المشاكل الحياتية، والتغلب عليها

2025-03-12 02:11:48 | إسلام ويب

السؤال:
السىام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا حاليًا أعاني من قلق كبير وتوتر، سأشرح لكم ما أعاني منه، يمر أسبوعان أو ثلاثة أكون ملتزمة فيها، وأرتب منزلي، وأحب الحياة، ثم تمر فترة أسبوع إلى عشرة أيام، أدخل في حالة ضيق وفتور ولا مبالاة، أرتب وأنظف وأنا في ضيق.

عانيت في الماضي من السحر لمدة سنوات، وهذا سبب لي حالة نفسية صعبة، وقلقاً مستمراً، أحاول أن أتغير، لكن ظروف حياتي ليست بالسهلة، لدي خمسة أبناء، أصغرهم لم يتجاوز السنة، أشعر أن وقتي ليس بيدي، وحياتي مكرسة لهم، لا أستطيع التغيُّر أو التقدم.

زاد من قلقي تغيير سكني، فقد كنت أحب بيتي السابق، كان مشمسًا، وله شرفات عديدة، وكنت أشعر بتحسن عندما أجلس مع أولادي، أما منزلي الحالي فإنه يفتقر للشرفات والشمس، وأندم كثيرًا لأنني غيرت مكان سكني، وللأسف أعاني من سوء الجيران، فهم يسبِّبون لنا مشاكل وأذى، وهذا ما يزيد نفسيتي سوءًا.

أنا ضائعة ولا أعرف ماذا أفعل، أدعي ربي بأن يصلح حالي، فقد ضاق صدري، وأحاول أن ألتزم بالصلوات والقرآن، إلَّا إني أحيانًا أقصر ولا ألتزم.

أحاول أن أحاور زوجي في المشاكل التي أمر بها وما أنا به، خصوصًا أني أنا من أصررت على الانتقال من منزلي القديم؛ لأنه كان بجانب من سببت لي السحر، لكنه لا يفهمني، لا أجد من أشكو له ضعفي وحالي.

أشكركم، وأرجو أن أخرج من الضلال والضعف، وأرجع إلى القوة والثبات.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ناريمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يُقدِّر لك الخير حيث كان، وأن يصرف عنك ما ألمَّ بك، إنه جواد كريم، وبعد:

بداية نحمد الله الكريم أن رزقك الزواج، فهي نعمة عظيمة محروم منها آلاف الأخوات الصالحات، ثم تفضل الله عليك وأكرمك بأن رزقك الأولاد، وتلك -والله- من أنعم نعم الله عليك، ولو جالست إحدى أخواتنا اللاتي لا ينقصها دين ولا خلق، لعلمت فضل تلك النعمة، ثم عافاك الله من شديد الأسقام، وهذا من فضل الله عليك؛ فإن بعض الأخوات يستيقظن صباحًا للذهاب إلى المستشفى لغسيل الكلى -عافاك الله تعالى- ويبقين طيلة اليوم حتى ينتهين، ثم يرجعن إلى بيوتهنَّ فيعانين ألم الغسيل يومًا كاملًا، لتبدأ اليوم التالي في الغسيل مرة أخرى، هذه حياتهن، فالحمد لله على نعمه الكثيرة.

لماذا نقول لك ذلك -أختنا الكريمة-؟ لأن المشكلة القائمة لها فرعان:

الأول: ما عانيته من السحر، عافاك الله منه.
الثانية: ما يحاول الشيطان إيهامك به بأن حياتك مضطربة ومتوقفة، وليس فيها ما يستحق الحياة، والروتين بها أصبح قاتلًا، والشقة لا يوجد لها متنفس جيد، وهكذا يتسلط الشيطان عليك، لينقلك من مشكلة إلى أخرى، حتى يُوصلك إلى ما أنت فيه، والحق أن كل المشاكل التي تحدثت عنها هي في الإطار الطبيعي، فما من بيت إلَّا وفيه بعض ذلك أو أكثر منه، ولأجل التغلُّب على ما أنت فيه؛ عليك دائمًا تذكر نعم الله عليك، تذكريها وأسمعيها نفسك، فإن الإنسان إذا أكثر ذكر النعم، أُعين على الشكر، ثم على حل المشاكل، وكان أقدر على التعامل معها.

أختنا الكريمة: لقد انتقلت من شقة كان بجوارها سحر أو ساحر، إلى مكان آخر ليس فيها هذا الداء، وهذه الانتقالة وحدها نعمة تستحق الشكر، وإلَّا حدثينا ما الفائدة من قَصْرٍ فيه كل شيء، وبجوارك جار مؤذٍ لا يسلمك ولا يتركك، لذا احمدي الله أن سلَّمك وسلَّم أولادك، واستعيني على التأقلم مع الشقة القائمة، بتضخيم مميزاتها، حتى يأذن الله تعالى بشيء أفضل لك.

أختنا الفاضلة: أنت -الحمد لله- على خير، وستتجاوزين هذه المشكلة -إن شاء الله- ونحن نوصيك بعدة أمور:

1- كوني على يقين بأن الله يبتلي من يحب، لحكمة يعلمها هو سبحانه، وأن العبد الصابر على البلاء كالعبد القائم العابد في محرابه، فكلاهما يتعبد، وكل بلاء عُقباه مع الصبر خيرٌ لا محالة، يقول النبي (ﷺ): (عَجَبًا ‌لِأَمْرِ ‌الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ) هل انتبهت إلى الكلمة الأخيرة، (وَلَيْسَ ذَلكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ)، فهوِّني على نفسك، واعلمي أن الله يحبك.

2- أي بلاء هو ضعيف أمام تمسك العبد بالله، فلا يقوى البلاء مع القلوب الموصولة بالله، فحافظي على الصلوات، وأكثري من صلاة الليل، وحدثي ربك بما ألمَّ بك، وسليه أن يصرف عنك ذلك، وثقي أن الله يستجيب للعبد ما لم يعجل.

3- وثقي علاقتك بأهلك وببعض الأخوات الصالحات، حتى لا تكوني فراغًا يعبث فيه الشيطان.

4- حددي الأشياء الجميلة في حياتك ونميها، ولا تجعلي الشيطان يقنعك بأنك في كرب وشدة وبلاء لا يمكن تحمله، هذا خطأ، ونحن نقول لك: في حياتك أشياء جميلة جدًّا، فأنت مسلمة، وغيرك بالله كافر، وأنت تعيشين في بيتك بين زوجك وأولادك، وغيرك يعيش بلا مأوى، وأنت آمنة في بلدك، وغيرك مُشَتَّت لا يعرف مكانًا يرتحل إليه ولا منه، وأنت كاملة الأعضاء، وغيرك أعمى، أو أبرص، أو أصابه الشلل، أو ابتلي بالسرطان، عددي ما أنعم الله عليك، تجدين أمورًا كثيرة تستحق أن يحافظ عليها بالشكر.

5- أكثري من أذكار الصباح والمساء، فهذا حصن المؤمن من الشيطان.

6- حافظي على قراءة سورة البقرة كل ليلة، أو على الأقل الاستماع إليها؛ فإنها كافية وشافية بإذن الله.

7- اجتهدي في خلق مناخ طبيعي للحديث مع زوجك، ويعينك على ذلك عدم الحديث في الهموم والمشاكل والآلام، فإن الرجل مهما كان حبه لزوجته وأولاده، لا يحب كثرة الشكوى.

أكثري الدعاء لله، واعلمي أنك معانة ما التزمت بطاعته، وإنا نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يُقدِّر لك الخير، والله المستعان.

www.islamweb.net