاقات قديمة لك مع فتيات بمحادثات وغيرها، وطريق محو هذا أن تظهر عليك آثار التوبة بصلاح أحوالك ومحافظتك على فرائض الله تعالى.
وواضح جدًّا أيضًا أن من هذه الأسباب ما ذكرته أنت في استشارتك من أن زوجتك تُخبرك بأنك مُقصِّرٌ في العلاقة الحميمة، وربما كان هذا باعثًا للشك؛ فإنها ربما تظنُّ أنك على علاقات مع نساء أخريات، فنصيحتنا لك أن تتعامل مع هذه الأمور بجدّية، وأن تسعى في الأخذ بالأسباب المشروعة، ومدافعة أقدار الله بأقدار الله، فإذا كنت تعاني فعلاً من تقصير في هذا الجانب فينبغي أن تتوجّه إلى الأطباء، وتحاول الاستشارة والاستعانة بهم لمعالجة هذا الوضع، فإنه وضعٌ مهمٌّ جدًّا ومؤثِّرٌ في استقرار الحياة الزوجية.
نحن نُثني - أيها الحبيب - على حرصك على تماسك هذه الأسرة وعلى عدم التسرُّع في اتخاذ قرارات تؤدي إلى تفكُّكها، وهذا من رجاحة عقلك، وسيتولى الله تعالى عونك وتيْسير الأمور لك ما دمت تنوي الخير.
ينبغي أن تكون - أيها الحبيب - ممارسًا لدور الموجِّه والمُشرف على هذه الأسرة، وأنت صاحب القرار فيها، فينبغي أن تمنع ما لا ينبغي أن يُفعل، وتعرف الزوجة بأن لك قرارات لابد أن تمضي في الأسرة، وبهذا تستعيد مكانتك في نفس هذه الزوجة.
نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن ييسّر لك الأمر ويُعينك على الخير ويُقدّره لك.