أريد منع أخي ميراثه لأنه ظلمني ومنعني ميراثي، فما رأيكم؟
2025-03-05 01:28:26 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
نحن عائلة مكونة من ستة أخوة، لدي أخ منذ أن كان بعمر 16 سنة يحاول حرماني أنا وأختي من أملاك أبي، كان أبي -رحمه الله- يسايره ويقوم بإعطاء المال للذكور، وحرماننا أنا وأختي منه.
قام أبي بتشجيع من أخي بتوزيع أكثر من نصف ماله للذكور، مات أبي قبل أن يستطيع أخي إكمال المهمة وأخذ باقي المال. شرعًا: نحن نشاركه في الميراث، ولكن بسبب ظروف الحرب بقيت حصتي من الميراث دون أن أخذها.
بعد مرور أكثر من إحدى عشرة سنة طالبت بحصتي، فقام أخي بمحاربتنا بجميع الطرق حتى لا نحصل على شيء، تكلم علينا بكلام لا يستطيع شخص أن يسمعه من عدو، وأظهر كرهًا لا يوصف.
أمي كانت سلبية نوعًا ما؛ لأنها تفضل الذكر على الأنثى، وخصوصًا في المال، تعتبر المال من حق الذكر، وهكذا ربت أبناءها، هي أيضًا تخاف من أخي، فهو يملك لسانًا سليطًا حتى على أمه -يقذفها-!
ذهبت للقضاء وحصلت على حقي، والآن هو يريد أن يثبت حقوقه، ويحتاج مني وكالة للتصرف في ميراثه، كنت قد حلفت يمينًا، ووضعت يدي على المصحف أن لا أعطيه شيئًا من ميراثه، إلا وقد عذبته مثلما فعل معي، ولكن الآن، أمي تتوسل لي أن أعطيه دون مشاكل؛ لأنه يهدد أنه سوف يستولي على مال أخي الآخر، إذا عاملته بالمثل، وأنا لا أريد أن أضر غيري.
فماذا أفعل من أجل اليمين؟ أريد أيضًا أن أقطع صلتي به نهائيًا لأنه إنسان يضمر لي شرًا وكرهًا، ويكرهنا بطريقة غريبة، الكره له سبب واحد، وهو حب المال بشكل جنوني، فهل قطيعتي له فيها إثم؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، وسعدنا جدًّا بنيلك لحقِّك رغم الصعوبات التي واجهتكِ، ولن يضيع حقٌّ وراءه مطالب، وإذا كنت قد نلت حقّك، فنتمنَّى ألَّا تحرمي هذا الأخ من حقه رغم ظلمه، فظلمه على نفسه، ولا تُجاري ظلمه بظلمات، ولا تتسبّبي أيضًا في إلحاق ضرر بأخ آخر كما أشرتِ، وكل هذا دليل على تميُّزك ورغبتك في الخير.
أمَّا بالنسبة للوالدة، فنسأل الله أن يغفر لها، واجتهدي دائمًا في طاعتها، وفي الإحسان إليها، وفي الوفاء لها، حتى لو قصّرت؛ لأنها تظلُّ والدة.
وبالنسبة لهذا الأخ نتمنَّى أيضًا وإن أضمر العداء ألَّا تُضمري له العداء، فإن هذه صلة الرحم، وتستطيعين أن تجعلي علاقتك معه سطحية، لكن لا تجعليها قطيعة، ولا تجعليها عداء، وإذا هو حمل هذه النفسية السلبية تجاهك، فلا يضرُّ إلَّا نفسه، ولكن وأنت تواصلت مع موقع شرعي نحن ندعوك -وقد أخذت حقك بتوفيق من الله تبارك وتعالى- أن تحاولي ألَّا تظلميه، ولا تُقابلي ظلمه بالظلم، ليبقى لك الأجر والثواب عند الله تبارك وتعالى.
ويُؤسفنا أن نقول: نمط التنشئة التي فيها تفضيل الذكور على الإناث تكادُ تكون في كثير من البلاد، رغم أن شرع الله تبارك وتعالى لا يُحابي، وهو الذي قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن أعطى ولده وترك الآخرين: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) فالعدل شريعة الله، وبعد وفاة الوالد لا بد أن تأخذ الأحكام الشرعية -خاصة في أمر الميراث- مكانها، وقد اقتضت حكمة الشريعة أن تكون البنات من أصحاب الفروض، وذلك صيانة لهذه الحقوق، وهذه حكمة الحكيم العليم سبحانه وتعالى.
إذًا: نحن ندعوك إلى أن تحمدي الله الذي وفقك ونلت الخير، أن تساهمي في مساعدة بقية إخوانك، الأخ الذي لم ينل حقه، ألَّا تظلمي هذا الظالم الذي أراد أن يظلمكم مهما كان، أن تُبقي شعرة العلاقة ولو في المناسبات، ولو بالسؤال عنه، ونسأل الله أن يُعينك على الخير؛ لأن هذا أيضًا ممَّا يُرضي الوالدة وممَّا يُسعدها، بل هو لون من البر للوالدة عندما تتواصلون في ما بينكم، والإنسان الذي أخذ حقه، فهذا هو المطلوب، وبعد ذلك أرجو أن ترجع الأمور إلى وضعها الطبيعي.
وبالنسبة لليمين التي حلفتها، فيجوز لك أن تفعلي خلافها وتكفري عنها، فعَنْ أَبي هُريْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: (مَنْ حلَف عَلَى يَمِينٍ فَرأَى غَيْرَها خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، ولْيَفْعَل الَّذِي هُوَ خَيْرٌ) رواهُ مسلم. يقول الشيخ ابن باز -رحمه الله- تعليقًا على هذا الحديث: (الحاصل أنَّ الإنسان إذا حلف على يمينٍ، وتبين له بعد ذلك أن تركها أصلح، وعدم المضي فيها أصلح، فإنَّه يُكفِّر عن يمينه، مثل: حلفه "والله ما أزور فلانًا"، ثم تبين له أن زيارته أنسب، فيها مصالح، فيها تعلّم علمٍ، فيها دعوة إلى الله؛ يُكفِّر عن يمينه ثم يزوره، أو "والله ما أتكلم مع فلانٍ" فيهجره، ثم تبين له أنه غَلِطَ، وأنه لا يستحق الهجر؛ يُكفِّر عن يمينه).
فاحمدي الله تبارك وتعالى أن يسّر لك أخذ هذا الحق، وإن كان منقوصًا أو متأخرًا، لكن الحمد لله أنك نلت حقك، ونسأل الله أن يبارك لك فيه.
والله الموفق.