أرغب بالزواج وتكوين أسرة وأهلي ينظرون لي بأني صغير!

2025-03-11 03:22:09 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عمري 16 سنة، ولا يعجبني أن ألقب بالمراهق، لأن هذه الكلمة تسببت في نظرة المجتمع إليَ بنوع من التقليل، وجعلت الزواج -الذي يعف المرء ويبعده عن المحرمات- أمرًا متعلقًا بمن هم فوق الـ 20 سنة.

ليست هذه هي المشكلة، لأنني شئت أم أبيت لن أستطيع تغييرها، ولكن مشكلتي أنني أريد الزواج، وتعوقني عدة أمور:

1- أنا عاطل عن العمل، لكنني بدأت منذ فترة بتعلم البرمجة، ثم توقفت لعدة شهور، وسأعود لها -بإذن الله-، ولكن المشكلة حتى لو عدت، فإن تعلم البرمجة يحتاج إلى سنتين، وبعد ذلك يتطلب الأمر الكثير من الوقت لبناء مشاريع تجريبية لجذب العملاء، وهو ما أظنه ليس سهلًا.

2- حاولت أن ألمَح لأمي برغبتي في الزواج، لكنها قابلت ذلك بكثير من التقليل من شأني، إضافة إلى صرف الحديث عن هذا الموضوع؛ ممَّا أدى إلى شعوري بفقدان الأمل.

2- إخوتي الكبار يتمسكون بعاداتنا وتقاليدنا، والتي تقضي زواج البنات الأكبر أولًا، وأنا تسبقني أختاي الكبرى والصغرى، فكيف سأنتظرهنَّ؟

3- إن رزقني الله عملًا ووفقت بالبرمجة، وتزوجن أخواتي سريعًا -فهو سبحانه وتعالى قادر على كل شيء-، ورزقني الله الزوجة الصالحة والذرية، فكيف سأربيهم؟ وأنا لا أريد أن يكون أبنائي مجرد عوام، بل أطمح لأن يكونوا علماء وأئمة، كما أدعو الله أن أكون كذلك، وهذا الأمر يتطلب علمًا وفيرًا، وأن أكون فقيهًا في ديني، ولديَّ الكثير من العلم.

4- شعوري بعدم نضجي الكافي للزواج ينبع من أمور عدة، فمثلًا قد أعجب بفتاة في سني، لكن يقل إعجابي بها بعد الزواج، وهذا مجرد مثال، وهناك أمثلة أخرى: كعدم قدرتي على التصرف في المعاملات الحكومية، أو وقوع مشاجرات على أتفه الأسباب، أظن أن الفكرة وصلتكم.

5- شعوري بصعوبة العثور على فتاة للزواج في هذا العمر يزداد، خاصة أنني أريدها حسناء، وذات خلق ودين، وأطمح أن تكون كأمهات الأئمة في دينهن وتربيتهن، فمن الصعب تحقيق هذا التوازن في هذا العمر، وفي مجتمع قد يحرمني من الزواج بها، حتى وإن وجدتها.

توجد أمور معينة أخرى، الشقة -ولله الحمد- موجودة، وحالة أسرتي المادية متوسطة، وأبي قادر على تجهيز أخواتي، ولا أعلم بعد تجهيزهن هل سيكون قادرًا على تجهيزي أم لا، وأنا أشعر أن الزواج في حالتي مهم؛ لأنه يعصمني من الفتن، ويحسن نفسيتي، ويزيد من الإنتاجية، ويعينني على العمل الصالح.

آسف على الإطالة، وأسال الله أن ينفع بكم ويسددكم، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا -أخانا وابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك حسن العرض للاستشارة، وقد أسعدتنا رغبتك في الحلال، وأيضًا في وضوح الأهداف التي تريد أن تبني حياتك عليها، ونسأل الله أن يُعينك على الخير، وأن يُقدّر لك الخير، ثم يُرضيك به.

هذا الطموح الجميل العالي يحتاج منك إلى همّة عالية، ويحتاج إلى أن تبدأ بنفسك، فالشاب الذي ينشأ في عبادة الله تبارك وتعالى يستطيع أن يُؤسس ذريّة طيبة صالحة، وهذا متاح، فابدأ بإصلاح ما بينك وبين الله تبارك وتعالى، وتقرّب إلى الله بالسجود والخضوع والركوع، وحاول أن تطلب العلم الشرعي، ونظم وقتك، فإنك تستطيع أن تفعل ذلك.

واحرص دائمًا على أن تكون إلى جوار الأسرة والوالدين؛ حتى تُبرز لهم ما عندك من ثقةٍ ونضج، واعلم أن الوالدة قد تراك صغيرًا؛ لكن بالتصرفات وحسن التعامل مع المواقف تتغيّر الصورة عند الوالدين، وأيضًا هذا نوع من التأهيل للإنسان، لبناء حياة زوجية مستقرة.

مسألة العادات وحرص الأهل على أن يكون الزواج بالترتيب، تتزوج الكبرى ثم التي بعدها ثم التي بعدها، هذا أيضًا من الأمور التي ينبغي أن يُوضع لها اعتبار، لكننا نتفق جميعًا أن هناك تجاوزات في بعض الأحوال، ولكن هذه التجاوزات عندما يتركون الأكبر ويتزوج الذي بعده أو العكس؛ هذا يحصل في كثير من الأماكن، ولذلك لا تشغل نفسك بهذا الجانب، وإنما عليك أن تشغل نفسك بأن يكون عندك الإعداد النفسي، والتأهيل، والنضج الذي يُقنع الوالدين، ونسأل الله أن يُعينك على الخير.

والإنسان إذا وضع أهدافًا جميلة وعالية، فلا بد أن تكون له خطة مصاحبة، ونعوذ بالله من العجز والكسل؛ لأن العجز نقص في التخطيط، والكسل نقص في التنفيذ، ومن حق الإنسان أن يطلب الفتاة التي يراها جميلة، تُسعده وتعينه على الثبات على هذا الدين، فإن مَن تزوج فقد استكمل نصف دينه، فليتق الله في النصف الآخر.

وعليه أرجو أن تبدأ بخطوات عملية تطور معها المهارات، وتدرب نفسك على تحمُّل المسؤوليات، وتحاول أن تستفيد من وقتك، لتستفيد من الجانب الشرعي، وتتعلّم، أنك تريد ذرية -كما تقول- على طراز الأئمة والفضلاء، وهذا يحتاج إلى بيئة فيها الخير.

ولا ننصح بالدخول في تجربة عاطفية مبكرة، بل ينبغي أن تهتم بهذه الأشياء، ثم بعد ذلك أشرك الأسرة في الاختيار، وسر إلى حياتك الزوجية وأسسها بخطوات واثقة، وأسس بنيانك على تقوى من الله ورضوان، ونسأل الله أن يُعينك على الخير.

هذا المشوار والمشروع المهم ينبغي أن يبدأ بخطوات ثابتة، وأرجو ألَّا تتبعثر عندك الاهتمامات، حدد أهدافك بوضوح، اكتبها في ورقة، وابدأ مثلًا بتنمية الجانب الإيماني، وتنمية الجانب العلمي، وتطوير للجانب المهاري، وتطوير جانب العلاقات خاصة بين الأسرة، والقيام بواجبات تدريب على تحمّل المسؤوليات، ولا تظنّ أن هذا كله يحتاج إلى أوقات مختلفة، بل بتنظيم الوقت، كل هذا يمكن أن يحدث بعد توفيق الله تبارك وتعالى.

نسأل الله أن يُعينك على الخير، وأن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

www.islamweb.net