أريد البر بأمي لكنها تُخرجني عن طوري ..فما هو الحل؟
2024-03-19 02:13:30 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله.
أمي دائمًا تثير غضبي، في أي موضوع عادي تقوم بتكبيره، وتجعله معضلة وهو شيء عادي، وتستفزني بالكلام، وإذا أخطأت تظل تعيد ذكر خطئَي حتى أكره نفسي.
أنا أحب والدتي، وأريد البر بها، ولكن أحياناً تخرجني عن طوري، ومن ثم أحزن أني قلت كلامًا يجرحها، وتعاقبني بعدم الكلام معي لمدة أسبوع؛ مما يجعلني أتحطم نفسيًا، علمًا أني بلغت وعمري 18، ولكن لا أعلم كيف أتصرف، فما هو الحل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب. نشكر لك تواصلك معنا، كما نشكر لك أيضًا حرصك على بِرّ أُمّك وتجنب العقوق والوقوع في معصيتها، وهذا من رجاحة عقلك، ونسأل الله تعالى أن يتولى عونك، وييسّر لك أنواع الخيرات، ومنها البر بأمك والإحسان إليها.
ونوصيك أولًا - أيها الحبيب - بأن تلجأ إلى الله سبحانه وتعالى أن يُعينك على الطاعة، فإننا بحاجة إلى أن نستعين الله تعالى في عبادته وطاعته، ونحن نقرأ في كل ركعة في صلاتنا قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]. فاسأله سبحانه وتعالى أن ييسّر لك بِرّ أُمّك ويُعينك على نفسك، وأكثر من قول: (اللهم ألهمني رُشدي، وقِني شَرَّ نفسي).
ثانيًا: ينبغي أن تعلم - أيها الحبيب - بأن عقوق الأم من كبائر الذنوب، كما أن برَّها من أجلِّ الطاعات، وقد أخبر النبي (ﷺ) أن الجنّة عند قدمها، وأن أفضل أبواب الجنّة بر الوالد، فقال (ﷺ): (الوالد أوسط أبواب الجنّة) يعني أفضل أبواب الجنّة.
ومن ثمَّ إذا ذكّرت نفسك دائمًا بالإثم المترتّب على العقوق وإغضاب الأُم، وذكّرت نفسك في المقابل بالثواب الذي أعدّه الله تعالى لك إذا بررت أُمّك وأحسنت إليها، فتذكُّرك لهذا الثواب وذلك العقاب سيُعينك - بإذن الله تعالى - على ضبط أعصابك والتحكُّم في نفسك وقت الغضب، وبالتدريج ستجد نفسك - بإذن الله تعالى - مع مرور الأيام وصلت إلى الغاية المطلوبة.
ثالثًا: ينبغي أن تتجنّب - أيها الحبيب - كل ما من شأنه أن يُغضب أُمّك عليك قبل وقوعه، حتى تتمكّن من تجنّب ما يترتّب على ذلك من الإساءة والعقوق، وقد قال النبي (ﷺ) للصحابي الذي جاء يطلب منه الوعظ والنصيحة والتوجيه، قال له: (لا تغضب) وكرر ذلك ثلاثًا، والمقصود بـ (لا تغضب) أي لا تتعاطى الأسباب التي تؤدي بك إلى الغضب. فينبغي لك أن تتجنّب ما من شأنه أن يُثير غضبك أو أن يُغضب أُمك عليك قبل وقوعه.
رابعًا: نوصيك - أيها الحبيب - بأنه إذا وقعت في الخطأ فإن هذا ليس هو نهاية الأمر؛ فإن الخطأ متصور من كلِّ واحدٍ مِنَّا، فـ (كلُّ بني آدم خطَّاء) فلا ينبغي أبدًا أن تقف عند الخطأ، بل عوّد نفسك على المبادرة والمسابقة إلى إصلاح هذا الخطأ بالتوبة إلى الله، وطلب المسامحة والعفو من أُمِّك، فإذا فعلت ذلك فإن الله تعالى يغفر لك ويمحو عنك.
وقد قال سبحانه وتعالى في آيات البِرِّ في سورة الإسراء بعد أن وصَّى بالوالدين، بعد أن قال: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 24] قال: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا} [الإسراء: 25].
فإذا علم الله تعالى منك الصدق والعزم على البِرّ والإحسان، ولكنك وقعت في هفوة؛ فإنه يغفرها لك.
أمَّا ما ذكرته من أن أُمّك هي التي تُغضبك؛ فإن هذا في الحقيقة ليس عُذرًا، فإنها وإن أساءت فحسابها على الله تعالى، ولكنّ ذلك لا يُبرّر لك أنت الوقوع في عقوقها والإساءة إليها، وقد قال سبحانه في كتابه الكريم: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15] ، فمع مجاهدتهما للولد على أن يكفر بالله تعالى؛ أمره الله تعالى بأن يُحسن معاشرتهما وصحبتهما، ونهاه عن طاعتهما في معصية الله تعالى.
فنوصيك مُجددًا بالاستعانة بالله تعالى للتغلُّب على ما يعتريك وينزل بك من الغضب، وعوّد نفسك العمل بالتوجيهات التي أسلفنا، وستجد نفسك - بإذن الله تعالى - تتغلَّب على هذه المشكلة شيئًا فشيئًا.
نسأل الله تعالى لك التوفيق.