عدم التوافق بين الزوجين وكيفية معالجته للحفاظ على كيان الأسرة
2006-05-31 10:55:39 | إسلام ويب
السؤال:
تزوجت منذ نحو سنة ونصف من فتاة، الزواج كان تقليدياً ولم يكن وليد حب، وفترة التعارف كانت محدودة جداً، خصوصاً وأن الزواج كان على سفر، زوجتي متعلمة ومن أسرة متواضعة، أعترف بأن خبرتي في الزواج ليست كبيرة، وأثناء الخطبة اعتقدت أني اخترت الإنسانة المناسبة، ولكن صدمت بعد الزواج بأن اختياري لم يكن موفقاً.
بدأت المشاكل قبل الزواج بأيام، لم أكن قادراً على الانسحاب لما في ذلك من إحراج لي ولها، الخلاف يكمن في العقلية فنحن لا نتفق، تحولت إنساناً عصبياً، وحساساً للغاية، أكره تصرفاتها، فهي ليست حنونة علي ولم تبادلني مشاعر المحبة من بداية الطريق، وأنا كذلك، حاولت مراراً وتكراراً أن أخبرها بأن تصرفاتها غير محببة، لا تزن كلماتها ولا تراعي مشاعر الآخرين.
هي عنيدة متعنتة، لا تتمتع بأفق رحب، ولا بروح طيبة مرحة، ليست متواضعة، تهتم بالشكل أكثر من أي شيء، محبة للمظاهر، متكلفة لا تعرف أن تتواضع، اتكالية في بعض الأحيان، ليس لديها أية خبرة في التعامل، تحب منطق الفرض وهو ما أرفضه على الإطلاق، لا تعرف أن تعبر بكلمات طيبة، تحب أن تكون مثل بنات هذا العصر مع أني إنسان تقليدي، ومع أي موقف أو خطأ يصدر مني تبادر بالعبوس وهو أكثر ما أكرهه، وأبلغتها بذلك أكثر من مرة، وهناك دلع زائد وأنانية.
أعترف في الوقت نفسه بأني كنت قاسياً عليها، ولم أتغاض عن أخطائها، تعمدت إهانتها والإساءة إليها وإلى أهلها نتيجة عصبية زائدة تفقدني كل صواب، وصلت مرة إلى حد الضرب، وهي كانت ترد الإساءة بإساءة، وهددتها مراراً بالطلاق، اعترفت لها بأن علاقتنا كانت خطأ، وبأني كنت لا أتمنى أن يحصل هذا الزواج، لجأت أنا وهي مرات ومرات إلى أهلي وأهلها وحاولوا التدخل مراراً لإصلاح ذات البين، كانت ثمرة هذا الزواج طفلاً، وراهنت أن يغير الطفل ما بيننا، لم ألمس التغير المنشود، ولم أستطع أن أتغير بما يرضيها.
أخشى الطلاق وحتى الزواج من امرأة أخرى، مخافة رب العالمين، وخوفاً على ولدي، لا أبخل عليها بالمال ولا بأي شيء، ولكن لا تقابلني بشكر وامتنان، ولم تشعرني لحظة بالدفء والحنان والحب، وهو أكثر ما أحتاجه وأرغب به، تحولت حياتي إلى جحيم منذ تزوجتها، أفقد الثقة والطمأنينة معها، أعيش غربة مشاعر، أشعر بأن شيئاً لن يتغير، وبأن هذا الزواج إن استمر فسيظل تعيساً وسيتسبب بالمزيد من الألم والكآبة لي ولها.
للأسف ليس هناك مشاكل جوهرية بقدر ما هي طباع مختلفة غير قادرة على الاتفاق، أعترف بأن لدي أخطاء وزلات على مستوى التعاطي معها، سعيت جاهداً لأن أتحلى بالصبر والتروي ولكن لم أنجح، قد يكمن المشكل بأني صريح زيادة عن اللزوم في بعض المرات، وبأني صاحب عقلية قديمة لا أحب الغلط، ومتهور في بعض الأحيان، أرغب بتغيير جذري يعيد وصل ما انقطع، أرغب بأن أكون سعيداً، وأتطلع لأغير جو هذا البيت؛ حرصاً على سلامة طفلي النفسية مستقبلاً، فهل سأكون قادراً على التغيير؟ أم أن الطلاق أرحم لي ولها؟
أريد من يأخذ بيدي ويرشدني إلى الصواب، فأنا إنسان أصلي وأخاف رب العالمين، ولا أريد الخراب، ولو أردته لما صمد هذا الزواج لهذه المدة، وأعرف أني أقع في أخطاء ولكن كيف الطريق إلى تجنب الزلات، وكيف يمكنني أن أغير طباعي وطباع زوجتي، للأسف نجحت في عملي، وأتمتع بعلاقات اجتماعية جيدة مع أصدقائي وزملائي في العمل، ولكن أقر بفشل حياتي الزوجية وأسعى إلى إنقاذها، فهل الأمر لا يزال ممكناً، أم الانفصال أفضل لتجنب المزيد من الأسى والويلات؟
وشكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسن حبلي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإنني أدعوك إلى تذكر الإيجابيات في هذه الزوجة وكتابها في ورقة صغيرة والتأمل فيها بصدق ثم تقديم هذه الورقة لزوجتك، وحبذا لو كتبت لها يعجبني فيك كذا وكذا ولا تذكر في تلك الورقة أي سلبية من السلبيات، ولا بأس من أن تطلب منها أن ترد عليك بورقة مماثلة، وكنت أتمنى أن أسمع منك كلمة واحدة عن إيجابياتها، فإنه لا يوجد إنسان إلا وفيه جوانب مشرقة، فإن لم يظهر لك شيء! وهذا شبه مستحيل! فقل أن ثيابها نظيفة، أو قل لنفسك لعل عندها إيجابيات لا أعرفها.
ولا يخفى عليك أن العام ونصف العام لا تكفي للتعارف، بل هي فترة التجاذب والصراع الذي تستقر بعده الحياة الزوجية، ويتعرف كل منهما على طبيعة الشريك، ولن يحصل اللقاء والوفاق إلا إذا تنازل كل طرف عن بعض الأشياء ليكون اللقاء في منتصف الطريق، ومن المهم جداً أن نتذكر ما قاله أبو الدرداء لزوجته في ليلة البناء ( إذا غضبتُ فرضيني وإذا غضبتِ رضيتك، وإلا لم نصطحب).
واعلم بأن التغافل عن الصغائر من خلق الكرام، خاصة مع الزوجة التي يلازمها النقص والخلل، لكونها خلقت من ضلع أعوج، وإذا أدرك الرجل طبيعة المرأة وتذكر الأحوال التي تمر بها سهل عليه التعامل مع زوجته، وتجنب القسوة وابتعد عن التوبيخ، فقد نص على النهي عن ذلك رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال: (ولا تضرب الوجه ولا تقبح) لأن المرأة لا تنسى الكلمات القبيحة والمواقف السلبية، وتجنب الإساءة لأهلها؛ لأن ذلك يؤثر جداً عليها، واعلم أن الذين يضربون نساءهم ليسوا من الخيار، ولا تحاولوا إخراج المشاكل من البيت.
وأرجو أن تبدأ التغيير في نفسك، وذلك لأن الله يقول: ((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ))[الرعد:11]، ولا خير في الطلاق! إنما الخير في الوفاق، واحمد الله الذي لم يجعل الخلافات جوهرية، فأن المشاكل الطفيفة مثل الملح للطعام، سوف تصبح غداً من الذكريات وأنت تشكر على إرادتك للخير وعلى رغبتك في الاستمرار، ولا شك أن نجاحك في العمل دليل على قدرتك على النجاح.
ولا شك أن الحياة الزوجية تحتاج إلى شفافية واحتمال وصبر وتذكر للحظات الجميلة والأيام المشرقة، ولن يخيب الله رجلاً يصلي ويصوم ويخاف من الله رب العالمين، وعليكم بكثرة اللجوء إلى من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.
وفي الختام نوصيكم بتقوى الله وطاعته، فإن البيوت تصلح بطاعتنا لله، واحرصوا على الاستمرار لمصلحة هذا المولود الذي يتضرر من الفراق، واعلم بأنك لن تجد امرأة بلا عيوب، ولن تجد زوجتك رجلاً بلا عيوب، وكفى بالمرء نبلاً أن تعد معايبه!
وبالله التوفيق والسداد.